المخرجات النساء، النسوية، المثلية الجنسية..في الدورة الـ 21 للمهرجان الدولي للسينمات المختلفة، والتجريبية بباريس

Wednesday 13th of November 2019 06:36:02 PM ,
العدد : 4547
الصفحة : سينما ,

تقديم، وترجمة: صلاح سرميني

لا تقتصر أهداف المهرجانات السينمائية فقط على تجميع أفلامٍ من هنا، وهناك، وعرضها، حتى أنّ تلك المُتخصصة منها تجاوزت هذا المفهوم التقليديّ (السائد في معظم المهرجانات العربية)،

وذهبت بعيداً في إنجاز مهمّاتها إلى حدّ طرح تيمة، أو أكثر في كلّ دورة، هي في معظم الأحيان أهمّ بحثياً بكثيرٍ من تلك الأفلام المُتسابقة.

الدورة الـ21 للمهرجان الدولي للسينمات المختلفة، والتجريبية، والتي سوف تنعقد في باريس خلال الفترة من 2 وحتى 13 أكتوبر 2019 اختارت تيمةً ترددت أصداءها هذا العام مع بعض تظاهراتٍ، ومهرجاناتٍ، ومعارض موضوعاتية سابقة، ألاّ وهي : 

المخرجات النساء، النسوية، المثلية الجنسية.

***

هذا العام، لن يتمّ تصريف السينمات المختلفة قواعدياً بصيغة الجمع المُذكّر، أن تنتقل من تدريس النوع في المدارس العامة إلى تأنيث اللغة الفرنسية، مروراً، بالطبع، من بروز حركة #MeToo للتمييز الجنسي في الأوساط المهنية، فإنّ المناقشات المجتمعية الأخيرة تدعونا إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالنوع، والحركة النسوية.

لم تعدّ السينما غير قابلة للاختراق بالنسبة لهنّ، وبنفس الطريقة التي عبرت بها النقاشات هذه الصناعة، وأقامت فيها موضوعات الأفلام، فإننا نؤكد بأنهنّ أيضاً أثروا خطواتنا الجمالية.

في عام 1975، وفي مقالها الرائد "المتعة البصرية، والسينما السردية"، صاغت الناقدة "لورا مولفاي" فكرة النظرة الذكورية من أجل أن تصف كيف يتمّ تنظيم جزءاً كاملاً من الثقافة الشعبية -السينما الكلاسيكية الهوليودية - بواسطة النظرة الذكورية من أصحاب الميول الجنسية الغيرية، ليس فقط حول التجسيد، ولكن بشكلٍ أعمق حول لغة الفيلم.

على مستوى النقد السينمائيّ النسويّ، تمثل مساهمة "مولفاي" زلزالاً حقيقياً يستمر في إعلام رؤيتنا، وطريقتنا في إنتاج الأفلام بدورنا، بالإضافة إلى ذلك، فقد علّمنا النقد النسويّ الكثير في إدراك الموقع الهامشيّ الذي تلعبه المخرجات في شرائع تاريخ السينما.

أقوياء/قويات من هذه الدروس، رغب فريق المهرجان وضع هذه الدورة تحت رعايةٍ طيبة من نهج غير مذكر للتجريب البصريّ حيث سيتمّ استكشاف العلاقة مع هذا النوع من خلال منح صوت حصريّ لمخرجاتٍ، وفنانين يحددون أنفسهم بهويةٍ نسوية، ومتحولين.

أيّ علاقة بسينما تجسّد نساءً تتوجه رغباتهن نحو نساء أخريات؟ 

من خلال أيّ صور، وأيّ مراجع بصرية يجدها الأشخاص المتحولون انعكاساتٍ لتجربتهم؟ 

هذه الأسئلة تغذيّ فضولنا، على الرغم من أننا لا نستطيع الضمان بأن عرضاً حيث لا يوجد فيه فيلمٌ من إخراج رجل (غير متحوّل) له نكهة خاصة، وبما أنّ الفرضية مثيرة منحتنا الرغبة بالمحاولة.

في جميع الحالات، سيكون لهذا المشروع، مثل المهرجانات الأخرى في باريس، وضواحيها، وأماكن كثيرة، ميزة تسليط الضوء، والكشف عن مواهب، هي سرّية بالنسبة للبعض، ومنسية للبعض الآخر، أو لم تُعرض بما يكفي. 

بنفس الطريقة التي عبّرنا عنها في الدورة الماضية، فإن تآلفنا مع فكرة "الهدر" الذي مثّل السينما التجريبية في صناعة السينما، تمكنت النساء أيضاً من تشكيل أقلية سياسية، وهبطت في الهوامش.

ثقيلة عند المشيّ في الشارع، يتمّ تمييزها عند ظهورها على الشاشة، تصرخ مطالبة بحقوقها، ولا سيما إمساك الكاميرا بدون إذن، وبدون التحقق من سلطةٍ خارجية.

نرحب بتراث السينما هذا الذي لم ينتظر أن نمنحه الكلمة.

لا يسعى برنامج هذا العام إلى تسليط الضوء كموضوع وحيد، على مواضيع النساء، إنها مسألة إظهار أنه عندما يتحدث المرء عن "الأقليات"، والشخصيات الهشّة، هناك مساحات لا حصر لها من الخلق، وتاريخ حميم، ورواياتٍ جسدية، وحكاياتٍ جنسية، وخرافات سائلة. 

تتدفق السوائل مثل الكثير من الكلمات التي تنتشر، ساحرةٌ تلك الصور التي عبّرت عن حياتنا، وتجاربنا، لا تعتذر عن نمطيات سينما لم تتعرف عليهم: هي تأخذ ألف شكلٍ، ولا تستجيب لأيّ نوع.

من الحميميّ إلى الجماعيّ، قصتنا هي قصة مشتركة، ولكن لا يمكن تجاهل خصوصية الصراعات التي تطورت في جميع القارات، إذا كان تاريخ النضالات النسوية، وتجمعات المثليين أولاً، وقبل كلّ شيء يتعلق بالحقوق، فإنّ التعليم الذي نحافظ عليه اليوم هو إرثٌ تتلاقى فيه النضالات التي شكلت تجمعاتنا: من الولايات المتحدة إلى فرنسا، مروراً بفنلندا، وصربيا، من أمريكا اللاتينية إلى تايوان. 

يجب أن نستعيد تاريخنا، لأنه من أجسامنا بقدر ما نستعيد أراضينا.

تحت الأرض، تتألق، وتشع شاعرات أندر جرواند: خردة، ونفايات، تتحول إلى أشياء ثمينة، بالأحرى موضوعات سوف تهزّ الأرض، وتجعل أجسادنا تقشعر.

إنها الذكريات المُبعثرة لكلّ هؤلاء السكان الذين أردنا إسكاتهم، سوف نسمع هذه الأصوات، ونشاهد هذه الصور، وسوف نجد بأنه لا يزال لدينا الكثير كي نقوله، ونعرضه (فريق المهرجان).