استخدام الفيس بوك كوسيلة نشر للنصوص الأدبية يُقلل من قيمة النتاج الأدبي

Tuesday 8th of September 2015 12:01:00 AM ,
العدد : 3451
الصفحة : عام ,

"ان ضُعف الرقابة الثقافية وقلة دعم وزارة الثقافة للشباب العراقي المبدع دفع الكثير من الشباب الذين يملكون أقلاماً مبدعة او على أقل تقدير شبه محترفة الى نشر نِتاجهم الادبي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص الفيس بوك", كان هذا الرأي السائد

"ان ضُعف الرقابة الثقافية وقلة دعم وزارة الثقافة للشباب العراقي المبدع دفع الكثير من الشباب الذين يملكون أقلاماً مبدعة او على أقل تقدير شبه محترفة الى نشر نِتاجهم الادبي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وجه الخصوص الفيس بوك", كان هذا الرأي السائد للعديد من الشباب العراقي المبدع والمغمور مُجيبين من خلاله عن التساؤل حول اسباب استخدامهم الفيس بوك لنشر منتوجهم الادبي ؟ , إضافة الى العديد من الاسباب التي دفعت هؤلاء الشباب للنشر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مُتناسين مدى التأثير السلبي لهذه المواقع على نتاجهم الادبي , وهل ستكون هذه المواقع وسيلة نشر كافية لتفوق أقلامهم وشهرتها مُستقبلاً , من جانبٍ آخر هنالك العديد من الشباب الذين باتوا يطلقون على أنفسهم ألقاب ( الشاعر , الكاتب , الروائي ......) من خلال الفيس بوك لنشره عددا من الاسطر التي حصدت مئات الاعجابات او التي اثنى عليها العديد من الاشخاص من خلال التعليقات بدون أن تُعرض على عدد من النُقاد والمتخصصين في مجال الكتابة , وبعد أن تعددت الاقاويل في هذا الشأن من قبل شخصيات لها باع كبير في مجال السرد والشعر والثقافة ومن قبل شباب استطاعوا أن يخطوا أولى خطواتهم نحو الشهرة , و آخرين مازالوا خلف الستار لأسبابٍ عديدة , قامت المدى باستعراض اسباب هذه الظاهرة ومناقشتها مع الجهات المختصة .
حيثُ قالت مديرة مكتب المركز الوطني لحماية حق المؤلف والحقوق المجاورة في وزارة الثقافة هند اسماعيل الحديثي : "لاتوجد أية فائدة ومصداقية من خلال نشر النِتاج الادبي للشباب على الفيس بوك لأنهُ يُعتبر وسيلة مُباحة ومجانية , حيث انهُ يُفقِد الناشر حقوقه المادية والمعنوية , الفائدة الوحيدة من النشر على الفيس بوك هي للمُتلقي اي الشخص الذي يقرأ ما يُنشر على الفيس بوك ."
واضافت الحديثي "إن مُتابعين الناشر على الفيس بوك نادراً ما يكونون مُتخصصين في مجال الادب والكتابة وبذلك لن تكون هنالك جهات مُتخصصة من الممُكن أن تُقيم مدى استحقاقية الكاتب او تُدلي بآراء ونصائح سديدة للكاتب ."
و أكدت قائلة : "إن سبب استخدام الشاب للفيس بوك هو قلة التوجيه الثقافي وقلة الدعم الادبي , الشاب العراقي اليوم لا يجد من يدعم إبداعهُ وينشر نِتاجه الثقافي والفكري , اضافة الى إن دور النشر والطباعة تفرض على الكاتب مبالغ طائلة لطباعة ونشر منتوجه الادبي وهذا ما يدفع الشباب غير المتمكنين والذين لا يملكون جهة داعمة الى النشر بالمجان على الفيس بوك."
من جانبها ، قالت الشاعرة الشابة آية منصور "الفيس بوك اصبح وسيلة سريعة جداً لنشر النتاجات , وتفوق حتى على الصحف والمجلات في ذلك , إضافة الى انهُ ذو فائدة في تبادل المعلومات والخبرات بين المؤلفين والمبدعين والشعراء ."
و أشارت منصور متحدثة عن تجربتها في مجال الكتابة "كتجربة شخصية أنا عُرفت كشاعرة من خلال الفيس بوك بعد أن نشرت العديد من نصوصي الشعرية , والتي عُرضت على العديد من الشعراء المعروفين وابدوا إعجابهم بها , بعد ذلك لجأت لطباعة مجموعتي الاولى غابة اصابع" ، مؤكدة "إن الفيس بوك وسيلة لتبادل النتاجات ومناقشة مستواها الادبي بين الشعراء ورواد السرد ."
