الاخيرة

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

من ذاكرة رمضان..باب الشيخ بين السحور والفطور!

للمناطق في رمضان (ايام زمان) طقوس جميلة ومنها منطقة باب الشيخ وهي منطقة كبيرة، بسكانها ومساحتها.
سميت في البدء، باب الازج، ثم سميت باب الشيخ نسبة الى الشيخ عبد القادر الكيلاني المدفون فيها سنة 561هـ، وكان هذا الجامع في الاصل مدرسة للحنابلة انشأها ابو سعد المبارك القاضي المخرمي، ودرس فيها الشيخ عبد القادر الكيلاني معظم سني حياته التي قضاها في بغداد، ثم تحولت الى مزار له بعد وفاته.
فكان لرمضان طعم آخر، يختلف عن الشهور الاخرى، ان معظم الناس تجدهم وقد انصرفوا الى العبادة والتقوى، بعد ان تغلق ابواب المطاعم والمقاهي، وينصرف الناس الى شؤونهم، فالنساء تجدهن يتبضعن في النهار من سوق الصدرية، هذا السوق المعروف بتنوع المواد فيه، وكثرة المتبضعين، وهذا السوق معروف بالمخللات، فطرشي الصدرية ما زال الى يومنا هذا يضرب به المثل، وفي الفتحة المؤدية الى السوق، في شارع الكفاح، كان هنالك محلان لبيع الحلويات هما جابر الشكرجي وباقر الشكرجي، ثم انحسر دورهما في السبعينيات فبقي اخوهما جواد الشكرجي، وبات علامة مهمة في شارع الكفاح، يشار اليها للاستدلال على المنطقة وما يقابلها او يجاورها.
ففي هذا المحل كان يأخذ اهل المنطقة احتياجاتهم من الحلويات، التي هي الزلابية والبقلاوة والبورمة والجكليت بأنواعه وعش العصفور.
تبدأ الحياة الرمضانية قبل الافطار اذ تقوم النساء باعداد الفطور، بأنواعه، وبالتالي تجمع العائلة حوله ويؤدون طقوس الفطور، اما مسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني، فيقوم كل يوم اثناء الفطور بتوزيع الشوربة وبعض الاكلات الاخرى على الفقراء المتوزعين حول المسجد التي يسهم فيها بعض الميسورين من دون ان يعلنوا عن اسمائهم، فضلا عن دخل الوقف القادري. ويقوم الميسورون بشكل شخصي ايضا بتوزيع الفطور والحلويات وما تيسر من الاموال على الفقراء، وهم عادة ما كانوا يتجمعون في المسجد وحواليه، وتستمر هذه الحالة طوال شهر رمضان المبارك.
وبعد ان تتناول العوائل الفطور، يذهب الرجال الى المسجد المذكور، ومن كل المذاهب لاداء فرائض الصلاة والتمتع بهذا المكان المضاء بأنواع الاضوية.
أما المقاهي المنتشرة في المنطقة فهي الاخرى يتجمع فيها الشباب والشيوخ ويتحدثون عن اشياء وأشياء عن رمضان، والايمان وكل ما له علاقة بهذه الفروض المقدسة، بروح يسودها الود والوئام. والمزية التي تميز هذه المنطقة وباقي المناطق الاخرى هي الشعور الواحد تجاه هذه الفروض المقدسة، من دون ذكر لمذهب او طائفة وما الى ذلك ففي الصباح مثلا المسحراتي يبدأ بالضرب على الطبل لإيقاظ النيّام لتأدية السحور، ومن ثم يبدأ مسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني بأطلاق الاذان، ويقوم الناس للصلاة، منهم من يذهب الى المسجد، ومنهم من يؤدي طقوسه هذه في البيت وهكذا.
والاطفال كانت لهم حصة في اماسي رمضان، يضربون الابواب، ويؤدون ابتهالات ملحنة، لمنحهم بعض العطايا، ويدورون على المنطقة بأكملها.
وتبادل الاكلات كانت عادة متبعة بين العوائل حتى ان كانت فقيرة، فتوزع الاكلات على قدر تمكن العائلة للعائلة الاخرى.
وهكذا استمرت هذه الطقوس، واستمر رمضان واستمر الناس في هذا البلد الامين، لا يلوي خطاهم شيء، ولا يشتتهم مغرض بفكرة عوجاء، وانما هم على ايمانهم وعلى حبهم لدينهم ووطنهم.


