ترقب دول المنطقة للتصعيد بين إيران وإسرائيل وتداعياته الإقليمية

د. فالح الحمراني 2024/04/27 11:22:40 م

ترقب دول المنطقة للتصعيد بين إيران وإسرائيل وتداعياته الإقليمية

د. فالح الحمراني

يشير محللون بريطانيون، إن الهجوم الإيراني على إسرائيل يوم السبت دق المسمار الأخير في نعش جهود الولايات المتحدة الرامية لإقامة تحالف يضم الدول العربية وإسرائيل أو يسمى بحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط للدفاع المشترك ضد أي هجوم تشنه طهران. * وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون وعرب حاليون وسابقون:

إن الرادارات وأنظمة الإنذار المبكر التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في قواعدها العسكرية في الخليج لعبت دورا مهما في تعقب أسطول الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيراني الذي تحرك ببطء. وأضافوا أن الولايات المتحدة تمكنت في اللحظة الأخيرة من نشر طائرات مقاتلة من المملكة العربية السعودية وقطر للمشاركة في العملية.

ولكن في النهاية، قللت دول الخليج العربية من أي تورط والقت عبأ صد الهجوم الإيراني على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والأردن، الذي يعتمد بالكامل على المساعدة المالية الأمريكية. من جهته، حاول الأردن تفسير مشاركته في إسقاط الطائرات الإيرانية بدون طيار كعمل من أعمال الدفاع عن النفس، لا علاقة له بالدفاع عن إسرائيل. ويقول مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق "كان هناك تعاون غير مسبوق بين إسرائيل والولايات المتحدة والأردن: " ولكن تسميته بالتحالف هو مجرد وهم". وفي هذا الصدد، نشير إلى أن عدداً من المصادر الدبلوماسية أفادت الأسبوع الماضي أن دول الخليج أغلقت أراضيها أمام الضربات ضد إيران في حال شعرت واشنطن بالحاجة إلى الرد على هجوم إيران على إسرائيل. وقامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعُمان والكويت بفحص اتفاقياتها مع واشنطن للتأكد من أنها تفعل الحد الأدنى وتتجنب الانخراط في هجمات مباشرة على أهداف إيرانية. وأشار بلال صعب، المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأمريكية والذي يعمل الآن في تشاتام هاوس، إلى أن الإجراءات المدروسة لدول الخليج تؤكد مرة أخرى مدى حدود سعي إدارة بايدن لإنشاء حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط: "عندما تسمح دول الخليج العربية باستعمال مجالها الجوي لضرب أهداف إيرانية، يمكننا أن نبدأ بالحديث عن حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط. أما الآن فالعكس تماماً. وأعتقد أن ما رأيناه في هجوم السبت يقوض أي فكرة عن حلف شمال الأطلسي العربي والإسرائيلي. ومع انقشاع الغبار عن هجوم يوم السبت، أصبح رد فعل المنطقة تحسبا لهجوم آخر، بمثابة ساحة معركة جديدة بين طهران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل، ومن جهة أخرى – هذا لا علاقة له بالفلسطينيين، بل على الأرجح بقضية أكبر تتمحور حول من سيتولى القيادة في الشرق الأوسط". وتسعى إدارة بايدن وإسرائيل إلى تصوير دفاع إسرائيل الناجح على أنه أحد نتائج لجبهة موحدة بين الحلفاء، بما في ذلك الدول العربية. وأشاد وزير الدفاع الإسرائيلي بـ "التعاون الإقليمي" الذي سمح لإسرائيل بالدفاع عن نفسها. ومن شأن التنسيق الناجح مع الدول العربية أن يسمح لإسرائيل بتقديم صد الهجوم الإيراني باعتباره نصراً استراتيجياً.