وبينت منصور "لا أعتقد إن للفيس بوك مضار من ناحية الحفاظ على ملكية المنتوج وذلك من خلال نشر الموضوع في مدونات خاصة بالكاتب او صفحات خاصة بهِ وذكر اسم الكاتب مع كل نص يتم نشره ."
وأضافت قائلة : "مع ذلك على الناشر ان يكون حذراً في نشر نِتاجاته , إلا إن هذا لا يعني أن يمتنع الناشر من نشر مؤلفاته على الفيس بوك باعتباره الوسيلة الاولى اليوم للنشر , إضافة الى استغلال بعض دور النشر والطباعة حاجة المؤلف لهم و فرض مبالغ كبيرة بصفتهم جهة تهتم بالجانب المادي وليس بالنتاج الادبي."
كما أكد الشاعر الشاب علي رياض "ان الفيس بوك ساحة كبيرة وواسعة لنشر المُنتج الادبي , كما انهُ وسيلة سريعة باتت تتفوق على الصحف التي لا يكاد يقرأها اليوم إلا عدد قليل من الُقراء , إلا إن للفيس بوك جمهورا كبيرا. "
وبين رياض "إن جمهور الفيس بوك لا يتمتع بمحدودية المبدعين فيتساوى حين ذاك الكاتب الهاوي والمحترف , كما لا يميز من خلاله بين النصوص الاحترافية والنصوص الضعيفة فالفيصل الوحيد في الفيس بوك هو مقدار الاعجابات الذي يحصل عليها النص المنشور ."
وأضاف : "لا يُمكن الاعتماد على الفيس بوك في تقييم الكاتب من حيث رصانة نصوصه وقوتها وعمقها الادبي , ذلك إن هُنالك العديد من النصوص التي تجذب لها الافكار المُراهقة والتي تفتقر للعمق الادبي والفلسفي ."وأشار رياض "يعود لجوء الشباب الى النشر عبر الفيس بوك الى إهمال وزارة الثقافة لعدد كبير من الفئات الشابة المبدعة وعدم متابعتهم ودعمهم , وهذا ما نُلاحظهُ من عدد الكتب التي تتكفل الوزارة بطباعتها ونشرها سنوياً والتي لا تتجاوز العشرين كتاباً وهذا على عكس ما نراه في دول أُخرى تُعاني اوضاعاً أصعب بكثير من وضع العراق الحالي مثل سوريا , إضافة الى عدم تخصيص برامج ثقافية وتوعوية من قبل الوزارة لتوجيه الكاتب الشاب ودعمه وتطوير موهبته ."
ولفت رياض "لا يُمكن إلقاء اللوم على دور النشر ذلك لأنها جهة همها الوحيد الفائدة المادية وهذا حق من حقوقها وليس من واجباتها إختيار نوع المادة التي تم نشرها او الموضوع الذي يُناقشهُ ذلك الكتاب وما الى ذلك."
وأكد الروائي أسعد اللامي قائلاً : "مواقع التواصل الاجتماعي غزت كل المجالات ومن ضمنها مجالات الادب , ذلك لأنها وسيلة نشر مجانية فمن الممكن لأي شخص أن ينشر ما يريده سواء أكان كلاماً عادياً او مادة أدبية."
وبين اللامي "إذا كُنا نوّد التحدث عن الجانب الاحترافي للكتابة , أي إن الشاب الممُتهن للكتابه او المحترف او على اقل تقدير شبه محترف سيعتبر النص المنشور إنتاجيا وبذلك عليه تهيئة النصوص ليثبت نفسه كاسم ذي وقع ادبي. "كما أكد اللامي " نُلاحظ اليوم عملية استسهال حيث تُنشر النصوص والكتابات بشكل سريع وبدون مبالاة لأهمية و نوعية هذا النص , وهنالك مواقع كثيرة اليوم لنشر النصوص حتى انها تنشر بدون مراجعة او تعديل للأخطاء الموجودة ضمن النصوص ."
وأشار"المضرة من الفيس بوك للشباب الهادفين لأن يكونوا ادباء وذلك عن طريق ظاهرة نشر النصوص بكثرة , وبشكل سريع ومجاني إلا إن على النص أن ينضج بهدوء ليتمكن الكاتب المحترف او الراغب بالشهرة والاحتراف من الحصول على نص رصين يستحق النشر . "
وأضاف "اضافة الى ما نُلاحظه اليوم من ألقاب توزع بالمجان على بعض الشباب غير المؤهلين لحمل هذه الالقاب مثل ( الشاعر او القاص او الكاتب او الروائي .... الخ) , فقد وصلنا الى مرحلة استخفاف بالذات ."
ولفت اللامي "إن المشكلة الاضافية التي تضطر الكثيرين اليوم الى استخدام الفيس بوك لنشر نتاجهم هي عمليات النشر والتوزيع فنحن اليوم نفتقر لدور نشر مهنية تعمل على توزيع إصدارات الكاتب بشكل كبير ما يُعطي الكاتب و نتاجاتهُ حقها , وهذا عكس ما نراه في دول اخرى مثل مصر التي تمتلك العديد من دور النشر التي تحترم الكاتب و تعمل على توزيع نتاجاته بشكل يفي حقه. "