كلاكيت: فؤاد شاكر.. ذاكرة مدينة

Wednesday 24th of May 2023 11:38:04 PM ,
العدد : 5436
الصفحة : الأعمدة , علاء المفرجي

 علاء المفرجي

صدر عن شبكة الاعلام العراقي (فؤاد شاكر.. ذاكرة مدينة) وهو القسم الثاني من موسوعة العراق المصورة. فاكثر من خمسين عاما وعدسة الفنان الفوتوغرافي فؤاد شاكر كانت تقتنص لحظات الزمن، موثقة احداثا وامكنة وشخوصاً... "شاعر الضوء" لقب يمنحه محبو فنه لسيد الضوء

والظل الذي يعيد انتاج اللحظة المقتنصة بعين شاعر وهي تنبض بالحركة وتشع بجمال باذخ.. مؤكدة صواب مقولة السينمائي الكبير اورسن ويلز التي تتلخص في ان الاثر لا يكون جيدا إلا عندما تكون الكاميرا عينا في رأس شاعر. الفنان فؤاد شاكر المولود في بغداد عام 1949 بدأ حياته الفنية في عام 1960 خلال رحلته الممتدة هذه عمل في اكثر من مؤسسة اعلامية وصحفية محلية وعربية ودولية وشارك في العديد من المعارض العالمية والدولية وحصل على عدة جوائز متقدمة في هذا المجال. كتب النقد الفوتوغرافي ولا يزال مستمرا في كتاباته هذه حتى الان. عرضت اعماله في الولايات المتحدة الأمريكية بولايتي اوهايو وواشنطن وباريس و طوكيو والاردن والعراق.

يقول الإعلامي د. نبيل جاسم في مقدمة الكتب: "كان فؤاد شاكر يرث دفء المدينة التي يحبها، بطريقة ما حفظ تلك الأزقة البغدادية من الاندثار في المخيال من خلال أرشفتها فوتوغرافيا، بالابيض والأسود، إنه زمان مستعاد على الدوام، وحتى لقطاته الحديثة التي كان ينشرها قبل وفاته، هي مستعادة بطريقة ما، وأن البيوت القديمة والشناشيل، والعتالين، والشيوخ، هم منفلتون من لحظتهم الزمنية، ومن علاماتها، فلقطاته هذه تشبه لقطات الخمسينيات لدى ناظم رمزي ربما، وأعني هنا الشخصيات المصورة وليس الزوايا والأسلوب."

اما د. فلاح حسن الخطاط المشرف الفني على الموسوعة فيقول في مقال قصير كتبه: أن نهج ورؤية المدينة وما يحيط بها- الحاضر في أغلب أعمال فؤاد شاكر وسعيه الحثيث لإدامة العلاقة مع الكاميرا – تطالعك في أعماله لا كما هي، ولا كما يريد هو، بل حاول استحضارها واستنطاقها التي تركها الزمن تتبارى مع وجودها وقوتها وبقائها."

أخذت الصورة حيزا كبيرا من الكتاب، فقد تضمن مجموعة مختارة بعناية من صور فؤاد شاكر، وباختيار تلميذه أموري الرماحي. فزوايا قراءة مضمون الصورة عند فؤاد شاكر تتعدد تبعا لتباين واختلاف مستويات الفهم والإدراك وعلى هذا فإن كل متلق يفسر على هواه، وذلك ما يؤكد أنها النص البصري المفتوح الذي يحتمل أي تأويل معمقا كان ام سطحيا أم مباشرا، فهو منذ بداياته البعيدة كان يحترم مهنته هذه احتراما يوازي مثيله الذي ينظر به للمنجز الفني المتحقق على يديه ذلك لأنه يضع في الأولوية جانب الفكرة قبل الصورة لتنتهي أنها ناتج تفكير مسبق وحصيلة فوران أحاسيس وبما ان الحديث يدور حول الفكرة لئلا نكون عابرين بالحقائق لذا فانه من المفيد جدا الإعادة فيما قاله فنانون كبار بهذا الشأن وفي سياقه، فالنحات البريطاني الشهير هنري مور قال ذات مرة: " أنني وعندما كنت اطر غابات الريف الانكليزي بدراجتي الهوائية كل صباح حيث تتطلب مهنتي ذلك الأصحاء الرياضي الذي من فوائده العافية البصرية والتوقد الذهني كنت ارقب في سبيلي الصخور الكبيرة المتناثرة على جانبي الطريق فأخزنها في فضاء خيالي، لأهم بالتأني بنحتها في تجاويف عقلي وهي في فضائها الرحيب هكذا كنت ابدأ بالعمل الفعلي بها كمنحوتة تلك الغابة العذراء المهجورة والتي كانت غالبا ما تلوذ بصمت الأبدية والكون الموحش وبالمعنى الفلسفي للمثال" فهو ليجد نفسه لا يدخر وسعا في تأكيد ذاته في كل عمل مقترح من أعماله فهو يعد كل عمل منها قطعة من قلبي والشيء الكثير من نبضي الذي لايفتر أبداً.

ومن هنا يأتي عنوان ذاكرة المدينة متوافق تماما مع منجز الراحل فؤاد شاكر.