البرلمان يطلب من  حكومة تصريف الأعمال  إرسال الموازنة

البرلمان يطلب من حكومة تصريف الأعمال إرسال الموازنة

 قانون يكتفي بالإنفاق على المشاريع المتوقفة وذات النسب المتقدمة بالإنجاز

 خاص/ المدى

قرّر مجلس النواب مفاتحة الحكومة لإرسال قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي، لكن خبراء وصفوا الخطوة بأنها غير مدروسة، وذهبوا إلى أن حكومة "تصريف المهام اليومية"، لا تمتلك الحق في إرسال مشروعات القوانين، ولجوؤها إلى هذا الخيار سيكون كفيلاً بنقضه أمام المحكمة الاتحادية العليا.

وتحولت حكومة مصطفى الكاظمي إلى تصريف مهام يومية في السابع من شهر تشرين الأول بموجب أحكام المادة 64 من الدستور، بعد أن تم حل مجلس النواب. وذكر بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، تابعته (المدى) أمس الاثنين، أن "رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وجه بمخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإرسال الموازنة الاتحادية لعام 2022".

عقبات كبيرة

إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش في تصريح إلى (المدى)، إن "مبادرة مجلس النواب للإسراع في إقرار قانون الموازنة للعام الحالي تعدّ خطوة على الطريق الصحيح". وتابع حنتوش، أن "عقبات كبيرة تعترض هذه المبادرة، أبرزها على الجانب القانوني، الذي يمنع على مجلس الوزراء إرسال مشروعات القوانين عند تحوله إلى تصريف مهام يومية، ومنها الموازنة". وأشار، إلى أن "الموازنة تعد أضخم قانون مالي للدولة، وهو في اساسه يمثل وجهة نظر الحكومة المقبلة التي قد يكون لها منطق جديد يختلف عمّا تحمله الحكومة الحالية". وبيّن حنتوش، أن "مجلس الوزراء تحدث عن انجاز المراحل النهائية لمشروع الموازنة للعام الحالي، لكن الحكومة المقبلة من حقها أن تعيد الصياغات والفقرات بما يتناسب مع المنهاج الوزاري الجديد قبل إرسالها إلى مجلس النواب". ويرى، أن "اتخاذ أي قرار من مجلس الوزراء في الاستجابة لطلب البرلمان بإرسال الموازنة هو عمل غير مجد، وسيكون مصيره الرد إلى الحكومة التي سوف تتشكل، وبالتالي سنكون أمام إضاعة للوقت والجهد بنحو غير مبرّر". وشدد حنتوش، على أن "المراقبين يطمحون إلى وضع موازنة قادرة على التعامل مع السيناريوهات المقبلة واستغلال فائض النفط ووضعه ضمن برامج ستراتيجية قادرة على النهوض بواقع العراق". ويجد، ان "المرحلة الحالية تتطلب انجاز مشاريع كبيرة في العراق مثل ميناء الفاو والاستثمار في الغاز وغيرها من المشاريع الستراتيجية".

صراع سعر الصرف

إلى ذلك، أفاد الخبير الاقتصادي الآخر نبيل جبار العلي، بأن "الجهة المسؤولة عن إرسال الموازنة هي الحكومة ذات الصلاحيات الكاملة وليست ما يعرف بحكومة تصريف المهام اليومية". وتابع العلي، في حديث إلى (المدى)، أن "السياق الصحيح هو أن ينتظر البرلمان الحالي تشكيل الحكومة الجديدة لإرسال الموازنة". ونوه، إلى أن "تشريع البرلمان لموازنة ارسلتها حكومة تصريف مهام يومية، سيؤدي إلى نقضها بسهولة أمام المحكمة الاتحادية العليا". ويصف العلي، ما لجأ إليه البرلمان أمس بأنه "خلط للأرواق السياسية بما يتسبب في المزيد من الأزمات"، لافتاً إلى أن "الغطاء القانوني للإنفاق في الوقت الحالي موجود وهو قانون الإدارة المالية الاتحادية بصرف شهر وفق نسبة 1/12 مقارنة بالموازنة السابقة".

وذكر، ان "هذا الغطاء القانوني بإمكانه تأمين رواتب الموظفين وغير ذلك من النفقات العامة للدوائر والمؤسسات الرسمية"، منبهاً إلى أن "الموازنة تتضمن الموارد والنفقات الجديدة إضافة إلى الجانب الاستثماري المتمثل بالمشاريع وتنمية الاقاليم". وأردف العلي، أن "الموازنة ينبغي أن يتم تضمينها مواد تتعلق بالإصلاح الاقتصادي لاسيما تقليل الانفاق على بعض مؤسسات الدولة أو بيع ممتلكات عامة". ويتوقع، ان "تشهد قضية سعر صرف الدولار نقاشاً عميقاً في قانون الموازنة كونها تحولت إلى الجانب السياسي وبالتالي سوف تستغرق وقتاً طويلاً من المباحثات والمناقشات". ودعا العلي، إلى "وضع تقدير صحيح لسعر برميل النفط بما يتناسب مع الوضع الحالي والتقديرات في السوق العالمية لكي نضع موازنة حقيقية قريبة من الواقع".

