بايدن.. وبارومتر تصريحات المسؤولين!

آراء وأفكار 2012/11/26 08:00:00 م

بايدن.. وبارومتر تصريحات المسؤولين!



سليمة قاسم
" لقد مات بن لادن ، ولكن صناعة السيارات في أميركا ما زالت حية"
هذه العبارة أطلقها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال إعلان ترشيحه نائبا للمرة الثانية  للرئيس الأميركي في حملة الانتخابات الأميركية التي جرت مؤخرا.
لا شك أنها عبارة تحمل الكثير من الدلالات لا نرددها هنا من باب الانبهار بالآخر المتفوق، بل باعتبار أن المقارنة الموضوعية إحدى الطرق لتصويب الأخطاء. فقد اختصر بايدن بهذه الجملة القصيرة، الإنجازات التي حققها الرئيس باراك أوباما في فترة رئاسته الأولى، حين قضى على بن لادن، عدو أميركا الأول، مقابل انتعاش تجارة صناعة السيارات، في إشارة إلى الخطة التي وضعها الرئيس أوباما إبان تسلمه السلطة لإنقاذ صناعة السيارات في الولايات المتحدة باعتبارها ركيزة أساسية في اقتصاد البلد . وهذا يقودنا إلى عقد مقارنة بين تصريحات ساسة الغرب التي تمتاز بالوضوح والواقعية، وتصريحات مسؤولينا على اختلاف مواقعهم سواء النواب أو الوزراء أو المستشارين، التي تمتاز باللف والدوران وتشوبها لغة التأويل، فضلا عن التناقض المريع الذي نلحظه فيها، وافتقارها إلى المهنية والدقة والوضوح.   
ودعونا نأخذ نماذج بسيطة من "طوباوية" تصريحات مسؤولينا . فقد أدلى رئيس الوزراء نوري المالكي منذ مدة قصيرة بتصريح مفاده أن الإرهاب انتهى في العراق، وهو أمر بعيد عن الواقع تماما ،فقوى الإرهاب ما زالت  صاحبة المبادرة في توجيه ضرباتها الاستباقية، بتخطيط نوعي ،حيث قامت باقتحام مديرية مكافحة الإرهاب في وسط بغداد، واقتحام سجن الحوت في التاجي، واستمرار حوادث اغتيال المسؤولين بأسلحة كاتمة الصوت وبعبوات ناسفة واستمرار مسلسل الموت اليومي بسقوط عشرات الأبرياء، فكيف انتهى الإرهاب؟!
وقد صرح رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي عند زيارته أميركا قبل أشهر وأمام الكونغرس بأن وضع السنة في العراق وتهميشهم يتطلب التفكير الجاد بإنشاء إقليم خاص بهم، ونسي أو تناسى أنه يمثل أبناء شعبه ككل، بغض النظر عن الطائفة والقومية التي ينتمي إليها ، وأن تأثير تصريحه سوف ينعكس سلبا على الشارع  باعتباره رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلد.أما نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، فقد أكد مطلع هذا العام أن العراق سيقوم بتصدير الكهرباء إلى الخارج مطلع العام القادم بعد تحقيقيه الاكتفاء الذاتي منها، في الوقت الذي ما زالت أزمة الكهرباء بدون حلول جذرية رغم مليارات الدولارات التي ذهبت لتأهيل هذا القطاع الحيوي، فكيف سنصدر الكهرباء إلى الخارج؟
وفي ما يتعلق بعطلة العيد الأخيرة ، فقد صرح علي الدباغ الناطق باسم الحكومة بأنها –أي العطلة- لا تكلف ميزانية الدولة شيئا. ولا ندري الأسس التي اعتمدها عند إطلاقه هذا التصريح الذي يخالف تصريحات خبراء الاقتصاد حول الخسائر المادية الهائلة التي يتكبدها اقتصاد البلد بسبب كثرة العطل!
حمى التصريحات غير الواقعية التي تصيب مسؤولينا  تجد صدى لدى  وسائل الإعلام التي تتناقلها بسرعة البرق ما دام الأمر يحمل سبقا صحفيا رغم تضاربها وتنافيها مع الحقيقة وما قد ينجم عن ذلك من فقدان ثقة الناس بالعملية السياسية. وأظن أنه يمكن لكل واحد أن يتصور ما تخلفه هذه التصريحات من لغط يسود الشارع ويربك أفكار الناس.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top