من نصدق: الوزير أم المستشار أم رئيس الوزراء؟

Saturday 10th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2645
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

كلاهما قريب من مصدر القرار، الأول وزير للدفاع والثاني متحدث إعلامي لرئيس الوزراء، والاثنان كانا ضمن الوفد الذي سافر إلى موسكو لعقد صفقة القرن بين بوتين والمالكي، وكلاهما كتب مطولات مديح في أهمية هذه الرحلة التاريخية، ورغم كل هذا وذاك عشنا معهم أمس فصلا مثيرا من فصول مسرح اللامعقول، لم يستطع حتى السيد بيكت كتابة مشهد مثيل له،  ففي الدقيقة نفسها والساعة بعينها نجد السيد المستشار يقول  لنا كلاما ، فيما يدلي الوزير بتصريح  مناقض، ولأننا شعب لا حول ولا قوة له فقد اعتبرنا الامر مجرد تسلية، على اعتبار اننا نعيش عصر التسالي الذي  لا تريد له الحكومة ان ينتهي.

المستشار الاعلامي علي الموسوي حاول امس في تصريح  لوكالة شفق نيوز ان يضيف أنواعا جديدة من التوابل على طبخة الأسلحة الروسية لإخفاء طعمها الفاسد.

خلاصة تصريحات المستشار الإعلامي تقول إن الحكومة والبرلمان مثل "الأطرش بالزفة" فالمعركة التي تدور رحاها حول صفقة الاسلحة الروسية لا وجود لها من الأساس لأن  "رئيس الوزراء  قرر بعد عودته من زيارة روسيا إلغاء صفقة لوجود شبهات بعمليات فساد رافقتها"، وعلى الذين توعدوا وهددوا أن ينصرفوا إلى بيوتهم ويناموا مطمئنين.

وبينما الساسة والبرلمانيون يضربون أخماسا في اسداس بعد هذا المأزق، خرج  الدكتور سعدون الدليمي وزير الدفاع  ليقول كلاما نزل على قلوب العراقيين بردا وسلاما حيث أكد في مؤتمر صحفي وعلى الهواء مباشرة إن  "صفقة السلاح الروسي مستمرة وانها لن تتوقف برغم الضجة الإعلامية التي حدثت بشأنها".

ولم يكتف الوزير بذلك بل فجر مفاجأة من النوع الثقيل، فهذه الصفقة الميمونة حاولت إحدى دول الخليج ان تحصل على  مثيلتها إلا أن الروس رفضوا، لان السيد بوتين يضع على باب مكتبه يافطة مكتوب عليها: "نبحث عن أصدقاء لا عن تجار سلاح". 

وبعيدا عن أن هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها كلاما متناقضا من اكثر من مسؤول ، فنحن تعودنا أن نسمع الخبر ونقيضه من المسؤول نفسه، لكن ما يلفت النظر أن الحكومة وهي تتخبط أرادت ان تستخدم اكثر من تصريح، الأول للاستهلاك المحلي حيث يحاول أصحابه إضافة مزيد من الغموض للوضع الراهن، والثاني موجه للسياسيين خلاصته ان كل شيء يسير مثلما يريد مكتب رئيس الوزراء ويهوى، فلا صفقة ستلغى ولا فاسدون سيرفع الستار عنهم آجلا او عاجلا.  

وهكذا بعد ايام معدودات من  المناورة والحديث الصاخب عن محاربة الفساد والقضاء عليه في عقر داره، نجد ساسة ومسؤولين يتخذون ما يشبه الخطوات، لكنها ليست بالخطوات.. ويفعلون ما يشبه الأشياء، لكنها ليست بالأشياء.. ويغرقوننا بكلمات فاقدة الصلاحية، هربا من كلفة قول الحقيقة والصدق للناس.

لعل أخطر ما يمكن أن  تبتلى به الأوطان ان يصاب ضمير مسؤوليها بالعطب.. فنراه يتبدل حسب المواقف والأحوال، فيجعل الباطل حقا، والحق باطلا، ليسعى في النهاية إلى تحويل الوطن  سوقا تنشط فيها الصفقات والعمولات.

من حقنا ان نسأل: أين اختفت أصوات الكومبارس التي كانت تزأر بصيحات الترحيب بالصفقة واعتبرتها نصرا لن يتكرر للعراق، ودعت العراقيين للجهاد من اجل رفعة الوطن  وعودته لاعبا قويا في الساحة الإقليمية على حد قول النائبة المثابرة جدا عالية نصيف.

أين ذهبت حملات  نموت نموت ويحيى السلاح الروسي، وأغاني عباس البياتي ومحمد الصيهود واهازيج حنان الفتلاوي؟

إن من حق  الناس ان تعرف لماذا يرافق الفساد كل الصفقات التي تعقدها الحكومة ؟ 

لقد قيل كلام كثير عن البحبوحة  التي سنعيش فيها،  بعد ان هدانا الله إلى مصافحة بوتين وتقبيل وجنات ميدييف وقالوا لنا وقتها أن حكمة السيد رئيس الوزراء هي التي جعلتنا نتخلص من غطرسة الأمريكان وطائراتهم الخردة.

ولا نزال نتذكر وأتمنى أن يتذكر معنا السيد علي الموسوي ان رئيس الوزراء قال للعراقيين جميعا بعد عودته الميمونة من موسكو، وعلى الهواء مباشرة أيضا: "إننا وقعنا عقود شراء منظومات دفاع جوي وطائرات مروحية ومقاتلة وان هذه الأسلحة دفاعية وليست هجومية وان وفداً سيعود إلى موسكو لتوقيع الصيغ النهائية لهذه العقود"  ولم نسمع يومها ان العقود فاسدة.