وجهة نظر: الدال والمدلول.. وإهانة المتلقي

Wednesday 10th of July 2019 06:38:12 PM ,
العدد : 4468
الصفحة : سينما ,

زين حسين

يختلف المتلقي للمادة الفنية وأقصد بالمادة الفنية بجميع صنوفها (رسم ،نحت، سينما، مسرح) من متلقي عادي ومتلقي غير عادي، لكن صناع المادة الفنية لا يفرقون بين هذين المتلقيين ،

وإن صانع المادة الفنية يصنع مادته وفق نظرية الدال والمدلول خاصة في الصورة الفنية المرئية .

تختلف رؤية صناعة المشهد وفق هذه النظرية-نظرية الدال والمدلول- بين الشرق والغرب فكثيراً من المشاهد في السينما الأميركية تمر مروراً عابراً أمام المتلقي العادي لكنها تخضع للتحليل والتفكيك عند المتلقي الغير عادي ، فمثلاً في أغلب أفلام هوليوود ويكاد يتكرر في كل فيلم هو مشهد النافذة ، فمثلاً عندما تسوء حالة الفرد في العمل أو في علاقاته الاجتماعية أو أن يمر الشخص في علاقة حب معقدة يذهب هذا الشخص الى النافذة . هل النافذة هنا هي مجرد أثاث مكمل للمشهد ؟ الجواب كلا . المدلول هنا هو الرؤية لعالم آخر ، الهروب الى واقع آخر ، البحث عن حياة جديدة وأمل جديد . ويعد مشهد قتل الناشط الشاذ (هارفي ميلك) في فيلم يحمل نفس العنوان من أكثر المشاهد إبهارا وخطورة ، بحيث يقتل-هارفي ميلك- في مكتبه وهو يرى من خلال النافذة ، يطلق القاتل الرصاصة في رأس الناشط وتدمي النافذة بأكملها . أو عندما يتصارع زوجان وفي نهاية الصراع يرتدي أحد أطراف النزاع نظارة شمسية سوداء ، فبدلاً من أن يصرح المخرج بصورة مباشرة بزعل الزوجين جعل النظارة الشمسية السوداء جدار بين الزوجين والجدار هذا يعني الافتراق .

هذه النظرية معمول بها لدى جميع صناع الفن وأصبحت من المفاهيم البدائية في الفن الغربي ، ولكن ماذا عن صناع المشهد العربي وأذكر هنا في إحدى المسلسلات الخليجية مشهد صراع بين زوجين ، الرجل يمسك بيده رواية (فرانكشتاين في بغداد) يبدأ المشهد بالقراءة وينتهي الصراع بافتراق الزوجين ورمي الكتاب على المنضدة . السؤال هنا ما الدور الذي لعبته الرواية في هذا المشهد ؟؟ هل ليعطي لنا المخرج انطباعاً أن الزوج قارئ ومثقف ؟ لكنه نسف هذه الرؤية بمجرد رمي الكتاب ، أم هناك مبرر آخر وهو إن هناك علاقة بين عنوان الرواية (فرانكشتاين في بغداد) والصراع بين الزوجين وصور تلك العلاقة بالوحش (فرانكشتاين) فاذا كان يقصد ذلك ، لماذا التخصيص (في بغداد) والصراع يدور في مكان أخر في الخليج . هل تعد نظرية الدال والمدلول إهانة للمتلقي غير العادي لغير العاملين بهذه النظرية ؟ بعد أن أعطت هذه النظرية القيمة للمتلقي وجعلته عنصر فعال في تركيب المشهد . الجواب للمتلقي بصنفيه