انقلاب 1963.. مجزرة فاشية ومعرقلات (كارثية) بوجه المعتقلين

انقلاب 1963.. مجزرة فاشية ومعرقلات (كارثية) بوجه المعتقلين

 المدى/ خاص

لم تنصف الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وحتى الآن، معتقلي 1963، الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في السجون. وأدى انقلاب 8 شباط 1963 الى تغيير مسار الدولة العراقية واتجاهاتها عندما تمكن حزب البعث من الإِطاحةِ بنظام حكم عبد الكريم قاسم وتسنم زمام الأمور.

صراع "بعثي"

يقول الخبير القانوني، جمال الاسدي في حديث لـ(المدى)، إن "قانون مؤسسة السجناء السياسيين وضع ضوابط للشمول بالامتيازات والحقوق التي تمنح للسجناء السياسيين في فترة النظام البائد".

وأضاف أن "قانون المؤسسة نص على ان يتم مراجعة السجناء الذين تعرضوا للحبس من سنة 1967 حتى 2003 وهي فترة حكم حزب البعث البائد لغرض شمول المتضررين ومنحهم الحقوق كافة".

وتساءل الاسدي، عن "سبب عدم انصاف معتقلي 1963 بقانون مؤسسة السجناء"، مستدركاً أن "الفترة ما بين الأعوام 1963ـ 1967 تعتبر صراعا داخليا بين حزب البعث".

مجزرة "فاشية"

ويرى باحثون في تاريخ العراق السياسي، أن "انقلاب 8 شباط 1963 هو مجزرة فاشية راح ضحيتها الآلاف من العراقيين"، مشيرين الى أن "السلطات آنذاك اعتقلت الكثيرين من السياسيين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في السجون".

ويقول الكاتب والباحث، محمد علي محيي الدين، إن "هناك عراقيل وضعت عن عمد وتصميم في طريق انجاز معاملات معتقلي 1963 باجتهادات لم يخضع لها غيرهم من المشمولين بقوانين مؤسسة السجناء والمعتقلين السياسيين".

ويضيف أن "الاسباب الكامنة وراء تلك المعرقلات غير خافية، فجل هؤلاء من الشيوعيين والوطنيين الذين يعتبرون ساسة العراق الجديد من غير المحسوبين عليهم، ولأن أكثرهم لا يسيرون في خطوط الطائفية التي بنيت عليها العملية السياسية في العراق".

معاناة وحقوق

ويرى محيي الدين، أن "القائمين على المؤسسة يفسرون القوانين بما يخدم عقيدتهم في حرمان هؤلاء من حقهم المشروع، والادلة على ذلك كثيرة، وأبرزها هي مطالبة سجناء 1963 بوثيقة أصلية تثبت الحكم الصادر بحقهم"، لافتاً الى أن "ذلك يعد مطلب عزيز المنال لفقدان كافة الوثائق والسجلات الحكومية بسبب التغيرات التي حصلت في العراق وما رافقها من حرق للدوائر الحكومية وضياع ما يثبت حقوقهم".

ويتابع، أن "معاناة العسكريين منهم أكثر مرارة، فأغلب الوحدات العسكرية نهبت محتوياتها بعد معركة الكويت وبعد سقوط النظام عام "2003، مبيناً أن "اللجان التحقيقية (لا تعترف) بوثيقة رسمية مهمة ليس بالإمكان التلاعب بها أو تزويرها، وهي دفتر الخدمة العسكرية الذي ثبت فيه رقم مقتبس الحكم وتاريخه والمحكمة التي صدر عنها ومدة المحكومية، وكافة التفاصيل المتعلقة بالقضية".

عدالة وقوانين

تعتبر العدالة الانتقالية في العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري في 2003 حقاً من حقوق المواطنين، وعلى اثرها شُرع العديد من القوانين وشُكلت مؤسسات تُعنى بتطبيق قوانين العدالة الانتقالية ومنها وزارة الهجرة والمهجرين وهيئة المساءلة والعدالة ومؤسسة السجناء السياسيين ومؤسسة الشهداء وهيئة دعاوى الملكية وقانون اعادة المفصولين السياسيين وقانون تعويض المتضررين وغيرها.