ويقول محللون إن ذلك قد يساعد على تخفيف التوتر من خلال تقليل الحاجة إلى رد إسرائيلي أكثر قوة. وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في 15 أبريل، إن " ما أظهره نهاية هذا الأسبوع هو أن إسرائيل ليست مضطرة للدفاع عن نفسها عندما تكون ضحية هجوم وعدوان" وتهدف الجمهورية الإسلامية من جانبها إلى عزل إسرائيل، ومنع أي تعاون بينها وبين دول المنطقة. وتتجادل طهران وواشنطن الآن حول ما إذا كان قد تم تقديم إشعار مسبق بالهجوم على إسرائيل. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن طهران أبلغت الولايات المتحدة بالهجوم قبل حوالي 72 ساعة من خلال "أصدقائنا وجيراننا". وأكدت صحيفة وول ستريت جورنال في 15 أبريل، هذا الادعاء، وذكرت أن إيران أبلغت المسؤولين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بهجومها. وقال مسؤولون أتراك أيضا لقد تم إبلاغ تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، أُبلغت بالهجوم قبل أيام. لكن الولايات المتحدة نفت تلقيها تحذيرات قبل أيام من الهجوم. وهذا أمر منطقي: الأميركيون ينكرون دائماً، مفاوضاتهم واتصالاتهم مع إيران بشأن أي قضية حتى يحافظوا على سمعتهم الدولية. لكن الخبراء يقولون شيئا آخر.

ويعتقد جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن التسريب الإيراني لدول الخليج تم نقله إلى الولايات المتحدة لأن الحكام العرب يخشون أن تؤدي ضربة إيرانية مميتة على إسرائيل إلى إثارة نزاع أوسع نطاقا وإن إيران تسعى الى تجنب مثل هذه الحرب: " إن الأردن ودول الخليج العربية معنية في المقام الأول بمنع التصعيد الإقليمي. ولا أرى أن هذا يعني مضاعفة دول الخليج لشراكتها الاستراتيجية مع إسرائيل. وسيواصلون المباحثات مع إيران لمنع الانهيار الذي يخشون أن يجرهم جميعا إلى الهاوية". واحتفظت دول الخليج العربية بموقفها تجاه إيران، لكنها تشعر بالقلق مما تعتبره ضعف النفوذ الأمريكي في المنطقة واستعدادا محدودا للدفاع عنها، كما فعلت واشنطن مع إسرائيل. فلم ترد الولايات المتحدة على هجوم الحوثيين على منشآت أرامكو النفطية في السعودية عام 2019، والذي اتُهم بأنه مدعوم من إيران. لقد تزايد شعور عدم ثقة دول الخليج بالولايات المتحدة منذ تولي إدارة بايدن السلطة.

وانتقد بايدن وأعضاء حزبه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بسبب سجله الأسود في مجال حقوق الإنسان. كما اعتبرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة رد إدارة بايدن على هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار ردا فاترا. ورداً على ذلك، اتخذتا خطوات لتحسين العلاقات مع طهران. وعينت الإمارات في أبريل 2023، سفيرها الجديد لدى الجمهورية الإسلامية بعد سبع سنوات. وقامت المملكة العربية السعودية وإيران بتطبيع العلاقات كجزء من اتفاق توسطت فيه الصين. " إن معظم الدول العربية تفضل المصالحة مع إيران لأنها لا تستطيع الاعتماد على إدارة بايدن. كما قال ميلشتاين: "لقد فضلوا التعامل مع إيران بدلاً من الأمريكيين". وقال صعب من تشاتام هاوس إن على واشنطن تقديم ضمانات أمنية ملموسة لدول الخليج العربية من أجل تحقيق تنسيق إقليمي حقيقي بينها وبين إسرائيل ودول الخليج. وكانت السعودية قد طلبت مثل هذا الدعم، إلى جانب أنظمة أسلحة جديدة، كجزء من صفقة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن تلك المحادثات توقفت مع قيام إسرائيل بضرب قطاع غزة: "إن آخر شيء ستفعله دول الخليج العربية هو استفزاز إيران وتلقي الدعم من الأميركيين". وقال المحلل السعودي عزيز القاشيان من المرجح إن هجوم يوم السبت على إسرائيل سيدفع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى وضع رهان أكثر على استعادة العلاقات مع طهران. ويعتقد أن هدف الرياض هو "عدم التدخل" في التوتر بين إسرائيل وإيران في سعيها لتحقيق أهدافها التنموية الاقتصادية: "إن القيمة الاستراتيجية لاستعادة العلاقات مع طهران باتت تؤتي ثمارها". وبالتالي، وفي تلخيص ما قيل، يمكننا أن نستنتج أن من المستبعد أن تتعرض سياسة دول الخليج العربية الرامية لإقامة حوار بناء مع إيران، لتغييرات جوهرية على خلفية الاحداث الأخيرة، وينبغي النظر إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي حول "تشكيل تحالف إقليمي واسع النطاق". على أنها تعبير عن رغباته الشخصية لا غير.

• اعتمدت المادة على تقارير معهد الشرق الأوسط في موسكو

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top