العمود الثامن: بؤساء فـي مجلس النواب

Tuesday 17th of September 2019 08:58:15 PM ,
العدد : 4509
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

كنت أنوي اليوم أن أكتب عن فكتور هيجو صاحب البؤساء، هذه الرواية التي ما زالت تُقرأ بشغف، وما برح أبطالها حاضرين يذكّروننا بالبؤس

الذي تتسع رقعته في بلاد الرافدين، يوماً بعد آخر بفضل سياسيين فاشلين يريدون الانتقام من الناس، لأنهم لا يصدّقون أنهم زهّاد في المناصب، لكن إياكم والاقتراب منهم وإلّا سيحوّلونكم جميعاً إلى أبطال لرواية البؤساء العراقية.

ستقولون، لقد صدّعتَ رؤوسنا بأحاديثك العجيبة عن الكتب، وعن إصرار سارتر على إسقاط ديغول، رغم أنّ الرجل حرّر فرنسا من النازية. ماذا أفعل يا سادة وأنا أجد أن مجلس النواب أصر على أن لا ينفذ قرار المحكمة الاتحادية الذي أعلن فيه عن أحقية السيد باسم خشان بكرسي البرلمان عن محافظة المثنى، في الوقت الذي أصر فيه مجلس النواب نفسه ، على تنفيذ قرار القضاء برفع الحصانة عن فائق الشيخ علي.. وقبل أن يتهمني البعض بمناصرة فائق الشيخ علي، والعمل معه على تنفيذ مشروع تخريب الأخلاق في بلادنا المؤمنة .. كنت قد كتبت في هذا المكان أكثر من مقال يدين بعض تصرفات فائق الشيخ علي ، كان آخرها بعنوان "قنابل فائق الشيخ" ورغم أنني لا أوافق النائب فائق الشيخ علي على بعض تصريحاته، لكني أتساءل: لماذا شحذت السيوف ضد فائق الشيخ علي؟ وهل هو النائب الوحيد الذي خرج على سلوكيات مجلس النواب؟ لماذا صمت المجلس عندما استخدمت عالية نصيف "قندرتها" في الحوار السياسي ؟ ولماذا سكت مجلس النواب عندما أصرت حنان الفتلاوي على أن تضرب رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي بقناني المياه؟.. سنوات وحنان ومثلها العشرات من النواب يصرخون ويشتمون ويثيرون الفتنة الطائفية، ويهندسون للخراب ويسرقون أموال الدولة، دون أن يرف جفن لمجلس النواب، بل إن نائبا مثل أحمد الجبوري اعترف أنه يدفع الأموال مقابل كراسي البرلمان ثم ذهب في اليوم الثاني مطمئنا سعيدا بما قاله وما فعله. وضحك علينا مشعان الجبوري عندما اعلنها صريحةً كلنا قبضنا رشاوي، ثم وجدناه وسط البرلمان يصرخ "وا إصلاحاه!! ". 

لم يُقبِل الفرنسيّون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعجّ بالبائسين، في ذلك الوقت كتب هيجو إلى إمبراطور فرنسا أنّ "الحقائق التي تقدّم لجلالتكم ما هي إلّا أكاذيب يحاول المحيطون بك أن ينشروها على أنها حقائق".

يحزنني ياسيدي الأديب الفرنسي أن أخبرك أنّ نوابنا الأكارم يعتقدون أنّ الاقتراب من قلعتهم الحصينة، ما هو إلّا مؤامرة إمبرياليّة.

هناك شعوب سعيدة لأنها تعامل السياسي باعتباره مواطنا عاديا تضربه بالبيض الفاسد ، فيما نحن لا نكفّ عن الثرثرة في أهميّة ما قدمته حنان الفتلاوي للسياسة العراقية.