شناشيل: لا نريد هذا الانسحاب !

Tuesday 5th of February 2019 08:49:40 PM ,
العدد : 4366
الصفحة : الأعمدة , عدنان حسين

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

كلا الفريقين،الذين يريدون الإبقاء على قوات التحالف الدولي في العراق، والمطالبين بإخراجها مهدّدين بتحقيق ذلك بالقوة " في ليلة ظلماء"، لم يقدّم لنا أي أطروحة تقنعنا تماماً بوجهة نظره وتستميلنا إليها لنؤيدها ثم نصفّق لهم ونردّد : يا .. يعيش!!.
المطالبون بالإبقاء لم يشرحوا على نحو واضح وصريح المخاطر المترتّبة على الانسحاب الآن، وهي بالطبع مخاطر جمّة، فداعش لم يزل موجوداً وفعّالاً داخل الاراضي العراقية وفي سوريا، وتركيا وإيران ما فتئتا تمثّلان تهديداً واقعياً للأمن الوطني العراقي، والصراع الاقليمي والدولي لم تبتعد ظلاله وأشباحه عن العراق، بل العراق إحدى البؤر الرئيسة لهذا الصراع. القوات العسكرية والأمنية العراقية لم تتأهّل تماماً بعد لمواجهة كل هذه المخاطر وضمان الأمن والسلم الأهلي في البلاد.. خروق داعش اليومية دليل، وعمليات القتل التي تجري حتى داخل المدن المراقبة شوارعها بالكاميرات دليل، فضلاً عن الخطر الدائم المتمثل بانفلات السلاح وعدم سيطرة الدولة عليه وفعالية الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة والعشائر.
أما المطالبون بطرد قوات التحالف فليس عندهم سوى الصخب والضجيج باسم السيادة الوطنية التي تنتهكها يومياً إيران وتركيا ولا أحد من هؤلاء يريد أن يرى هذا أو يسمع عنه، وهذا من متطلبات الأجر المدفوع في سبيل الضغط لإخراج قوات التحالف كيما يظلّ الإيرانيون والأتراك طلقاء الأيدي يعبثون بشؤون البلاد الداخلية.
في نهاية 2011 واجهنا موقفاً مماثلاً. نوري المالكي الذي كان رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع والداخلية خضع لضغط إيران وجماعاتها بإنهاء العمل باتفاقية التعاون الستراتيجي مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي من دون دراسة العواقب المحتملة، ما ترتّب عليه انسحاب كامل قوات التحالف وانكشاف ظهر العراق أمام تنظبم داعش الإرهابي، وبعد أقل من سنتين ونصف السنة وقع أوخم العواقب باحتلال داعش ثلث مساحة البلاد وتهديد العاصمة بغداد بالسقوط.، فيما حلّت بالبلاد وقومياتها ومكوناتها المختلفة محنة تاريخية لا نظير لها تقريباً، الى اليوم لم يحقق َأحد في المسؤولية عنها، فذهبت أرواح مئات الآلاف من الناس ومعاناة الملايين من النساء والاطفال والرجال، وما يقدّر بعشرات مليارات الدولارات من الممتلكات، فداءً للسيد المالكي وشركائه في اتخاذ ذلك القرار التعيس الذي أطلق أيضاً يدي يران وتركيا في العراق على نحو غير مسبوق.
تريدون مرة أخرى إخراج القوات الاجنبية ؟ .. لا بأس.. لكن حتى لا نواجه محنة جديدة كمحنة 2014 لابدّ أن تقولوا لنا بالتفصيل ماذا أعددتم لما بعد الانسحاب.. هذا يتعيّن ان يشترك في وضع تفاصيله الحكومة ومجلس النواب الاتحاديان وحكومة وبرلمان كردستان، وكل هيئات الدولة ذات العلاقة، اضافة الى معاهد الابحاث ومؤسسات المجتمع المدني، فالامر يتعلق بمصيرالجميع وبمصير البلاد برمّتها. لا ينبغي أن نُلقى مرة أخرى في الجحيم كرمى لعيون إيران وتركيا وسواهما.