ومن بين القوانين التي جرى العمل بها، قانون مؤسسة السجناء السياسيين بموجب القانون رقم (4) لسنة 2006، والذي جرى تعديله بموجب القانون رقم (35) لسنة 2013، وهي مؤسسة تعنى بمعالجة وضع السجناء والمعتقلين السياسيين والدفاع عن حقوقهم وفقا للقانون وضمانها باعتبارهم من ضحايا ومتضرري حكم صدام المقبور.

وطبقا للقانون المعدل لمؤسسة السجناء الذي تضمن تعريف مفاهيم السجين السياسي والمعتقل والمشمولين بالقانون داخل العراق وخارجه، فقد جاء في المادة (5) أولا "تسري احكام هذا القانون على السجين السياسي والمعتقل السياسي ومحتجزي رفحاء من العراقيين وأزواجهم وأولادهم من الاجانب ممن سجن أو اعتقل أو احتجز في ظل نظام البعث البائد وفقاً لما يأتي : 1- للمدة من (8/2/1963) ولغاية 18/11/1963) وحتى اطلاق سراحه على ان لا يكون لديه قيد جنائي. 2 – للمدة من (17/7/1968) ولغاية (8/4/2003)".

فترات تاريخية

القانون حدد وعرف المشمولين وحسب الفترات التاريخية لحكم البعث الذي مارس سياسته القمعية والارهابية ضد السياسيين والمعارضين له، والذين تعرضوا للتعذيب والسجن والاعتقال والمطاردات البوليسية والقمعية.

وتنص المادة (7) المعدلة تحت المادة (17) من القانون ذاته على شمول السجناء والمعتقلين وحصولهم على تعويضات مادية ومعنوية وامتيازات متساوية للجميع، ويحق للسجين السياسي الجمع بين راتبه المنصوص عليه في قانون مؤسسة السجناء وأي راتب اخر وظيفي او تقاعدي او حصة تقاعدية يتقاضاها من الدولة لمدة 25 سنة من تاريخ نفاذ القانون، وأعطي الحق للورثة من الزوجة والاولاد.

اجتهاد "شخصي"

وعليه فان مؤسسات الدولة معنية بتطبيق القانون، ولكن لوحظ ان هناك انتقائية واجتهاداً عند تطبيق القانون والذي لا يمكن تغييره الا بقانون اخر، ولا يمكن تجزئة القانون وفقا لاجتهادات، الا ان ما يجري الان عند مراجعة سجناء 1963 المشمولين بالقانون حيث منهم من انجز معاملته ولم يجرِ منحه حقوقه من قبل هيئة التقاعد الوطنية اسوة بالاخرين من سجناء رفحاء او الاخرين. فالقانون يعني ضمان حقوق الجميع بشكل متساوي. اما التمييز وعدم تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف فهو ضد المبادئ التي ثبتها الدستور في العدالة والمساواة بين المواطنين. لذا فالقانون مُشرع لسجناء 1963 كما هو مُشرّع لأقرانهم الاخرين المشمولين به.

واجبات و"إنصاف"

وينبغي على هيئة التقاعد الوطنية تطبيق القانون وفقا لما منصوص عليه، ويجب على مؤسسة السجناء السياسيين الدفاع عن هذه الشريحة من السجناء بغض النظر عن فترة سجنهم او اعتقالهم من قبل حكم البعث في 1963 او 1968 او 1991، كما ان من واجب لجنة الشهداء والضحايا والسجناء في مجلس النواب مراقبة تنفيذ القوانين وان تكون الحارس الامين لضمان العدالة والمساواة للسجناء والضحايا. وعلى رئاسة مجلس الوزراء متابعة عمل الدوائر ومؤسسات الدولة لضمان حقوق المواطنين في عموم المجتمع.

يذكر أن سجناء 1963 تعرضوا الى الحيف والتمييز السلبي من قبل الدولة ومؤسساتها في تطبيق قانون مؤسسة السجناء السياسيين، وهذا التمييز يشكل سابقة غير صحية في المجتمع، وفي تحقيق العدالة والمساواة، فهؤلاء مناضلون وطنيون ومخلصون قدموا التضحيات الكبيرة على الصعيد الوطني والاجتماعي، فلا يجوز التعامل معهم وكأنهم فئات مقصرة في حق المجتمع، وان على الدولة ومؤسساتها انصافهم ومنحهم حقوقهم المشروعة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top