الزهايمر أكثر النتائج الكارثية للوجبات السريعة

Tuesday 30th of October 2012 11:00:00 PM ,
العدد : 2634
الصفحة : تقارير عالمية ,

ترجمة عبدالخالق علي
تتوافر أدلة على ان سوء التغذية هو احد اسباب الاصابة بالزهايمر.  عندما يثار موضوع الافراط في الأكل و السمنة غالبا ما يبدي الناس آراء مستهجنة، فالتعليقات الخاصة بهذه القضايا تكشف عن وجود الكثيرين ممن  يفرحون بمشاكل الآخرين، إذ عند مناقشة الإدمان على الكحول و المخدرات، تكون لهجة البعض متعاطفة مع هذه القضايا اما عند مناقشة السمنة فتهيمن على الحديث لهجة السخرية و اللوم رغم أن الأدلة توحي بان السمنة ناجمة عن شكل من أشكال الإدمان. اعتقد ان هذه السخرية هي نوع مغلف من انواع الخيلاء، فالعلاقة  القوية بين الوجبات المتواضعة و الفقر تسمح للناس باستخدام هذه القضية كغطاء لشيء آخر غير مقبول اجتماعيا يريدون قوله . لكن المشكلة تعود الينا جميعا، فحتى لو كان بامكان اي منا  ابعاد نفسه عن المعاناة التي تسببها الوجبات المتواضعة فانه يتحمل الثمن لأن النسبة المتصاعدة المخصصة  لميزانية الصحة سوف تستخدم لمواجهة هذه المعاناة. الثمن – الذي يقاس بمعاناة البشر و المال – يمكن ان يكون اكبر مما نتصور. اكثر الادلة توحي اليوم بان الزهايمر هو مرض أيضي ( يتعلق بالتمثيل الغذائي ) في المقام الاول . بعض العلماء يذهب الى اكثر من ذلك عندما يطلقون عليه اسم مرض السكري من النوع 3 ، حيث طبعت مجلة " العالم الجديد " هذا العنوان على غلافها في الاول من ايلول؛ و منذ ذلك الوقت و انا اجلس في المكتبة محاولا اكتشاف ما اذا كان هذا العنوان سيصمد. لقد قرأت عشرات الدراسات عن الموضوع مختبرا  قدراتي المعرفية الى ابعد حدودها، محاولا سبر غور  كيمياء الدماغ.  حوالي 35 مليون شخص يعانون من مرض الزهايمر في كل انحاء العالم؛ التوقعات الحالية – المبنية على معدل الشيخوخة – توحي بان هذا العدد سيتصاعد الى مئة مليون بحلول عام 2050 . لكن – و كما يعتقد الكثير من العلماء اليوم – اذا كان المرض ناجم عن ضعف استجابة الدماغ للانسولين، فان العدد قد يزداد الى حد كبير. في الولايات المتحدة تضاعفت النسبة المئوية للاشخاص المصابين بمرض السكري نوع 2 – المرتبط الى حد كبير بالسمنة – الى ثلاثة اضعاف خلال ثلاثين سنة، فاذا اتجه الزهايمر بنفس الاتجاه فلا يمكن حينها احصاء معاناة البشر . الانسولين هو الهرمون الذي يحفز الكبد و العضلات و الدهون على امتصاص السكر من الدم. ينتج مرض السكري نوع 2 من زيادة الكلوكوز في الدم و يأتي السبب اما من نقص الانسولين الذي ينتجه البنكرياس او من مقاومة إشاراته من قبل أجهزة الجسم التي عادة تستوعب الكلوكوز. العلاقة بين الزهايمر و السكري نوع 2 هي علاقة راسخة : فالمصابين بالنوع 2 من المحتمل ان يتعرضوا للاصابة بهذا النوع من الخرف اكثر بضعفين او ثلاثة من عامة الناس. كما ان هناك علاقات ايضا بين الزهايمر و السمنة و بينه و بين اعراض التمثيل الغذائي ( عقدة من الامراض المرتبطة بالنظام الغذائي ) . في عام 2005 افترض الباحثون اولا ان الزهايمر هو نوع من انواع مرض السكري. قام الباحثون بفحص ادمغة 54 جثة، 28 منها تعود لأشخاص ماتوا بسبب المرض،فوجدوا بان مستويات الانسولين و عوامل النمو الشبيهة بالانسولين في ادمغة المصابين بالزهايمر كانت ادنى بكثير  من تلك الموجودة في ادمغة الذين ماتوا لأسباب اخرى . ادنى المستويات كانت في اجزاء الدماغ المتأثرة اكثر بالمرض . هذا العمل دعاهم للاستنتاج بان الانسولين و عامل النمو الشبيه بالانسولين يتم انتاجها ليس فقط في البنكرياس و انما في الدماغ ايضا. الانسولين في الدماغ له مجموعة من الوظائف؛ بالاضافة الى تمثيل الكلوكوز فانه يساعد على تنظيم انتقال الاشارات من خلية عصبية الى اخرى و يؤثر على نموها و لدونتها و ابقائها على قيد الحياة .
يبدو ان التجارب التي اجريت منذ ذلك الوقت تدعم العلاقة بين الطعام و الخرف، و بدأ الباحثون بافتراض الآليات المحتملة. كقاسم مشترك في كل كيمياء الدماغ، فان هذه الآليات معقدة و تشمل، من بين تأثيرات اخرى، الالتهاب و الاجهاد الناجم عن الأكسدة و تراكم نوع واحد من بروتين الدماغ و تحوّل نوع آخر . لازالت هناك حاجة الى الكثير من البحوث، لكن لو كانت التفسيرات الحالية صحيحة فان مرض الزهايمر يمكن ان يكون اسوأ نتيجة كارثية لصناعة الوجبات السريعة . يبدو ان حكوماتنا- و هي تواجه الازمات الكبيرة – غير قادرة على الاستجابة . استجابة الحكومات  للكوارث العديدة الناجمة عن استهلاك الكثير من السكر و الدهون ستتمثل في  دعوة الشركات و المستهلكين الى تنظيم انفسهم. قبل استبداله بشخص آخر اسوأ منه، قام وزير الصحة السابق اندرو لانسلي بتسليم مسؤولية تحسين النظام الغذائي الى شركات الاطعمة و المشروبات و هي ستراتيجية مفيدة فقط اذا ما تطوعت هذه الشركات  للتخلي عن الكثير من اعمالها التجارية .
يمكن لصناعة المواد الغذائية غير المرتبة ان تهندس منتجاتها – تحميلها بالدهون و الملح و السكر و شراب الذرة عالي الفركتوز – من اجل تجاوز الاشارات العصبية التي من شأنها ان تدفع الناس للتوقف عن الأكل . يمكنها ان تملأ عيون البالغين و الاطفال بالاعلانات. يمكنها استخدام الحرية الممنوحة للمدارس الاكاديمية ببيع الشوكولاته و الحلويات و المشروبات الغازية  التي هي ممنوعة حاليا في المدارس الاعتيادية. يمكنها استخدام اشارات المرور لغرض اعلام الناس بكميات الدهون و السكر و الملح التي يحتويها طعامهم. ثم يمكنها ان تلتفت الى الحكومة و تلوم الزبائن على تناولهم المنتجات التي تبيعها . انها حرب طبقات، حرب ضد الفقراء تشنها الطبقة المتنفذة في الحكومة و في الصناعة .
لحد الان لا يمكننا ان نجزم بان النظام الغذائي الفقير هو السبب الرئيسي لمرض الزهايمر، رغم أن الدليل قوي و متنامٍ .  ان اجتناب الوباء المحتمل لهذا المرض المدمر يعني ان نعارض مسببي الأذى – اولئك الذين يسخرون من الناس بسبب امراضهم و ايضا اولئك الذين ينشرون المرض من خلال بيع الاطعمة القاتلة.
  
عن الغارديان البريطانية