TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مسخرة منتصف الليل!!

العمود الثامن: مسخرة منتصف الليل!!

نشر في: 22 مارس, 2023: 12:16 ص

 علي حسين

لم تخلُ قضية إصرار مجلس النواب على إقرار تعديلات على قانون الانتخابات في غزوة " منتصف الليل " ليهيء المسرح من جديد للسيطرة على مقدرات العراق ، من بعض الفكاهة والطرافة إن لم نقل "مضحكات"، فهي فاقت كثيراً ما عاناه عمنا المتنبي.

 

ومن هذه المضحكات دعوة نواب لحضور جلسة البرلمان التي عقدت منتصف الليل و"بالظلمة" لإقرار قوانين تهم ملايين العراقيين.. تخيل جنابك هذا المشهد يدور داخل قبة أعلى سلطة تشريعية في البلاد والذي جاء على لسان النائب هادي السلامي: "تم استدعاء بعض النواب من بيوتهم في وقت النوم على وجه السرعة لسد النقص بسبب غيابات بعض البرلمانيين"، ويضيف السلامي: "جاءت بعض النائبات وهن يرتدين عباءات الرأس بشكل مقلوب، وبعض النواب يرتدون بدلات غير مرتبة بسبب سرعة استدعائهم".

ومثل فيلم ميلودرامي طويل لم يهتم أحد بالحبكة ولا بتفاصيل الشخصيات ولا بالمكان والزمان، ولا بأي شيء سوى أن يظهر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي "يمشي الهوينا" يضحك على النواب الذين يطالبون بعدم إقرار التعديلات، وكأنه يريد أن يقول إن الله كان رفيقاً بالعراقيين، فسهرنا حتى الفجر لنقر لهم قانون انتخابات سيطبق شعار عراق بلا فساد ولا طائفية، وهي مطالب النواب على شاشات الفضائيات فقط لا غير .

النواب الذين سهروا حتى الفجر لإقرار قانون ضد مصالح الشعب، ولم يفعلوا سوى إدارة سياسات قائمة على أفكار جاهزة شعارها "ما ننطيها".

ليس من دواعي المقارنة أن نقول، لو أنّ ضحكة محمد الحلبوسي وسخريته جرت في بلد آخر، لتمت إقالة هذا المسؤول، لكنها للأسف حدثت في العراق الذي تعود

لا أظن أن صاحب عقلٍ أو ضميرٍ يمكن أن يرى في برلمانٍ كهذا طوق نجاةٍ للعراق والعراقيين، فهذا البرلمان لم يتم تشكيله إلا ليكون الواجهة التشريعية التي تختبئ خلفها الأحزاب السياسية، وبالتالي فالبرلمان يؤدي دوراً، رسمه قادة الأحزاب، ولا يعنيه رأي الإعلام أو رضا الشعب، أو الاحتجاجات التي راح ضحيتها المئات، جلسة برلمان منتصف الليل تصلح عنواناً للعبث السياسي، ذلك أن أصحابها لا يزالون متشبثين بذلك الوهم الذي يعتقدون فيه أن الشعب اختارهم وأنهم يمثلون صوت الناس.

تُعرِّف الأمم المتحضرة، أو التي يتمتّع ساستها بالحد الأدنى من سلامة القوى العقلية والحسّ الإنساني والوطني، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل.. لكن للأسف ما نتابعه في جلسات برلماننا يؤكد أن بنية النظام السياسي في العراق لا تريد أن تغادر حالة الصفقات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram