لاءات البشير.. ولاءات الأعرجي

علي حسين 2012/10/21 08:32:00 م

لاءات البشير.. ولاءات الأعرجي

في العام 1967 أعلن العرب في قمة الخرطوم لاءاتهم الثلاث الشهيرة، لا للاعتراف بإسرائيل، ولا للتفاوض معها، ولا للسلام معها. وبعد أربعين عاما ضاعت فلسطين وأقام العرب علاقات مودة وحب مع إسرائيل ولم يجد الرئيس السوداني عمر البشير في قمة الخرطوم عام 2006 سوى أن يعيد اللاءات العربية، ولكن بصيغة جديدة فخرج علينا  ليقول: لا للإنكار كائن من كان للخيار الديمقراطي لا لمعاقبة الشعب على ممارسة حقه في اختيار من يحكم، ونقول لا للرضوخ والاستكانة.
بعد خمس سنوات وقف البشير نفسه ليرد على المعترضين على جلد فتاة سودانية  لأنها ارتدت البنطلون ليقول ساخرا "البعض يتحدث عن الفتاة التي جلدت  وفق حدود الله والذين يقولون انهم خجلوا من هذا عليهم ان يغتسلوا  ويصلوا  ركعتين ويعودوا للإسلام"  في هذه الاثناء نسي البشير لاءاته، والسودان الذي يتحدث عنه تحول إلى دولتين ويعاني من العقوبات الدولية ورئيسه الملاحق دوليا  مصر على أن يبيع الناس  نفس الشعارات  التي جاءت به إلى الحكم.
أتذكر لاءات البشير وانا اقرأ لاءات الشيخ حازم الاعرجي الذي يعتقد للأسف ان العراق يعاني من انحلال أخلاقي  وتفشت به الرذيلة، فقرر ان  يهدد الحكومة بالدعاء عليها إن هي استمرت في منهجها الداعي إلى السفور وتشجيع الغناء والفنون والسماح بشرب الخمور، الامر الذي تصورت فيه أن الرجل سيطالب الحكومة بتأسيس شرطة خاصة لمكافحة هذا الشعب  الجاهل والفاسق.
عندما يصر رجل دين ينتمي لتيار سياسي قدم التضحيات الكبيرة في سبيل حرية العراقيين من الدكتاتورية والتسلط ان قضية العراقيين تتلخص في الحشمة والاخلاق، فاغلب الظن انه يتصور نفسه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب من الضلالة والجاهلية، عندما يعتقد  البعض من رجال السياسة ان بناء الدولة لايتم الا في التخلص من السافرات ومنع الفرح والغناء، وليس في نبذ السراق والمفسدين وأمراء الطوائف فعلينا جميعا ان نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لان من يقول هذا الكلام اليوم فربما غدا يحوله إلى تشريعات تقضي برجم كل من يخالفه الرأي.
يخطئ العديد من ساستنا حين يعتقدون  أن الخلاف السياسي والفكري  في البلاد هو خلاف  بين معسكر المسلمين ومعسكر الكفار، محاولين إيهام البسطاء من الناس انهم انما يدافعون عن الاسلام وقيمه بوجه فئة باغية تريد النيل من الدين، متناسين ان المعركة اليوم في العراق، بين قوى تتخذ من الدين الإسلامي الحنيف غطاء لإعلاء قيم الانتهازية السياسية واحتكار القرار، وسرقة المال العام والرشوة والمحسوبية وقتل النفس البريئة، وهي قيم يرفضها الإسلام جملة وتفصيلا لانه دين يبشر بالعدالة والسماحة والخير والمساواة،  ولنا اسوة في جواب الامام علي بن ابي طالب اعلم الناس  بالاسلام وهو يرد على الخوارج، عندما رفعوا شعار: "لا حكم إلا لله"، فقال لهم: "كلمة حق أُريد بها باطل".
لقد ملأ البعض الأجواء عويلا وصراخا على إهدار الأخلاق وضياع الحشمة وانتشار الرذيلة، ووجه برقيات الشكر والتحايا لقواتنا البطلة التي قضت على فلول المسيحيين الخونة، ومن حقنا الآن أن نسألهم لماذا يصمتون وهم يرون هذه القوات عاجزة عن حماية الأمن؟
من المسؤول عما يجري من نهب لثروات البلد وإشاعة  الفتنة الطائفية وقتل الابرياء وتشجيع الانتهازية والتزوير، لماذا لا يوجه السيد الاعرجي لاءاته لنصرة المظلومين والأرامل واليتامى ويقول بصوت واضح لا لسرقة ثروات  البلاد، لا لعصابات تهجير وترويع الأبرياء، لا للقتل على الهوية، لا للتزوير، لا للخداع، لا للانتهازية والمحسوبية، لا للتدهور الأمني.
في كل يوم نعيش فصولا جديدة  مع العرض الذي يقدمه بعض الساسة لمناصرة صولة الحكومة ضد المواطنين، وسمعنا خطبا وبيانات عن ضرورة مكافحة الفساد الأخلاقي عند العراقيين، أما فساد الساسة الذي يدفع ثمنه الأبرياء، من خلال عمليات نهب  ثروات البلاد، وإقصاء للكفاءات فهذه أمور لا يجوز الحديث عنها لأنها مجرد شائعات تريد النيل من الانجازات الكبيرة التي حققتها حكومة السيد المالكي.
السيد الاعرجي الناس تريد أن تأكل وان تنام مطمئنة، لا تريد ان تبقى مهجرة تحلم بالأمان.. الناس لا تطلب من الذين أوصلهم الأمريكان إلى كرسي الحكم أن يعاملوهم باعتبارهم رعايا.. وانما باعتبارهم مواطنين لهم الحق بالعيش  في بلدهم  بحرية وأمان وعدالة اجتماعية ومساواة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top