نماذج من الأطروحات الجامعية الفرنسية عن السينما التجريبية (3)

Wednesday 10th of July 2019 06:40:38 PM ,
العدد : 4468
الصفحة : سينما ,

ترجمة: صلاح سرميني

الانقلاب الزمني في السينما.

يضع "جان إبستاين" الانقلاب الزمنيّ في قلب الثورة السينمائية،

حيث أنّ السينما هي التجربة الوحيدة التي لا تمنحنا الزمن فحسب، بل أيضاً الانقلاب الزمنيّ كإدراكٍ حسيّ، وتُعتبر هذه الأطروحة للباحث )بول إيمانويل أودان) استئنافاً، ومواصلةً لفكرة "ابستاين" من خلال إعادة تعريف الزمن الخاصّ بالسينما بدءاً من مفهوم الانقلاب الزمنيّ المُصاغ بالطريقة الأكثر تقاطعاً: من عكس الشريط الحسّاس بطريقة الاسترجاع الزمانيّ السرديّ، إلى زمن الفكرة، وهكذا يهتمّ البحث بإعادة قراءة النصوص الكلاسيكية، وتحليل الأفلام، وأشرطة الفيديو التجريبية، والموسيقى، وأمثلةً أدبية.

نقاط الربط النظرية هي أسطورة الاسترجاع الزماني لـ "سياسة أفلاطون"، وصياغة زمن لا رجعة فيه لـ "فلاديمير جانكيليفتش"، والكتابات النظرية/الشعرية لـ "جان لويّ شيفر"، ومفهوم الـ Aiôn /الزمن عند "جيل دولوز"، ونتائج التحليل النفسي عند "جاك لاكان".

يتطرّق البحث أولاَ للسينما باعتبارها ضدّ الزمن لا يتجزأ من الانقلابات الفلسفية، والجمالية، والأخلاقية، والسياسية.

بدءاَ من أفلاطون، ومن ثم يستكشف الأشكال المختلفة للعودة إلى الماضي، من الاسترجاع الزماني السردي إلى السفر عبر الزمن، ومن ثم يقترب من الصور بدون أسباب، مع الانحرافاتٍ الهزلية، أو الحلمية، وحدة الأزمنة المعكوسة، الانعكاس الزمني الذي يتحول إلى فضاء، وأخيراً، الانعكاس الزمني للسينما لا يُظهر لنا فقط بأن الفكرة هي التراجع في الزمن، بل يتعلّق أيضا باللغز الصعب بفكرة العدّ التنازلي، إن انعكاس الفعل الفكريّ هو العتبة النهائية حيث تظهر الأفكار، بدون عودة إلى الخلف، وبدون مكان.

Anemic Photoplay

مارسيل دوشا: فيزيولوجيا، بسيكولوجيا، وجماليات حركة الصور.

في هذه الأطروحة، سعى الباحث (ماركو سينالدي) إلى فكّ تشفير الوجود المُثمر لمصادره، النظرية، والبصرية، والتقنية في العمل المُعقد، والمُتعدد الأوجه لـ"مارسيل دوشا"، وعلى وجه الخصوص، محاولة لإعادة النظر في مسار الرحلة المتعلقة به في مجملها، والتوقف عند تعاونه السينمائي، ومساهماته التلفزيونية في الخمسينيات، والستينيات، من أجل إعادة قراءة كلّ أعماله كمثال من "حركة الصور" - وبالتالي صورة وثيقة الصلة بالتجارب التي أُجريت في مختبرات علم وظائف الأعضاء، وعلم النفس المطبقة بين نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، وعلى التأملات الفلسفية المترابطة، والمتلازمة.

الانعكاسية كمحركٍ للتجديد في الأعمال السينمائية لـ "جان أوستاش".

