جريدة البديل الإسلامي

Sunday 21st of October 2012 05:00:00 PM ,
العدد : 2629
الصفحة : آراء وأفكار ,

 قبل كل شيء أريد أن أحسم أمراً هنا ، أؤكد إني لم ولن أطلب من أي جهة سياسية عراقية سواء كانت مشتركة في الحكومة أو خارجها، سواء إسلامية أو غير إسلامية ، وظيفة ، أو مساعدة على الإطلاق ، أبدا ، بل أكثر من هذا ، عُرِضت علي الأموال ورفضتها ، عرضت عليَّ من أعلى مستويات الحكومة الحالية ، بل أكثر من هذا وذاك ، لم أحصل على تقاعدي ، ولا على احتساب خدمتي ، وقد تقدمت بمعاملة احتساب الخدمة والتقاعد ، وبعد أن أكملت (فايلي ) ، وسُلِّم إلى مديرية تربية الرصافة الثانية ، وفيما راجعتُ المعاملة بعد حين ، قالوا : (آسفين إن فايلك سُحِب من المديرية بواسطة موظفين اثنين ولا نعرف كيف جرى الأمر ... ) ..
وسوف أشرح ذلك بالتفصيل في حلقة مقبلة ، شهد الله وعلم ما كنت أذكر هذه الحقيقة سوى أني سمعت همهمة بأن حلقات ( خسرت حياتي ) هي عبارة عن رد فعل ، لأني لم أشغل وظيفة في الحكومة ، مع العلم  بإمكاني أن أصل إلى أرقى وظيفة بالتدليل والتزلف ، فيما بدأت نقدي للحكومة منذ الأيام الأولى ، بل استهجنت كلام خضير الخزاعي في مكة عندما قال لي :( نتحدث عن كل شيء ولكن دون التوظيف )..
وفي تصوري أن من ينطلق في تفسير (خسرتُ حياتي ) بهذا الدافع، إنما يترجم ما في داخله ، أو جاهل، ثم ، لم ولن استعين بأخي النائب في البرلمان العراقي في أي قضية،، بل استكثرت عليه علنا ، وبالكلام الصريح ، وفي حلقات ( خسرت حياتي، أن يكون عضوا في البرلمان بالطريقة التعويضية أو البدلية إذا صح التعبير، وما هذه التخرصات سوى دليل على ضعف نفوس أصحابها ، وبلادة فكرهم، وكأنهم لا يعرفون غالب الشابندر الذي اختار ( أحقر ) بيت للسكن في طهران وسوريا ، فيما كان القادة في شمال طهران ، والمزة ، وفي ذلك ما يشرفني ويكفيني عزا والحمد لله، ولست مستعدا أن ألهي نفسي بهذه القضية بأكثر من هذه الكلمات، فأنا ( غالب حسن الشابندر ) وليس فلانا أو علانا .
كان مشروع جريدة البديل الإسلامي إحداث نقلة في تفكير الإسلاميين على أربعة صُعد مهمة :
الصعيد الأول : التعامل السياسي الواقعي مع القضية العراقية، فقد طرحت الجريدة مشروع الإطاحة الدولية بنظام صدام حسين مع عدم إ همال الدور الداخلي للحركة العراقية المعارضة .
والصعيد الثاني : هو انفتاح الحركة الإسلامية على الآخر خاصة وإن بيان التفاهم الذي كان قد أعلن عنه حزب الدعوة قد أُهمل أو فشلَ أو تُرك .
والصعيد الثالث : هو تبني الحركة الإسلامية للديمقراطية كآلية وصول للسلطة وليس كمضمون اجتماعي .
والصعيد الرابع : استقلال القرار السياسي للحركة الإسلامية العراقية من الوصاية الخارجية أو ضرورة أن تكون للحركة الإسلامية العراقية كلمتها المستقلة في التعامل مع الأنظمة في ما يخص عملها لإسقاط النظام العراقي .
