بعد فتح مقبرة حي النجار.. مطالبات بإنهاء المقابر الجماعية بنينوى

بعد فتح مقبرة حي النجار.. مطالبات بإنهاء المقابر الجماعية بنينوى

بغداد / المدى 

ينبعث ملف المقابر الجماعية لضحايا تنظيم داعش في المحافظات المحررة، بين الحين والآخر. فرغم مرور نحو خمسة أعوام على دحر التنظيم المتطرف، إلا أن تلك القضية تنكأ جراح ذوي الضحايا في كل مرة ترد فيها أنباءٌ عن فتح مقبرة جديدة. 

آخر المشاهد المأساوية، تمثل بإعلان وحدة الدفاع المدني والطبابة العدلية، في محافظة نينوى، مؤخراً، فتح مقبرة جماعية لجثث مجهولة الهوية في حي النجار بالجانب الأيمن في  مدينة الموصل.

وقال مدير دائرة الطب العدلي في نينوى، حسن واثق، إن "100 جثة تم انتشالها من المقبرة الجماعية التي عثر عليها في الجانب الأيمن لمدينة الموصل، بينها جثث لنساء وأطفال صغار في العمر، وكذلك جثث لعناصر تنظيم داعش".

وأضاف، أن "هناك العديد من المقابر الجماعية المنتشرة في عموم محافظة نينوى سيتم فتحها في الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن "عدد الجثث التي تم بانتشالها منذ تحرير الموصل وحتى اليوم يقدر بالآلاف".

ووصف ملف المقابر الجماعية بأنه "شائك"، مضيفاً "نحن نعمل اليوم على إنهاء ملف مقبرة سجن بادوش الجماعية، ونستعد للمرحلة الثانية من عملية فتح هذه المقبرة بعد إكمال المرحلة الأولى".

نشاط متعثر 

وارتكب التنظيم آلاف جرائم القتل بحق المواطنين العراقيين، ودفنهم في مقابر جماعية بمحافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، غير أن تلك المقابر لم تُفتح أغلبها وسط تضارب في التصريحات بين الجهات المعنية.

فعلى سبيل المثال، استغل تنظيم داعش الذي فرض سيطرته على محافظة نينوى 2014، "حفرة الخسفة"، جنوب مدينة الموصل، لتصفية خصومه ومعارضيه، ورميهم فيها.

بدوره، ذكر مسؤول في مديرية المقابر الجماعية، أن "أغلب الأعمال في تلك المقابر متعثرة، وبعضها توقف في محافظة نينوى، بسبب قلة التخصيصات المالية، وغياب الاهتمام الحكومي بصورة واضحة في هذا الملف، لذلك لجأنا في الكثير من نشاطاتنا إلى المنظمات الدولية لمساندة الجهد المحلي في تمويل الفرق المختصة". 

وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه في تصريح لـ(المدى) أن "المديرية لديها خطة واضحة، وترتكز على عدة عوامل أساسية، وتراعي مختلف الجوانب الإنسانية، في هذا الملف الشائك، لكنها بانتظار إقرار الموازنة، كما أن تلك الخطة بحاجة دفعات مالية، لتسيير أعمال اللجان المختصة، حيث حصلنا على وعود من بعض الكتل السياسية، بمتابعة الأمر". 

وقد وثقت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وجود 202 موقعاً للمقابر الجماعية في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار في الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد – إلا أنه قد يكون هناك أكثر من ذلك بكثير. 

وتشير تقارير رسمية، إلى أن العدد الأكبر من تلك المقابر هو من حصة محافظة نينوى (95 مقبرة)، تليها محافظات كركوك (37 مقبرة)، وصلاح الدين (36 مقبرة)، والأنبار (24 مقبرة). وفيما تنتظر عوائل الضحايا الكشف عن مصائر ذويها، لا تزال السلطات العراقية لا تمتلك سجلاً مركزياً بأعداد المفقودين، أو من تأكد مقتله ووجوده في تلك المقابر الكثيرة.

على الجانب الآخر، يخوض ذوو الضحايا معركة شرسة؛ غير معارك الفقد والحزن والانتظار. فهم مرغمون على اتباع إجراءات بيروقراطية طويلة (إبلاغ أكثر من 7 دوائر حكومية)، وهذه تأخذ وقتاً طويلاً وتنهك عائلات الضحايا. بينما لا تحصل تلك العوائل في مقابل ذلك على أية معلومة أو إجراء من شأنه الكشف عن مصير أبنائها.

 وينشط في تلك المحافظات منذ عدة سنوات، عدة فرق، ومنظمات دولية، أخذت على عاتقها فتح هذا الملف، مثل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، واللجنة الدولية للمفقودين، بالإضافة إلى المنظمة الدولية للهجرة. 

وتتركز أغلب تلك المقابر في محافظة نينوى، وتحديداً، في 6 مواقع رئيسية، هي: سنجار، وزمار، والقيارة، وناحية قراج، وبادوش،  ومنطقة المقالع.

مطالبات بتسهيل الإجراءات 

وفي هذا السياق، نفى عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي وجود عدد حقيقي للمقابر الجماعية، في العراق، مشيراً إلى أن أعمال البحث والتنقيب ما زالت جارية. 

وقال الغراوي في تصريح لـ(المدى)، أن "هناك الكثير من المقابر الجماعية في البلاد، وما زال البحث جاراً من قبل الفرق المختصة، التابعة لمؤسسة الشهداء بغية الوصول إلى تلك المقابر، وفتحها تباعا، فضلاً عن وجود نشاط آخر، لإطلاق حملة واسعة، تتعلق بملف استحصال الـ (DNA) من عوائل الضحايا، لإجراء المطابقة مع الرفات المستخرجة من تلك المقابر". 

ولفت إلى أن "تلك المسألة كبيرة جداً، وهي تحتاج إلى جهد ضخم، وموازنة خاصة، وإمكانيات كبيرة، في مسائل الطب العدلي، ومختبرات (DNA) وهذه العوائق التي تحيدنا عن إكمال فتح وغلق كل المقابر، والوصول إلى الضحايا التي قام بإعدامهم داعش بمجازر جماعية".

وأشار إلى أن "هذا الملف يعتبر من الملفات الإنسانية، ويجب على الحكومة تسلم زمام المبادرة في دعم فريق المقابر الجاعية، وتسهيل الإجراءات الخاصة لفتح تلك المقابر والوصول إلى الضحايا وعائلاتهم".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top