الفنان محمود مشتت في بارالاكس بلندن..كسر القالب الزمني والتحرر من سيطرة الشكل الهندسي

Monday 1st of July 2019 06:50:58 PM ,
العدد : 4461
الصفحة : عام ,

علاء المفرجي

يشارك في الدورة العاشرة لمعرض بارالاكس الفني في كنزنغتون بلندن في الفترة ٥ -٧تموز ٢٠١٩، الفنان محمود مشتت بعرض نماذج من أعماله،

ومعرض بارالاكس الفني هو أكبر معرض فني للفنانين والمصممين في أوروبا. وأكثر من أربعين ألف زائر حضروه في العام الماضي. وفي هذا العام هناك أكثر من ٢٠٠ فنان و مصمم من أنحاء العالم يعرضون أعمالهم على مدى ثلاثة أيام.

وكتبت الناقدة الفنية الإيرانية المقيمة في النرويج فرزانة سعيد زادة عن المعرض: من الصعب للغاية أن نصوغ بالكلمات ما يرسمه محمود مشتت. سيكون الأمر مثل حساب قطرات في المحيط ، أو مثل محاولة تقشير التركيب المعقد لعواطف الإنسان طبقة بعد طبقة . أنت ستعرف ماذا أعني بمجرد أن ترى أعماله. سيعرض مجموعة مختارة من لوحاته في معرض Parallax للفنون في قاعة مدينة Kensington في شهر يوليو/تموز. 

فيما أشار الناشط الفني علي السام الى أن مشتت "رسام أدهشني منذ أول تخطيط بالفحم رأيته له ومنذ ذاكرة ذلك الوجه الجائع فيه.

واضاف أن المجموعة التي سيعرضها نتاج حوار مع إيحاءات الحبر الأسود والفراغات البيضاء بين خطوطه استمر لأكثر من عشرين عام.

وهناك شيء رائع في النظر لإنتاج عشرين عاماً يقف فيها رسام في الثلاثين مع رسام في الخمسين في شخص واحد ويعرضان سوية نتاج العمر على حائط."

والفنان محمود مشتت ترك العراق الى أوروبا قلعة الفن الحديث،يقول إن هذا المعرض هو جزء من مشروع مازلت منشغل به منذ عشرين سنة تقريباً."حيث اتاحت لي حرية شخصية وفنية وهي غايتي الأولى وموضوعي الفني الأثير، وكذلك فتحت لي أدراج معرفتها الهائلة في كل فروع العلم والفن والادب ولكن تلك اللحظة المرتبكة في أحد أروقة جامعة بغداد ظلت تلازمني لزمن فقررت البحث في هذا الجانب المظلم من القمر في ثقافتي لاكتشاف جذور هذه الإشكالية."

ويضيف:" إمكانيات استخدام الخط والرسوم الهندسية في الفن الإسلامي، تركت أثراً في تاريخ الفن العالمي. وليس من المستغرب أن نعرف أن أول تصميم هندسي ظهر في نفس الوقت الذي نُشِر فيه كتاب الجبر الشهير الذي كتبه الخوارزمي في القرن التاسع. 

ولكن افتقاد الفن الاسلامي للحرية واعتماد الصرامة في شكل المنتج النهائي جعلت ذلك الفن غير قابل للتغيير بمرور الزمن الأمر الذي أبقاه في قالب الحرفة. كنت دائم التخيل لمدى التوق الذي يتطلع فيه بعض الفنانين المسلمين إلى رسم الإنسان أو الحيوان. حاولت أن أتخيل ماذا لو امتلك ذاك الفنان او الحريف الحرية باستخدام كل خصائص المدرسة الفنية الاسلامية ولكن بدون صرامة الفكر والمنهج. وهذه كانت بداية هذا المشروع.

يقول مشتت: العنصر الأول الذي اعتمدته في أسلوبي هو كسر القالب الزمني، فليس هناك من نهاية للعمل الفني، لأنه يتطور كلما مر الزمن. عملية صنع قطعة فنية نتاج الحس الإبداعي بدافع من فكرة توضع على خط زمني يتطور معه العمل تدريجياً وينضج مع نضوج هذه الفكرة. بعض اللوحات استغرقت اكثر من عشر سنوات ليس بسبب الاستخدام المكثف للتفاصيل ولكن لأن الزمن هو عنصر أساسي في أسلوبي . 

الزمن أيضاً يخلق ارتباطا عاطفيا وهميا بالفن ويحوله الى كيان له خصوصيته ومزاجه، تارة يتحقق انسجام الفنان مع العمل وأخرى يختلف معه. هذا ما حصل معي، فالزمن قد يطول او يقصّر، غير أن خلق العمل الفني يبقى صراعاً مستمراً لإيجاد توازن بين الفكرة والمعادل المرئي لها وهذا يتغير بتغير القراءات والأفكار والاكتشافات المختلفة للحقائق. 

العنصر الثاني هو فرض صرامة مع استخدام المواد والأدوات الفنية، وإختياري لأدوات فنية ليس فيها الكثير من الحرية عند الاستخدام فاعتمدتُ أقلام الرسم الهندسي الجامدة المحددة السمك، كمحاولة لتبني الصرامة التي كانت تنفذ بها جداريات الفن الاسلامي المذهلة ،تلك التي تُخضِعْ الأدوات لها وليس المنتج.

العنصر الثالث كان تبني اللونين الأسود والأبيض كباليت لأعمالي واعتماد الخطوط والتوشيح و توظيف الاشكال الهندسية من موتيفات تزيينية واشكال مجردة تتشابك وتتماثل وتتباين بينها، أو بين الحركة لإعادة خلق نسيج العمل الفني والاستغناء عن اللون. 

العنصر الأخير هو التحرر من سيطرة الشكل الهندسي وتفكيك عناصره واخضاعها لثنايات وانحناءات الجسد والتكوين العضوي لعناصر اللوحة الفنية بعيداً عن الصرامة الهندسية.

ويختتم حديثه بان مشروعه، ليس محاولة لاعادة انتاج الموروث الفني أو الثقافي عموما، وانما تفكيك الخصائص الأساسية له وإعادة تركيبها لخلق عالم واسع من الاحتمالات المفتوحة على فضاء الخيال الفني.