وكان المشرفون على المشروع بشكل رئيسي السيد محمد عبد الجبار الشبوط، خاصة موضوعة الديمقراطية، والسيد عزت الشابندر، وكاتب هذه السطور ، وآخرون، بالنسبة لكاتب هذه السطور كان مشاركا فكريا وسياسيا ، وقد كتب في أكثر من مجال ، وقد وجدها فرصة سانحة للحديث عن شيعة العراق بشكل مركز في الجريدة ، لأن جريدة الجهاد الدعوتية التي كنتُ أكتب فيها تعارض مثل هذا التوجه ، تعتبره طائفيا وخارج حريم الفكر الإسلامي النزيه ، وسوف أتطرق لاحقا إلى مجلة الجهاد ، التي كان لها دور كبير في التثقيف السياسي ، وأسلط الضوء على كتابها المميز  آنذاك . لقد كتبت أكثر من موضوع مثير .
منها : الوعي الشيعي المستغفَل ، ومنها: حدود العلاقة بين الحركة الإسلامية وولاية الفقيه .
ومنها : نريد مرجعية على قارعة الطريق.
ومنها :الشيعة ، تلك القضية المغدورة، وغيرها ..
فضلا عن التحليل السياسي لما يقع في المنطقة من حوادث سياسية ذات شأن خطير ، وذات علاقة بالقضية العراقية ، وكان للجريدة صداها في الساحة السورية ، بحيث غطت على الجرائد الأخرى، نظرا لصراحتها، وجدّت موضوعاتها وطروحاتها ، الأمر الذي استفز الآخرين ، خاصة حزب الدعوة الإسلامية في الشام ، وقد وظف الحزب بعض عناصره العاطفيين والمتملقين خاصة ( الداعية الشريف جدا جدا جدا ) للتشنيع على الجريدة خاصة على الصعيد الفكري ، ومما اتهموا به الجريدة أنها ضد ولاية الفقيه ، وأنها تشرع للديمقراطية وهي نقيض الإسلام، وإنها تتوسل بالدول الكبرى للإطاحة بالنظام الصدامي مما يعني تشكيكها بقدرات (شعبنا ، وحزبنا)،وما إلى ذلك .
ما الذي حصل في ما بعد ؟
سقوط النظام العراقي حصل على يد أمريكا ، حزب الدعوة الذي يعتبر العمود الفقري للإسلام السياسي يرفع راية الديمقراطية عاليا، وفيما كان القائد الدعوتي يلقي المحاضرات عن حرمة مصافحة الأجنبية، نجده اليوم يصافح الأيادي الناعمة الحلوة الملساء وربما بحرارة وود ، وأخيرا ، يوافق على أن يسقط النظام بأيدٍ أمريكية وربما صهيونية ... بل يتحول إلى جزء من مشروع أمريكي في العراق بشكل وآخر ، أقلها ، في البداية، وهناك كلام عما جرى في ما بعد... وشيء مضحك عندما يقول الإسلاميون إن دماء الشهداء هي التي أسقطت نظام صدام حسين ، هذه الفذلكة المخزية،التي تدل على كذب هؤلاء ( المتدينين ) ، وتدل على انتهازيتهم .
لقد قال قبل أيام خضير الخزاعي لمسؤول أمريكي في مكتبه ، وقد قرأت التصريح في المواقع العراقية ،منها صوت العراق : ( إننا نجحنا في التقريب بين فرقاء العملية السياسية)! انظروا إلى فن التزلف ، واحزروا كيف أن الخزاعي يريد أن يخبر هذا الأمريكي المسؤول عن دوره  وإنه رقم ، كي يضع الأمريكي في قائمة حسابه خضير رجلا ينبغي الاستفادة منه ،وعدم التفريط به ، وإلا أي داع لمثل هذا التصريح بين يدي رجل من رجالات الشيطان الأكبر ؟ شنشنة أعرفها من أخزم.
لقد اخترقت جريدة البديل الإسلامي الممنوع على الدعاة ، وما زلت أتذكر مقالا لي انتقدت به مقابلة لرئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري كانت حول بعض تصريحاته عن سياسة الحركة الإسلامية الجديدة بعد توقف الحرب الإيرانية /العراقية،وكان عنوان المقالة ( حوار مع الدكتور جعفري عفوا الجعفري)، وكان للمقال رد فعل قوي ضد كاتبه من قبل قيادات الدعوة ، ولي في ذلك كلام يأتي في وقته .