بيان القوى السياسية دليل على إصرارها التمسك بالسلطة

Monday 25th of November 2019 06:31:38 PM ,
العدد : 4555
الصفحة : آراء وأفكار ,

د.علي كاظم الرفيعي

البيان الذي صدر عن اجتماع القوى السياسية المشاركة في السلطة منذ عام 2003 وحتى اليوم جاء متأخراً ، بعد ان تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والسياسية بدءا من سقوط النظام السابق وحتى اليوم ،

هذه القوى هي المسؤولة عن تردي الوضع الاقتصادي والسياسي ، لا فرق في ذلك بين ما اسموه في بيانهم (المولاة والمعارضة) جميعها تتحمل المسؤولية عما وصل اليه الوضع الحالي عدا التجمعات غير المؤثرة (مثل الجبهة التركمانية) .

لا تحاول هذه القوى التملص من مسؤوليتها التاريخية والاخلاقية والقانونية عن الذي حصل في العراق من نهب لثروات الشعب وارتفاع نسب الفقر والبطالة وتفشي الامية وسوء الوضع الصحي وعدم توفير الضمان الاجتماعي والمعيشي الكريم الذي هو من أهم الحقوق الاقتصادية . 

هذه القوى مسؤولة عن إهدار المليارات التي تم إهدارها وسرقتها قوت الشعب ، العراقيون الذين يعيشون تحت خط الفقر تصل نسبتهم الى (25%) كما يقول التقرير الذي صدر مؤخراً عن البنك الدولي وتصل هذه النسبة الى (50 %) في محافظة السماوة و (40 %) في محافظة الديوانية ، كان ينبغي على هذه القوى أن تعترف لشعبها بالمسؤولية عن ذلك منذ فترة طويلة ، صحيح إن أحد قادة هذه الكتل (السيد هادي العامري) اعترف في إحدى الاجتماعات قائلاً بأننا أخطأنا في حق شعبنا ، لكنه وهو يترأس كتلة برلمانية تتحكم في القرار السياسي لم يترجم ما أدلى به الى واقع يلمسه المواطن العراقي . 

قوى الإسلام السياسي وكعادتها منذ تحكمها بالقرار السياسي في العراق تدعي انها قريبة الى المرجعية الدينية العليا والكل يعلم أن بعضها لا يؤمن بمرجعية السيد السيستاني في النجف الاشرف ، ولكنها تحاول أن توهم المواطن العراقي بانها قريبة الى المرجعية ، ولذلك أطّرت البيان الصادر عن اجتماعها بعبارة (واهتداءً برؤية المرجعية الدينية العليا)

الكل يعلم بان المرجعية ومنذ سنوات عديدة اغلقت أبوابها أمام قادة هذه القوى وهو مؤشر على عدم رضائها عن أداء هذه القوى قادة وأحزاباً ، أكثر من ذلك دأبت المرجعية وعلى لسان ممثليها خطبة الجمعة الاسبوعية على تنبيه المسؤولين الى معاناة المواطنين جراء سياسة المحاصصة التي حاولت هذه القوى أن تعتمدها وإعطاء الشرعية لها مخالفة بذلك دستور العراق الذي ينص على مساواة المواطنين امام القانون ولا يقرأ التمييز بينهم بسبب الجنس واللون والقومية والدين والمذهب . 

استخدم البيان وأكثر من مرة عبارة (خطورة الانزلاق الى الفوضى واللادولة) هذه العبارة هي كلمة حق ولكن ماذا أراد بها المجتمعون ؟ هل أن المتظاهرين السلميين يرومون الفوضى وزعزعة أركان الدولة ؟ . 

