تحالف إدارة الدولة يعقد اليوم اجتماعاً حاسماً بشأن أزمة الموازنة

تحالف إدارة الدولة يعقد اليوم اجتماعاً حاسماً بشأن أزمة الموازنة

 إنقلاب "إطاري" على السوداني أم معاقبة حلفاء الصدر السابقين؟

 نائب رئيس البرلمان يطلب إيقاف اللجنة المالية بسبب زيادة الأعضاء

 بغداد/ تميم الحسن

قبل يومين من تفجر ازمة كردستان داخل اللجنة المالية كان الإطار التنسيقي قد أعلن بالاتفاق مع ائتلاف ادارة الدولة الذي يضم القوى الرئيسة في البرلمان، موعدا جديدا لتمرير الموازنة، إذن؛ فمن يقف وراء الانقلاب داخل اللجنة التي فيها ممثلين عن أغلب القوى السياسية؟

بما ان القوى السياسية كانت متفقة على تمرير الموازنة بدون اعتراضات جوهرية تؤدي الى نسف الموازنة او تعطيلها فان اوساط سياسية ومراقبين يرجحون حدوث "تمرد" يديره وكلاء من قبل "الإطار" على رئيس الحكومة محمد السوداني الذي راعى الاتفاق المالي مع كردستان قبل أقل من شهرين.

والهدف من وراء ذلك هو عرقلة صعود شعبية السوداني وتحوله الى زعيم يزاحم القوى السياسية التقليدية خصوصا وان الاحزاب بدأت بالحملات الانتخابية المبكرة استعدادا للانتخابات المحلية التي يفترض ان تجرى نهاية العام الحالي.

او فرضية ثانية اقل مقبولية في الاوساط السياسية، تتحدث عن خطة من التحالف الشيعي بالاتفاق مع السوداني لـ"معاقبة" بعض القوى السياسية التي كانت متحالفة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وسد الطريق على اية محاولة لإعادة احياء تلك التحالفات.

وينتظر اليوم الاثنين، بحسب ما نقله نواب واعضاء في اللجنة المالية، اجتماع للائتلاف الحاكم (ادارة الدولة) لوضع حل للخلافات التي جرت على المادتين 13 و14 في قانون الموازنة العامة.

حرب بالوكالة

وبداية المشكلة حدثت يوم الخميس الماضي حين تفاجأ الجميع بوضع شروط من قبل بعض اعضاء اللجنة المالية في البرلمان بالتزامن مع اعلان محمد الحلبوسي رئيس البرلمان تحديد يوم السبت (اول أمس) موعدا للتصويت على الموازنة.

والشروط او المقترحات، بحسب وصف اعضاء في اللجنة، كانت كفيلة بتقويض الاتفاق "المؤقت" الذي ابرم في نيسان الماضي بين السوداني واربيل لدفع رواتب موظفي الاقليم واستئناف ضخ النفط بعد القضية التي عرفت بـ"التحكيم الفرنسي" الذي اوقف تدفق البترول عبر تركيا.

ورغم ان الاتفاق المبرم الذي رحب في بدايته الإطار التنسيقي واعتبره نهاية لمعضلة استمرت 20 سنة ووصفه الاخير بـ"الاتفاق الشامل"، لكن كانت هناك مخاوف من تراجع التحالف الشيعي باي وقت كما حدث في المرات السابقة.

الجديد في الازمة الاخيرة هو خوض الصراع بين التحالف الشيعي وكردستان عبر وكلاء هذه المرة، واجهات تختفي وراءها قوى سياسية، بحسب ما يتم تداوله في الغرف المغلقة التي تناقش منذ يومين ما يجري.

الحرب بالوكالة تدار داخل اللجنة المالية هذه المرة والتي تشهد تدافعا كبيرا على عضويتها حيث زاد عدد اعضائها عن الحد المسموح به في النظام الداخلي للبرلمان ما دعا نائب رئيس البرلمان شاخوان عبد الله الى طلب ايقافها لحين اعادة هيكلتها.

ويقود الحرب، بحسب الاوساط السياسية، نائبان اثنان داخل اللجنة صعدا الى البرلمان تحت يافطة "مرشحين مستقلين" وهما مصطفى سند ويوسف الكلابي الذي حصل مؤخرا على مقعد في البرلمان بديلا عن احدى النساء في واسط ضمن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والاثنان معروفان بقربهما من الإطار التنسيقي، والاخير كان المتحدث باسم الحشد الشعبي.

وفي اللحظات الاخيرة من نهاية نقاشات اللجنة المالية لتسليم الموازنة الى رئاسة البرلمان تصدر النائبان الاثنان اضافة الى النائب الثالث في اللجنة عدي عواد عن عصائب اهل الحق، المشهد متحمسين للاضافات التي جرت داخل اللجنة والتي اثارت غضب حكومة كردستان واعتبرتها "مؤامرة وخيانة". بحسب ما قاله رئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني.

ويمثل الإطار التنسيقي بأعضائه الاصليين والمستقلين المحسوبين على التحالف الجهة الاكبر داخل اللجنة المالية بـ9 اعضاء (من ضمنهم رئاسة اللجنة) من اصل 24، فيما طالب نائب رئيس البرلمان شاخوان عبدالله بتعليق عمل اللجنة المالية النيابية واستبعاد العضو 24 منها، وإعادة هيكلتها بالعدد المقرر.