هذه الأطروحة للباحث (جيهاي سونغ) هي دراسة عن أفلام "جان أوستاش" بصفته مخرجاً سينمائياً بدأ الإخراج بعد الموجة الجديدة، ويُعتبر وريثاً لها، بينما يميز نفسه عنها طوال مسيرته المهنية.

من خلال أفلامه، يتمّ الحكم عليه غالباً بطريقةٍ متناقضة: عاطفيّ، فكريّ، شخصيّ، هامشيّ، واقعيّ، تجريبيّ، حداثيّ، بينما يُعتبر بالإجماع سينمائياً ملعوناً، غير متناسبٍ مع زمنه.

تشهد مسيرته السينمائية على التذبذب بين الفيلم الروائي، والتسجيلي، وبين الفيلم الطويل، والقصير، ومن العمل بمقاس 35 إلى 16 مللي.

من هذا التذبذب تأتي انعكاسية خاصة عند "أوستاش"، محرك تجديديّ لسينماه، تُظهر أفلامه تطوراً: تتساءل أفلامه مع مرور الوقت في إمكانيات، وحدود التعبيرات السينمائية، بالنسبة لهذه الأسئلة، يعتمد "أوستاش" على العودة إلى الأخوين لوميير، المرحلة الأولى من السينما، والتكرار، وأولوية الكلام على الصورة.

إيقاعات، وقيم في ثلاثة طقوس رقص في أوروبا: بحثٌ فيلميّ أنثروبولوجيّ.

بعد التساؤل عن العلاقة بين طقوس طرد الأرواح الشريرة مع الموسيقى في أوروبا، وبإعادة النظر في بعض التعاريف العرقية/الاجتماعية للطقوس، واقتراح نموذج للتحليل السينيوغرافيك للأفلام.

في ثلاث دراساتٍ اثنوغرافية أوروبية :

طقوس الـ Tarentisme في إيطاليا

طقوس الـ Anastenaria في اليونان

طقوس الـ Echternach في لوكسمبورغ

يحاول الباحث (مانفريد هوفمان) انطلاقاً من تحليلات سينيوغرافية، استخلاص استراتيجية مناسبة لإنتاج فيلمين تشكل الجزء الفيلمي الرئيسي من الأطروحة. 

من وجهة نظر براغماتية، يدرس الباحث الموسيقى، والرقص، والطقس باعتبارها إيقاعاتٍ مجازية، ومن وجهة نظر شاملة، تجسيد الشخص كتصور للقيم بينما ينتقل من العناصر المادية إلى الجوانب المثالية للإخراج الطقوسيّ، يمكن اعتبار التصور/التشكل كعمليةٍ متزامنة، و/أو غير متزامنة. 

يتضمن تشكيل/تصور الإيقاعات، والقيم جانبين مكملين: من ناحية، هي دالة على سلوك البشر بشكل عام، ومن ناحية أخرى، هي تسمح كنموذج سينيوغرافي بوضع نظرية عامة للسينما من منظور ثقافي. 

يتضح ذلك من خلال إنتاج فيلمين تجريبيين: 

Geste du tireur à l'arc

Océan solide

يقترح الباحث توليفة من البورتريهات، والحوار كشكل سينمائي يبدو أنه مناسبة لهذا النهج.

تأثير اللون في السينما - المظاهر اللونية للزمن

تهدف هذه الأطروحة للباحثة (لينيس فيريرا باربوزا) إلى التفكير في احداث الألوان، التي يتمّ تنشيطها بواسطة العرض، باعتبارها تأثيراتٍ لونية، مع الأخذ في الاعتبار أنها يمكن أن توّلد تصوراتٍ زمنية للمدة، واللحظة. 

