فاضل صاي وسيمفونية ما بين النهرين

فاضل صاي وسيمفونية ما بين النهرين

عازف البيانو المبدع والمؤلف الموسيقي التركي الشاب فاضل صاي من نجوم الموسيقى العالمية، إذ بدأت شهرته في النصف الأول من التسعينات، وكان يدرس في كونسرفاتوار برلين آنئذ. ولد فاضل صاي في أنقرة في العام 1970، درس في كونسرفاتوار أنقرة قبل أن يحصل على منحة دراسية إلى ألمانيا ،حيث درس البيانو في دوسلدورف. ومنذ ذلك الوقت قدم صاي حفلات في أشهر قاعات الموسيقى في الكثير من البلدان، وهو يقدم جواهر الموسيقى العالمية عزفاً على البيانو بمفرده أو مع الفرق الشهيرة. بدأ بالتأليف الموسيقي مبكراً، وأثار عمله للبيانو الأرض السوداء اهتماماً عالميا واسعا في 1997. لكنه لم يؤلف للبيانو فقط، بل ألف لفرقة الحجرة وللاوركسترا، كما امتد نشاطه ليصل الجاز عزفاً وتأليفاً. نهل من الموسيقى التركية الكلاسيكية الرائعة واستعملها في أعماله التي تسود روح الشرق مواضيعها. سيمفونيته الأولى بعنوان اسطنبول (Opus 28) ألفها سنة 2009، تلتها سيمفونية ميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) (Opus 38) سنة 2011، وقدم سيمفونيته الثالثة المعنونة الكون (Opus 43) قبل شهر ونصف الشهر في مدينة زالتسبورغ النمساوية. ولديه الكثير من الأعمال المتنوعة الأخرى.

سيمفونيته ميزوبوتاميا تتناول العصر الحاضر، دون أن تنسى السومريين والبابليين والآشوريين والحضارات المتتالية. أحد مواضيعها الرئيسية الحرب (الحركة التاسعة) وله ارتباط بعنوان الحركة الثالثة وهو عن الثقافة والموت، وهو موضوع له حضوره الطاغي إذ تعيش بلادنا الحرب والموت منذ أكثر من ثلاثين سنة. وتصف الحركة الثانية سير نهر دجلة بين الجبال، والثامنة نهر الفرات بعنفوانه وقوته. الموضوع الثاني هو الشمس والقمر، فقد عبدهما الإنسان في العراق القديم.  . الحركة الأخيرة، العاشرة، عنوانها أنشودة ميزوبوتاميا، غنائية نوعاً ما وفيها موتيفات عن سير دجلة والفرات، لكنها حال ما يلتقيان، تظهر موضوعة الحرب الموت، ويعود القمر والشمس إلى الواجهة. إنها أشبه بخاتمة التفاعل بين موضوعات هذه السيمفونية. والحرب – حسب تعبير فاضل صاي – قاسية وليس لها معنى.

يعاني هذا الفنان الكبير من ضغوط الإسلاميين الذين دفعوا به إلى المحكمة بتهمة إهانة القيم الإسلامية في ما يبدو أنه عمل مدبر لإسكات هذا الصوت الإنساني المتحرر. وقد تصاعدت في الآونة الأخيرة محاولات الحكومة التركية للضغط على المثقفين والفنانين وفرض الرؤية المتأسلمة على قطاعي التعليم والثقافة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top