خرافات حقيقية

آراء وأفكار 2012/10/24 04:50:00 م

خرافات حقيقية

سارة طالب السهيل*

لاجدال في إيماننا بالعلم كأساس لتطور البشرية وفهم الكثير من الظواهر الغامضة عبر أجيال ، ورغم ذلك فإن النفس البشرية تتوقف دائماً للبحث في ما ورائيات الطبيعة لتجنح بسفن الخيال . فالخيال يشبع احتياجات نفسية كثيرة .. فهل يعد ارتباطنا بالخرافات والخزعبلات محاولة منا للهروب من رتابة الواقع ؟ أم أننا نحاول إلقاء همومنا في طريق المجهول ؟ وهل عجزنا عن تفسير ما كان يغمض علينا علمياً أو واقعياً لجهلنا فك رموزه فنحوله إلى أسطورة؟
فلو تخيلنا أن شخصاً ما قد نام ألفي عام كقصة أهل الكهف مثلاً ، واستيقظ فجأة ليجد أمامه جهاز تلفاز ، فهل سيحاول تحليل هذا الجهازعلمياً واستكشاف كيفية عمله ، أم سيعتقد أنه مندل لساحر عظيم ؟
أنا طبعاً لا أشكك أبداً بوجود بعض الغيبيات التي آمنا بها ولم نرها بالعين المجردة كالملائكة والشياطين والجن الذين ذكروا في القرآن الكريم ، وكيف أنهم كانوا يسترقون السمع حتى نزل القرآن الكريم وجعل لهم بالسماء رصداً يمنعهم استراق السمع مرة أخرى بعد نزول الرسالة المحمدية ، وهذا ما تعلمناه في درس الدين الذي كان يعطينا إياه أساتذتنا في المدرسة . كل هذا آمنّا به من منطلق أساس ديني قبله العقل والقلب من خلال ورود ذكره في القرآن الكريم . فمن المسلمات أن نؤمن بكل الكتاب ولا نكون كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض .
ولكن هناك ظواهر أخرى يصعب تفسيرها وعجز العلم عن توضيح أسباب حدوثها ، فعلى سبيل المثال : إذا نظرنا إلى مثلث برمودا في غرب المحيط الأطلنطي في الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية ، فمن المعروف عن هذا المثلث بأنه مثلث الموت ،حيث توجد ظواهر غريبة جداً لاختفاء الطائرات والسفن التي تمر بهذه المنطقة ، وبعض السفن تختفي وتعود لتظهر بعد مدة ولكن دون الركاب الذين كانوا على متنها ودون أن يستطيع أحد تحليل وتفسير هذا الأمر، بالرغم من محاولة بعض العلماء إيجاد تفسيرات كانت بعيدة عن استيعابنا ، والأكثر غرابة وجود نظير لمثلث برمودا وهو مثلث بحر الشيطان « البحر الياباني » الذي تتكرر به حوادث مشابهة .
منذ اكتشاف هذه الظواهر الغريبة والناس تحاول إيجاد أسباب فلا يجدون سوى تحميلها على الجن والعفاريت والوحوش ، فبعضهم ذهب للاعتقاد بأن بيت الشيطان يقع في هذه المنطقة بالذات ، وحتى أبسط الأمور نجد قلة ثقافتنا ومعرفتنا واطلاعنا، وقراءاتنا جعلتنا نحللها تحليلات بعيدة عن الواقع ، فنلاحظ أن في بعض الأماكن أو الأحياء الشعبية يعالجون أولادهم بالزار وذبح الدجاج وتلطيخ الطفل بدمائها ، وبعض العادات الغريبة التي يتبعونها ظنا منهم أن ولدهم مريض بمس من الجن ، بينما لو اختصروا المسافة وذهبوا بابنهم للطبيب لوجدوا العلاج المناسب دون اللجوء للخرافات والخزعبلات ، ولجنبوا أنفسهم نصب الدجالين والعرافين الذين يستغلون عقول البسطاء وجيوبهم في آن واحد.
وكما يعتقد البعض أن الأطباق الطائرة وسيلة نقل العفاريت من كوكب لآخر! حيث إنني شخصياً لا أستبعد فكرة وجود كائنات أخرى تعيش في هذا العالم ربما على كوكب آخر غير الأرض . ولكنني لم أتعود أن أجزم بأي أمر بلا دلائل أو وقائع حقيقية ، لذلك تبقى هذه الفكرة مجرد شك طريف قابل لـ « لا » أو « نعم » .
وبالرغم من فضولي كغيري من الناس لمعرفة ما يحدث بالفضاء وبالكواكب الأخرى ، ولكني ضد إنفاق المبالغ الطائلة على أبحاث علوم الفضاء ، لأنني أرى أن فقراء العالم والمصابين في الكوارث والمجاعات والأطفال المشردين والمرضى بالأمراض المستعصية أولى بهذه الأموال ليعيشوا حياة كريمة ، وهذا في رأيي أبسط حقوق الإنسان .
فلنبدأ بأنفسنا أولاً ، ونحلّ مشاكلنا قبل الخوض في معمعة أخرى .
*كاتبة و شاعرة و قاصه عراقيه

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top