الزلابية

بابل - محسن الجيلاوي

الزلابية ... من الحلويات التي انفرد العراق عن باقي الدول المجاورة بصناعتها وهي مفردة عثمانية دخلت للعراق مع الحكم العثماني ويكثر الاقبال عليها في شهر رمضان وخاصة مع لعبة (المحيبس الشعبية) .
وعن طريقة عملها قال السيد حسن عباس عبود، صاحب محل لصنع الحلويات في سوق العلاوي بمدينة الحلة :
في اول الامر يخلط طحين مع الروبة ويترك الخليط لمدة يومين ليصبح (خمرة) ثم بعد ذلك توضع كمية من الماء ذات حرارة معينة في (النجانة) ثم تضاف مادة النشا والطحين مع قسم من الخمرة ويعجن بصورة جيدة بحيث تصبح كثافة العجين متوسطة لينزل من (القيف) وهي الة مصنوعة من الفافون او الصفر يشبه الى حد ما من ناحية الشكل (القمع) بحيث ينزل العجين من انبوبه الاسفل الضيق بشكل خيطي على (الطاوة) التي تحتها مصدر حراري ليجعل الدهن فيها بحرارة ثابتة ، ويقوم العامل بتحريك (القيف) على شكل دوائر لتكوين شكل الزلابية الذي يسمى (الشباك) وبعد مدة زمنية تستخرج (الشبابيك) من الطاوة وتوضع في محلول السكر الحار (الشيرة) ثم بعد ذلك تستخرج وتوضع في المصفاة وتصبح جاهزة للاكل.
وعن انواعها قال:
هي نوع واحد ولكن الذي يميزها هو استخدام الزيت بدل الدهن في عملية (التكلا) فالزلابية التي يستخدم الزيت في صناعتها تكون اغلى ثمناً من تلك التي يستخدم فيها الدهن وتكون مفضلة لدى المرضى وفي بعض الاحيان يضاف الى الشيرة ماء الورد او الفانيلا او طعم (الجكليت) وغيرها في المطيبات لأعطائها نكهة خاصة.
وهل زاد الاقبال عليها حالياً بشكل اكثر من السنوات الماضية ..؟
نعم .. ففي سنوات الحصار كانت صناعتها محظورة، اما الان ونتيجة للتحسن الاقتصادي والمعيشي الملحوظ للمواطن وقدرته على الشراء ازداد الاقبال عليها مما ادى الى زيادة سعرها وسعر البقلاوة خاصة في شهر رمضان حيث يقوم العديد من الاشخاص بتوزيعها مجاناً في المساجد والجوامع طلباً للثواب ولأرتباطها بلعبة المحيبس هذا من جهة ومن جهة اخرى ارتفاع اسعار المواد الاولية بحيث اصبح سعر الكيلو الواحد حالياً اكثر من الف وخمسمائة دينار..
امنيتي ان تدخل فم ومعدة كل عراقي وان يكون شهر رمضان هذه السنة وكل الاشهر والسنين القادمة خالية من الارهاب والعمليات التخريبية في ظل عراق حر لا تسير في شوارعه عجلات عسكرية اجنبية محتلة، عراق موحد. وكل عام وانتم بخير ورمضان مبارك.


نزاعات آخر زمــن !