يتعلق الأمر بالتفكير في اللون كسينما، وتدخله في العلاقة مع الزمن داخل اللقطات، وخارجها، وأيضاً علاقته مع المتفرج كجزء مكوّن للعمل، ويُنقل المتفرج تجربة متعلقة بالإحساس الجمالي، الهدف الرئيسي من هذا البحث هو توسيع المعنى المنسوب إلى عنصر اللون في السينما، وتسليط الضوء على العلاقة بين المظاهر اللونية، وتصور الزمن، من هذه النقاط، من الممكن أيضاً إعادة النظر في بعض الإشكاليات القائمة بين اللون، والمكان، والزمن، ومن الواضح بأنها مستوحاة من أدلة الاستمرارية/اللاستمرارية التي في كل الأحوال في السينما، ليست بالضرورة معضلة، وبالتالي، فهي إنشاء تعايش في منهج ظواهري بعض المفاهيم حول بيرجسون، وباشيلار فيما يتعلق بتصور الزمن، في هذا النهج، لم ينطلق الباحث بعزل عناصر النظريات، بل بالأحرى تحليلها في تعايش متعدد التخصصات مع المنظومات السينمائية الأخرى، لا تسمح هذه الدراسة فقط بنسج فهم حول نشاط تأثير اللون في السينما، والفن المعاصر، بل تتيح أيضاً توسيع الفهم حول هذا الموضوع، وتعميق طرائق تقاطع البصري، والعاطفي في صالات العرض.

دراسة أسلوبية لسينما ستان براكيج.

هذه الأطروحة للباحثة (إميلي فيرجيه) المُكرسة للأعمال السينمائية للمخرج السينمائي التجريبي "ستان براكيج"، هي مساهمة في تاريخ السينما، وجمالياتها، سمح بحث أرشيفيّ من تحليل الأفلام السينمائية الكاملة للمخرج التي تتكون من حوالي أربعمائة فيلم تمّ إنتاجها بين الأعوام 1952 و 2003 ، ودراسة أرشيفاته غير السينمائية 

تقترح هذه الأطروحة توليفة من هذه التحليلات، في دراسة أسلوبية لأفلام السينمائي، وتستند الدراسة الأسلوبية على التحليلات الجمالية، والشكلية، والايقونية، وقد تمّ تحديد، وتعريف الأسلوب الطبيعي لـ"ويلهيلم روبرت ورنجر" في التجريد، والتقمص العاطفي"، و"إيرنست كريس" في "الأسلوب الريفي"، و"إميل زولا" مع " الرواية التجريبية"، تمّ تكييفها عن طريق نظريات الحداثة، ومنها "كليمينت غرينبيرغ"، وتكييفها في أشكال سينمائية مع نظريات إيزنشاين"، وبراكاج.

هذه الأطروحة الأسلوبية تدعي أن تمنح توليفة شاملة لأعمال السينمائي.

السردية السينمائية، واللاسردية.

تتناول هذه الأطروحة للباحث (أندريه داسوزا بارنتيه) السردّ السينمائي (سياقٌ تخيليّ، وتصوريّ سرديّ ببعد نحويّ، ودلاليّ)، والسينما التجريبية، والسينما المباشرة، والسينما اللاسردية. 

التعارض ما بين السردي، وغير السردي معارضة كاذبة: الصورة السينمائية لا تعارض السرد، ولكنها تمتلك تصوراً لغوياً، وتجسيدياً للسرد. 

في الواقع، الحكاية ليست بياناً يمثل حالة من الأشياء، وعلاقة الحدث، ولكن الحدث نفسه : من جانب لا يوجد الصور، ومن الجانب الآخر الأحداث التي تحكيها، الصور عبارة عن أحداث، الأحداث محركات حسية (صور/ نعوت – أو صور/حركات)، احداث ضوئية، أو مادية (صور/مواد، صور صافية، أو صور لا سردية ما قبل البشرية، والمراكز الحركية الحسية)، وأحداث فكرية (صور/مزيّفة، وصور/كريستالية، وصور/زمانية، وما إلى ذلك)، والتي لا يجب الخلط بينها، وبين إنجازها المكاني، والزماني، أيّ الأحداث التي دائماً سوف تأتي لاحقاً، ودائماً ما حدثت بالفعل.