ما هي الوسائل والامكانيات التي لديهم لتحقيق هذا الهدف .. هل أن خروجهم بتظاهرات سلمية يومياً في مدن العراق أو اعتصامهم في ساحة التحرير والأماكن الأخرى يدي الى زعزعة الدولة ؟ أم أن موقف الطرف الآخر وهي القوات الامنية حينما تستخدم الرصاص الحي والقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع والتي يتم استيرادها من قبل جهات خارجة على القانون كما ادعى ذلك وزير الدفاع ، هذا الموقف من الكتل السياسية يراد به تخويف المواطن وتشويه حقيقة سلمية التظاهرات والاساءة الى المطالب الوطنية التي غدت شعاراً ثابتاً لعموم العراقيين وليس للمتظاهرين فقط ، وفي نفس الهدف وفي الفقرة (4) من البيان هناك تجني واضح واساءة متعمدة الى الانتفاضة الشعبية حينما ذكر البيان وبصدد ضرورة كشف ومعرفة المندسين ، إن التظاهرات قد شوهت وإنها انحرفت عن سلميتها بسببهم .

حتى هذا اليوم ما زالت التظاهرات محتفظة بطابعها السلمي ، اما محاولات تشويها فتأتي من خلال المندسين الذين إن وجدوا فهم قلة ، يضاف الى ذلك تصريحات بعض أجهزة الإعلام العراقية وكذلك تصريحات بعض الناطقين باسم الحكومة ، وكمثال على ذلك ما اعلنه السيد عبد الكريم خلف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة بأن المعتصمين في المطعم التركي قاموا بألقاء (1000) ألف قذيفة مولوتوف ضد القوات الامنية . 

لم يأت البيان الى ذكر شهداء الانتفاضة الذين جاوز عددهم (350) شهيداً واكثر من (15) ألف جريح ، معظم المطالب التي ورد ذكرها في البيان الصادر عن الاجتماع الذي عقد في مقر حزب الحكمة يوم السبت الموافق 18 / 11 هي مطالب الشعب العراقي بدأت وتنوعت وازدادت مع استهانة أحزاب السلطة بمطالب المواطنين وإصرارها على التمسك بنهج المحاصصة وتفشي الفساد في جسد الدولة ، ولنسأل هذه الأحزاب من الذي عطّل التشريعات التي كانت تطالب بها القوى الوطنية وهي قانون حرية التعبير عن الرأي وقانون الكسب غير المشروع وتقليل الرواتب والامتيازات غير المقبولة التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث والوزراء والدرجات الخاصة والحصول على أكثر من راتب بموجب قوانين كانت هذه الأحزاب وراء تشريعها في مجلس النواب ، ومما يثير الاستغراب في بيان الكتل السياسية مطالبتها القائد العام للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية تحديد الجهات المتورطة في اختطاف وقتل المتظاهرين واستهداف وسائل الإعلام إبان اندلاع التظاهرات والافصاح عنهم للرأي العام وتقديمهم للعدالة ، هل يعقل أن يقتنع المواطن العراقي أن هذه الكتل السياسية المتحكمة في وزارات الدولة وخصوصاً في الأجهزة الأمنية والأمن الوطني لا علم لديها بمجريات الأمور وإنها بحاجة الى دليل يقنعها بمن أطلق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين ، ومن هم القناصون الذين اطلقوا رصاصهم الغادر على الشباب في مقتبل اعمارهم ، إن محاولات هذه الكتل إبعاد نفسها عن المسؤولية وإلغاء التبعية على رئيس الوزراء ومنحه مدة (45) يوماً لتحقيق ما ورد في بعض فقرات البيان ماهو إلا دليل على التسويف والمماطلة ومحاولتها الاستفادة من عامل الوقت . 

الرأي العام والمتظاهرون بالأخص على قناعة بأن الحكومة الحالية والكتل السياسية المشاركة فيها هي المسؤولة عن إراقة الدماء الغزيرة والعزيزة على كل مواطن ، وبالتالي لايمكن استمرارها بالعمل وهي غير مؤهلة لان تقود البلاد ، ولابد من اختيار حكومة جديدة تضم عناصر وطنية مستقلة لا تمثل الكتل السياسية التي تحكمت بالقرار السياسي طيلة السنوات المنصرمة . 

إن بيان الكتل السياسية ما هو إلا دليل آخر على الاستهانة بمطالب الشعب والإصرار على التمسك بالسلطة .