وقال المكتب الإعلامي لنائب رئيس البرلمان عبدالله في بيان، ان طلبه جاء: "استناداً إلى أحكام المادة (73) من النظام الداخلي لمجلس النواب والذي حدد عدد أعضاء اللجان بما لا يزيد عن (21) وتخويل رئاسة المجلس بإجراء التعديلات وإضافة عضوين فقط". وأضاف البيان: "بما أن العدد الحالي هم (24) وهذه مخالفة صريحة لأحكام النظام الداخلي، لذا دعا نائب الرئيس اللجنة المالية بتعليق أعمالها لحين معالجة الخلل وتصحيح المسار وإعادة هيكلة عدد أعضاء اللجنة بالعدد المقرر (23)". وكان اخر نائب انضم الى اللجنة هو يوسف الكلابي الذي ادى اليمين الدستورية في نيسان الماضي.

وكانت أبرز التعديلات الاخيرة على الموازنة قد تضمنت إلزام إقليم كردستان بتسليم النفط الخام المنتج في حقوله بمعدل لا يقل عن 400 ألف برميل يوميا إلى وزارة النفط لتصديرها عبر شركة سومو الحكومية، أو استخدامها محليا في المصافي العراقية.

والفقرة الثانية تتعلق بإلزام كردستان تسليم حصتها من النفط قبل اعطائها استحقاقاتها المالية، وايداع إيرادات النفط في حساب مصرفي في البنك المركزي العراقي تحديدا.

تمرد أم حسد؟!

وعن توقيت تفجر الازمة يقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري انه "حان وقت تنفيذ الاتفاقيات السياسية (من ضمنها الاتفاق مع كردستان الذي ابرم في نيسان الماضي) ولذلك أصبح الإطار التنسيقي امام لحظة المواجهة مع القوى السياسية بعد مرور أكثر من 6 أشهر على تشكيل الحكومة".

واضاف في حديث مع (المدى): "قد تكون الموازنة اساس هذا الاتفاق مع وجود قضايا اخرى يمكن تفهم الشركاء عدم تمريرها، لكن الموازنة التي تعمل على توزيع الاموال وتضاعف نفوذ الاحزاب هو ما دفع الى لحظة الصدام والتمرد على الاتفاقات السابقة".

ويتحدث الباحث في الشأن السياسي عن اهمية الاخذ بنظر الاعتبار ان "هناك انتخابات محلية قادمة وربما ما جرى من انقلاب على الاتفاقات هو لحظة الحساب السياسي على تحالف الحلبوسي (رئيس البرلمان) وهو الان يواجه محاولات لإقالته، والحزب الديمقراطي نتيجة اصطفافاتهم السابقة" في اشارة الى التحالف الثلاثي الذي كان بين الحلبوسي والديمقراطي مع مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.

ويقدم الشمري قراءتين وراء موقف الإطار التنسيقي مما جرى، الاولى يصفها بـ"تمرد الإطار على السوداني وعلى اتفاقه مع كردستان"، معتبرا ان السبب "هو محاولة التضييق واحراج رئيس الحكومة وتحجيم قدراته داخل التحالف الشيعي حتى لا يتحول الى زعيم جديد".

ويتابع: "احباط الموازنة والاتفاقيات السابقة سيضع السوداني في موقف ضعيف امام القوى السياسية التي ستضطر في النهاية للذهاب الى التفاوض مع القوى الماسكة للقرار (ويقصد الإطار التنسيقي)".

اما القراءة الثانية وهي ان "هناك اتفاقا بين السوداني والإطار بشأن تعطيل الاتفاقيات، وهو امر وارد وحدث سابقا في تفاهمات غير معلنة، لكن ما يضعف هذه الفرضية ان رئيس الحكومة لا يريد فتح جبهة مع كردستان لأنها ستؤثر على حكومته".

ويختم الشمري كلامه قائلا: "هي لحظة تمرد على السوداني خصوصا ان منصات اخبارية قريبة من الإطار التنسيقي تدعو الى ايقاف هذا الاتفاق باعتباره هدرا للمال العام".

وكان مصطفى سند، عضو اللجنة المالية الاكثر حماسة للتعديلات على الموازنة، قال قبل ايام في تغريدة على "توتير" انه يتمنى على الحكومة عدم تنفيذ اتفاق بغداد أربيل، نظرا للفارق الكبير بين ما تنفقه الحكومة الاتحادية على الإقليم وما يرسله الإقليم من أموال.

وما يقوله سند يعتبره منقذ داغر وهو باحث في معهد امريكي بانه السبب وراء "رفض تلك الاتفاقيات خوفا من ان تكون كردستان نموذجا ناجحا وتبدأ المقارنات بين الشمال والجنوب".

ويقول داغر وهو مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعضو مجلس إدارة مؤسسة غالوب الدولية في حديث مع (المدى) ان "الخلاف متوقع جدا وربما تأخر فان كل الاتفاقيات التي ابرمت بين بغداد والاقليم تم التنصل عنها بعد تشكيل الحكومات".

ويتابع: "تفجرت الازمة الان لان الموازنة هي اول اختبار جدي للحكومة، اضافة الى التنافس المبكر للانتخابات حيث تتم شيطنة الاخر في الحملات الانتخابية لكسب اصوات المتطرفين والحزبيين الذين يكون لهم دور رئيسي في حسم النتائج".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top