وأوضح، أن "المؤشرات الحالية تفيد بأن الموازنة ستكون بنفس تقديرات ما تم وضعه في عامي 2021 و2019 ولا تختلف عنهما كثيراً". وتابع العلي، أن "مبلغ الموازنة سيكون بنحو 130 تريليون دينار، يذهب منها 95 إلى 100 تريليون إلى الجانب التشغيلي المتمثل بالرواتب والنفقات العامة، والمتبقي إلى الجانب الاستثماري". ويواصل، أن "مشرع الموازنة سوف يبحث بالدرجة الأساس عن تأمين الجانب التشغيلي من الموازنة أما الاستثماري ستكون تغطيته من فائض سعر النفط".

وانتهى العلي، إلى أن "الوضع لا يتحمل صياغة موازنة تتمتع بمرونة أكثر وتنطوي على موارد جديدة، وبالتالي سنبقى ضمن هذا الاطار الذي سارت عليه الدولة خلال السنوات الأخيرة".

موازنة تحوطية

وتعكف الحكومة العراقية، على إعداد الموازنة الاتحادية لسنة 2022، التي وصفها خبراء اقتصاد، بـ "التحوطية"، نظراً لاحتمالية اعتمادها على الاقتراض، في وقت استبعدت وزارة التخطيط إدراج مشاريع جديدة ضمن الموازنة. وتعتمد الموازنة الاتحادية، بنسبة تفوق 90% على مبيعات النفط التي تأثرت خلال العامين الماضيين بجائحة كورونا، ما دفع العراق إلى التوجه نحو الاقتراض لسد عجز موازنة 2021، وذلك قبل أن تعود للتعافي مع مطلع العام الحالي إذ تجاوز سعر النفط في الوقت الراهن حاجز 92 دولاراً للبرميل. وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، لـ (المدى)، إن "التوجه الحكومي بشأن المشاريع في البلاد، لم يدرج ضمن مشروع قانون موازنة 2022 مشاريع جديدة"، لافتاً إلى أن "مجلس الوزراء أعطى الأولوية للمشاريع المتوقفة أو التي وصلت لنسب إنجاز متقدمة لكنها غير مكتملة بعد". وأضاف الهنداوي، أن "العمل بالمشاريع الحالية (غير المنجزة) مستمر، ويجري وضع جداول زمنية لإنجازها، لذلك يجري رصد التخصيصات المالية لها ضمن موازنة العام الحالي". وختم المتحدث باسم وزارة التخطيط، حديثه بالإشارة إلى أن "إقرار قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي، متروك للتوقيتات الدستورية التي سينبثق عنها انتخاب رئيس للجمهورية، الذي بدوره يكلف رئيس الحكومة الجديدة، لتأخذ على عاتقها رفع مشروع القانون إلى البرلمان لدراسته ومن ثم تمريره". وعلى الرغم من حزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، منذ ما يزيد على عام كامل في ملفات وقضايا الفساد والمشاريع المتلكئة منذ فترات يصل بعضها إلى أكثر من 10 سنوات، ما زالت البلاد تشهد تعثراً في تنفيذ آلاف المشاريع التي تصل قيمتها إلى عشرات مليارات الدولارات، بحسب مراقبين. في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي، عامر الجواهري، أن "البلاد بحاجة لإنجاز مشاريع خدماتية وبنى تحتية وفوقية بالجملة"، مؤكداً أن "هذه المشاريع يجب أن يتم التخطيط المسبق لها قبل الشروع بها، لتفادي تلكوئها أو توقفها بين حين وآخر". واستبعد الجواهري، خلال حديثه لـ (المدى)، الشروع بإنجاز أي مشروع (كبير) خلال العام 2022 الحالي، لمرور شهرين على بداية العام الجديد، ولم تقر الموازنة حتى اللحظة، كما أن أي مشروع كبير وضخم يجب أن يتم إعداد المخططات والوثائق ودراستها بشكل مستفيض حتى يتم الشروع بها. لكن الجواهري، وجد ما تحدثت به وزارة التخطيط، لا يعني غلق الباب أمام إبرام أي عقد أو اتفاق على إنجاز مشروع كبير، لأن "المشاريع الكبيرة تحتاج لدراسات وتخطيط كبير قبل أن تحتاج للمال".

وشدد الخبير الاقتصادي، على "ضرورة التحرك الحكومي صوب المشاريع الكبيرة"، لافتاً إلى أهمية أن "تكون هناك أولوية لدى الحكومة، للمشاريع القريبة من الإنجاز، لطي صفحتها، وبدء الاستفادة منها". ورأى الجواهري، أن عدم تحريك عجلة المشاريع خلال العام 2022، لعدم وجود الموازنة، فهذا سيعني استمرار تأخير إنجاز تلك المشاريع، وبالتالي تضطر الحكومة إلى ترحيلها إلى العام المقبل مجددا.

ونوه الخبير الاقتصادي، إلى "إمكانية إدراج مشاريع جديدة لموازنة 2022، إذا ما تمت دراستها وفهم جدواها، ومعرفة توقيتات إنجازها، ودخولها للخدمة، كالاتفاقية العراقية – الصينية"، داعياً الحكومة إلى "الاستفادة من دولة أخرى، شهدت ظروفاً مشابهة للعراق واستطاعت أن تنهض بمشاريعها، من خلال تكرار تجربتها".

ولا تتوافر أرقام رسمية بشأن المشاريع المتلكئة في البلاد، لكنّ خبراء اقتصاد، أشاروا إلى أن عددها يتجاوز ثمانية آلاف، وأن أغلبها يتعلق بقطاعات خدمية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والإسكان والجسور، فضلاً عن مشاريع في القطاع الزراعي والصناعي.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top