جمال كريم

أتصيد وأنا في طريقي الى الجريدة كل صباح من الحكايات والمشاهد أعاجيبها وغرائبها ، وما أكثرها هذه الأيام . في الحافلة التي تقلك الى مبتغاك المقصود ، ما عليك الا أن تصغي لتنتقي ما يروقك من تلك الأعاجيب والغرائب ، حافلة الثامن من الشهر الجاري كانت كحافلات الصباحات الاخرى ، مليئة بالقصص والمحكيات. في البداية لم يكن يعنيني هذا التنوع من البراءة والتأمل والشرود والحزن الشفيف المرسوم على الوجوه، ولا الثرثرة والفضول والأدعية والتأففات المصحوبة ، عادة، بالعياذات من الشياطين وشرور الدنيا ! لكن من دون وعي وجدتني فضوليا أتسمع الى احدى حكايات الصباح اليومية. السارد خلفي ، سمعته لمحدثيه يقول : أمس وبعد فطور رمضان مباشرة ، علا صياح ووعيد وعويل ونحيب من بيت جيراننا الحائط على الحائط ، قلت : ياستار ! اللهم اجعلهاخيرا، طبعا لم أكتف بذلك، بل قادتني الحمية وحق الجيرة أن أكون وسط النزاع والذي لم يكن الأول حول ارث بيت يسكنونه مع أثاث بسيط ، صدقني ، غالبا ، ما أتدخل في نزاعاتهم ، ناصحا اياهم الحفاظ على اخوتهم ، بدل الاختصام فيما بينهم على ( وسخ الدنيا ) مع أكيد علمي أن النصح في مثل خصومات كهذه لن تجدي نفعا ، فأقول في الاقل أهدئ من غضب النفوس المحتربة، لكن ما حصل مساء أمس خرج عن أطواره المعروفة ، خاصة أن الظلام قد خيم علينا ولم نعد نرى الوجوه واشارات الايدي الملوحة ، فقلت تبا للمخربين والمفسدين . انقطع السارد عن قصه المحبوك برهة وتغير صوته الى همس مسموع وواصل قائلا : تصور انني اكتشفت أن الاخ الوحيد قد تحالف مع زوجته ( السحارة ) كما يصفنها أخواته المخاصمات والمناوئات ، وفعلا وبسرعة بارقة اتصلت بأخيها الضابط ( موبايليا) الذي هب لنجدة أخته، قائدا وراءه سيارتين من دوريات شرطة منطقة الشعب. وما أن وصل حتى أخذ يزبد ويرعد وهو يحث رجال شرطته على أخذ مواقعهم كأنهم يتأهبون للاقتتال واقتياد من يتدخل في اصلاح ذات البين داخل الاسرة الواحدة بتهمةالتطاول على القانون والتدخل في شؤون جهاز الشرطة الذي وجد أصلا لحماية الشعب، لا الاخوات في بيوت أزواجهن الجحيمية ! ، بعد ذلك دوى هدير محركي السيارتين لتعودا سالمتين غانمتين وهما تقلان النسيب المدلل لتسجيل دعوى ضد افراد اسرته من الاخوات ..! ، هنا تأكدت أن السارد حريص على الهمس ، فمضى من مهمسه يكمل ما تبقى من مرويته : تصور ، بعد دقائق أخريات ، وصلت أربع سيارات شرطة نجدة بكامل أعتدتها ورجالها المدججين بالاسلحة ومن منطقة الحسينية وللنجدة نفسها ! وبعد سين وجيم واستعراض قل نظيره عادت هي الاخرى أدراجها ، وفيما ساد المحلة وبيوتاتها الهدوء المشوب بالحذر ، عاد هدير المحركات ، مرة اخرى، ليأتي دور الحرس الوطني الذي جاء لنجدة الطرف الاخر ، فترجل الضابط محاطا بحماته من الحراس الوطنيين مزمجرا ومستفسرا عن دورية الشرطة التي جاءت من قاطع آخر الى مكان هو في غير مسؤولياتها وواجباتها. وقال بالحرف الواحد : انهم ( سلابة ) وليسوا بشرطة ! وطلب من رجاله أن يكمنوا لهم عند مدخل المدينة ، متوعدا ، اياهم بالقصاص والجحيم الزؤام . وهل يعقل أن ينشغل الجمعان ، أعني رجال الشرطة والحرس الوطني للتدخل في نزاع اسري لمجرد أن في هذين الجهازين قريباً لهذا الطرف المتنازع أو ذاك ، هكذا علق مستمع الراوي مستغربا ..! . الى هنا انقطع الهمس وسكت راوي حافلة الاعاجيب ، وأحسب أن الحكاية استكملت عناصرها اذا لم تتدخل الجهات ذات الصلة بصياغة لحظة تنويرها . ها نحن وصلنا الى ساحةالطيران فطار قلبي سرورا وفرحا لاننا بعد متعة الحكاية وصلنا بأمان وسلام.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة