الحكومة تقرر هدم سور بغداد وشركة فرنسية تطلب مليار دولار لتقديم بدائل

Saturday 31st of August 2019 09:31:34 PM ,
العدد : 4498
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ وائل نعمة

ينوي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الغاء ما يعرف بـ"سور بغداد الامني" واستبداله بإجراءات امنية اخرى قد تكون اقل حدة من المشروع

الذي وصف قبل سنوات بانه "عزل طائفي"، لكن التكاليف البديلة قد تكون باهظة جدا على الحكومة وقد تصل الى المليار دولار.

وغير معروف حتى الآن كيف ستتمكن الحكومة من تحقيق ذلك الهدف، وازالة الآلاف من الجدران الخرسانية وتعويض المزارعين الذين تضررت اراضيهم بفعل السور الذي تضمن حفر وتدمير عدد من الاراضي خلال شق الخنادق.

وحتى الشتاء الماضي، وفي حملة عبد المهدي لفتح الشوارع ورفع الكونكريت من بغداد، كان الجزء الكبير من تلك الحواجز يذهب لاستكمال السور، الذي يدور حول العاصمة بـ360 درجة بطول 85 كم، ويتضمن خنادق بعرض 3 امتار وعمق مترين، وجدران بارتفاع 3 امتار. ولم تكشف الوثيقة المسربة والمرسلة من مكتب رئيس الوزراء قبل ايام، الى قيادة عمليات بغداد اي تفاصيل عن التغييرات التي ستطرأ على السور، سوى مطالبة القيادة العمليات بان تجد بدائل عن ما اسمته بـ"محيط بغداد الامني"، الذي قالت بانه "يولد انطباعا سلبيا لدى المواطنين".

وكان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي قد جمد المشروع في شباط 2016، وقال العبادي حينها إن "بغداد عاصمة كل العراقيين، وإنه لا يمكن أن يكون هناك جدار أو سور يعزلها أو يمنع مدنيين آخرين من دخولها". لكن اعيد استئناف العمل بعد ذلك بوقت قصير. وتعود فكرة انشاء السور الى عام 2007، ثم تجددت في 2015 على اثر سيطرة داعش على مدن قريبة من العاصمة. وفي مطلع 2016 قال بيان عسكري صدر عن قائد عمليات بغداد السابق، الفريق الركن عبد الأمير الشمري قال إن وزارة الدفاع العراقية بدأت تشييد سور إسمنتي حول بغداد، في مسعى لمنع هجمات تنظيم داعش.

وأضاف البيان أن السور الأمني المزمع إنشاؤه سيطوق المدينة من جميع الجهات، مشيرا إلى أن التحضيرات لبدء العمل انطلقت.

وقال الشمري حينها إن بعض الأسوار الإسمنتية ستزال من المناطق التي لم تعد تتعرض لتهديد، وستستخدم في السور الجديد حول بغداد، بالإضافة إلى كاميرات مراقبة وأجهزة لكشف المتفجرات. وتعرض المشروع خلال السنوات الماضية الى انتقادات باعتباره اجراء طائفي ويقوم بعزل العراقيين عن بعضهم، كما اعترضت محافظات مجاورة للعاصمة من دخول بعض مناطقها ضمن السور.

وقال مسؤولون في واسط قبل سنوات، ان "جدار بغداد" سيقتطع اجزاء من منطقة الصويرة التابعة للمحافظة. وكذلك اعترض المسؤولون في ديالى على المشروع لانه سيدمر عددا من البساتين.

وفي 2016، قال نواب عن الانبار، ان السور يدخل في حدود محافظتهم في عمق 7كم داخل حدود ناحية الكرمة ويتجاوز على أملاك خاصة بمزارعين، واكدوا حينها، ان الاجراء سيفصل بين اهالي الكرمة وبين العشيرة الواحدة التي تسكن هناك. ولم يمنع الجدار من حدوث خروق امنية، حيث قتل العام الماضي 9 اشخاص من بينهم قيادي في الحشد العشائري بهجوم شنه مسلحون على احد المنازل في منطقة الضابطية شمال الكرمة، والتي اصبحت فيما بعد جزءا من السور.

بدائل مكلفة

ويقضي بعض سكان اطراف العاصمة، او ما يعرف بحزام بغداد ساعات للوصول الى منافذ الخروج الرسمية، فيما يقول سعد المطلبي، عضو لجنة الامن في مجلس محافظة بغداد في تصريح امس لـ(المدى) إنه ليس لديهم مانع بالغاء السور "لكن على الحكومة ان تعطينا اموالا لذلك". ويقدر المطلبي تكاليف استبدال اجراءات الحاجز الامني في العاصمة، بنحو مليار دولار، بحسب ما طلبته شركة فرنسية قدمت عروضا بهذا الشأن قبل 10 سنوات. ويتضمن العرض انشاء حاجز الكتروني وكاميرات لا يشعر السكان خلالها بوجود اي عوارض او جدار.

ويقول المسؤول الامني في العاصمة ان الجدار الامني انشأ باقل التكاليف، وان "السلطات المحلية في العاصمة لا تملك الان اموالا لتبليط او ايصال الماء لمناطق اطراف بغداد".

ولا يعرف بالتحديد كم كلف السور، الذي كان من المفترض ان يضم 8 بوابات رسمية، لكن بحسب وثائق رسمية سربت قبل عدة سنوات، فانها كشفت اهدار اكثر من 200 مليار دينار على انشاء 8 سيطرات في اطراف العاصمة في فترة المحافظ الاسبق صلاح عبد الرزاق.

طي صفحة الماضي

بالمقابل تبدو فكرة المضي بـ"جدار العاصمة" الذي شبه بجدار برلين "العازل"، لم تعد مقبولة خصوصا بعد مضي نحو عامين على اعلان النصر على "داعش"، وعدم حصول خرق كبير في بغداد خلال عام تقريبا.

ويقول احمد المشهداني النائب عن تحالف القوى في اتصال امس مع (المدى)، ان "الوقت صار مناسبا الآن لازالة الحواجز بين السكان.. صفحة داعش قد طويت تقريبا والوضع الامني افضل بكثير". المشهداني الذي تقطن عشيرته مناطق شمال بغداد، يؤكد ان "سور بغداد" تسبب باضرار اجتماعية "وفصل ابناء العشيرة الواحدة، كما تسبب بخسائر اقتصادية وزراعية كبيرة". الا ان سعد المطلبي، المسؤول في مجلس محافظة بغداد، يعترض على الغاء الجدار الامني بشكل كامل. كما يقول "ان وجود منافذ مراقبة بالكاميرات للعاصمة امر ضروي ويعطي معلومات الى اجهزة الاستخبارات".

ويضيف المطلبي: "هذه الاجراءات موجودة في العواصم العالمية مثل باريس ولندن، ولا نريد ان تكون عملية الدخول والخروج من العاصمة فوضوية".