الذكرى الخامسة لسقوط الموصل: الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والخروق الأمنية تهدّد بتكرار الكارثة

Monday 10th of June 2019 09:33:48 PM ,
العدد : 4446
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ وائل نعمة

ظلّ العراقيون يتندرون، لخمس سنوات، على خبر انتشر على المواقع الإخبارية ومنصّات التواصل الاجتماعي في 10 حزيران 2014، عبر وعد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بتحرير الموصل خلال 24 ساعة!

وعلى الرغم من أن التحرير لم يأت إلا بعد أكثر من 3 سنوات على ذلك الوعد، إلا أن العراقيين مازالوا يستعيدون سنوياً في هذا اليوم (أمس) شريط الأحداث ويتحدثون فيما لو كانت أسباب سقوط الموصل قد عولجت أم مازالت مستمرة.

كانت كلفة انهيار 4 فرق عسكرية، أمام 2000 مسلح في ليلة 10 على 11 حزيران، بحسب بعض التقديرات، كبيرة جداً، حيث وصل عدد القتلى بين المدنيين والعسكريين الى 300 ألف، ربعهم على الأقل في نينوى لوحدها.

أدى الانهيار الأمني في نينوى الى سقوط مدن عدة في 5 محافظات من بينها أطراف العاصمة، فيما هجر نحو 6 ملايين عراقي منازلهم ومناطقهم، ومازال، حتى الآن، نحو مليون ونصف المليون منهم بحكم النازحين.

ودمرت الحرب بعد ذلك نحو 150 ألف وحدة سكنية، بحسب الحكومة العراقية، في 48 مدينة، فيما وصلت فاتورة إعادة الإعمار الى قرابة الـ200 مليار دولار، يعجز العراق حتى الآن عن دفع 1% منها بسبب الأزمة المالية التي رافقت سنوات سقوط الموصل والنفقات التشغيلية العالية.

وتبدو تلك الخسائر هيّنة مقابل أن تكون الحكومة والقوى السياسية قد استوعبت الدرس وأخذت بالعلاجات لمنع تكرار الكارثة مرة أخرى.

قصي عباس الشبكي، نائب عن نينوى، يقول إن الأسباب الرئيسة التي كانت وراء سقوط الموصل "مازالت موجودة".

الشبكي يؤكد لـ(المدى) أن "بعض الأطراف السياسية عادت بعد التحرير لتحرّض على القوات الأمنية والحشد".

ويشير إلى أن "الشّحن الطائفي" لدى بعض الشخصيات السياسية والدينية هو ما أحدث فجوة بين السكان والمدنيين في الموصل قبل 5 سنوات. كانت في الموصل فرقتان عسكريتان وأخرى تابعة للشرطة الاتحادية، وبحسب وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، وهو نائب حالي عن نينوى، قال إن "انسحاباً غير مفهوم للقوات الأمنية جرى في ليلة سقوط الموصل". وظل المالكي ومقربون منه في دولة القانون يتحدثون، لسنوات، عن "مؤامرة" وراء ما جرى في صيف 2014، لكن التقارير الأمنية أكدت في ذلك الوقت سوء أوضاع المنظومة الأمنية وتفشّي الفساد.

يقول خلف الحديدي، وهو عضو في مجلس محافظة نينوى، لـ(المدى) إن "الفساد والرِّشا في الأجهزة الأمنية وابتزاز السكان من بعض أفراد تلك القوات لم تتغير طوال ذلك الوقت."

وفي السنة الأولى لذكرى سقوط الموصل، كشف مسؤولون لـ(المدى) عن أن "داعش" كان لديه "جواسيس" في أغلب الأجهزة الحكومية في نينوى ومن بينها الأمنية، والتي مهدت بعد ذلك لسقوط المدنية.

وكان بشار الكيكي، رئيس مجلس المحافظة في ذلك الوقت، قال قبل 10 أيام من سقوط الموصل لـ(المدى) إن أجزاءً واسعة من الساحل الأيمن لمدينة الموصل تقع تحت سيطرة المسلحين ليلاً مع انسحاب قوات الأمن منها.

الملف الأمني

وتجاهلت بغداد، بحسب مسؤولين، لأشهر عديدة، المعلومات الأمنية التي تحذر من انهيار الوضع هناك، والمخاطر القادمة من الصحراء، حتى حدثت الكارثة ووعد المالكي حينها بحلّها خلال 24 ساعة فقط!

ويقول خلف الحديدي إن الخطر الأمني مازال موجوداً: "الصحراء غير مؤمَّنة والحدود مع سوريا في غرب الموصل مخترقة".

وكان التقرير الأخير لتقصي الحقائق في الموصل، الذي سُرّبت أجزاء منه في آذار الماضي، أكد وجود فراغ أمني في نينوى بمساحة 1600 كم، كما أكد وجود 650 مسلحاً.

وبدأ "داعش" مؤخراً بمهاجمة القرى والنواحي القريبة من المدن الكبيرة، كما زاد من هجماته على المخاتير.

وقال عدد من شهود العيان في نينوى لـ(المدى)، خلال العامين الماضيين، إن عدداً من عناصر"داعش" عادوا الى المدينة، وإنهم (شهود العيان) يترددون بالإبلاغ عنهم خوفاً من الانتقام.

وكُشفت، في الأشهر الماضية، شبكات عدّة تقوم بتزوير الهويات الى أشخاص يعملون مع التنظيم، كما حاولت بعض العوائل إدراج أبنائها المنتمين الى "داعش" ضمن قوائم المفقودين في العبّارة التي غرقت في آذار الماضي في الموصل.

حقوق الإنسان والخدمات

وينتقد خلف الحديدي استمرار سوء الخدمات في نينوى وتصاعد البطالة والتي يعتقد أنها واحدة من الأسباب التي قد تعيد المدينة الى المربع الأول.

ومازال قلب الموصل، المدينة القديمة، وكأنه تعرض الى زلزال، فيما يشك بوجود مئات الجثث مازالت مدفونة او تفسخت تحت الركام.

بالمقابل، يقول إن "هناك 9 آلاف معتقل في نينوى بينهم متهمون بسبب تشابه الأسماء وآخرون بتهم كيدية بالإضافة إلى أن الدواعش لم يحسم أمرهم منذ سنوات".

ويوجد في نينوى 100 قاضٍ فقط لـ4 ملايين نسمة، وهو ما يعطل إنجاز التحقيقات بصورة اعتيادية.

ويشتكي السكان من تعطل قضية التعويضات، كما لايعرف مصير 3500 شخص، يقول ذووهم إنهم اعتقلوا أثناء عمليات التحرير. ويقول المسؤول المحلي إن الحكومة لم تعالج قضايا المعوقين والأرامل والأيتام ولم تحسم وضع ذوي تنظيم "داعش".