ازدواجية الجنسية و ازدواجية الولاء؟

Wednesday 11th of December 2019 07:16:43 PM ,
العدد : 4567
الصفحة : آراء وأفكار ,

د. محمد الربيعي

ازدواجية الجنسية أصبحت عرفاً بين الدول، فمنها من تسمح بها ومنها من ترفضها بتاتاً، وذلك مبني على تشكلها السياسي، لكن المرفوض هو ازدواجية الولاء. 

المأزق الذي قد يقع فيه ملايين من العراقيين من مزدوجي الجنسية هو التصور الذي يحمله كثير من أبناء الشعب المبني على أساس افتراض عدم ولاء مزدوجي الجنسية للعراق، وبكون من استلم منهم منصباً في الدولة كان فاسداً، ويبدو أن هذا الادعاء بني على حقيقة هي أن كثيراً ممن استلموا مناصب عاليا من مزدوجي الجنسية كانوا فاسدين. ولكن هل كانوا يختلفون بتلك الصفة عن مفردي الجنسية؟

من المعلوم أن ازدواج الجنسية لا يثير تنازعاً بين قوانين الجنسية للدول التي يتمتع الشخص بجنسيتها. فلو طرحت مسألة اختيار إحدى الجنسيتين أمام سلطة من سلطات إحدى الدولتين فما عليها إلا اتباع ما هو مقرر دولياً وذلك بتطبيق قانونها إذ من حقها أن تعامله كوطني لا ينتمي لأية دولة أخرى (منقول). وعليه فأن السلطات العراقية تعتبر مزدوج الجنسية عراقياً فتحكم أحواله بموجب القانون العراقي وتحدد حقوقه على أساس أنه عراقي. والمتعارف عليه عالمياً هو أن الجناة أو الفاسدين أو الإرهابيين لا تحميهم جنسياتهم.

أذن ما هي المشكلة؟ تتضح المشكلة من خلال طرح سؤال رئيسي هو: هل أن مزدوجي الجنسية أقل ولاءاً للعراق؟ وهل إنهم معرضون لأغراء الفساد المالي بأكثر من مفردي الجنسية؟ وهل هناك مخرج من مأزق ومشاكل ازدواج الجنسية؟

أنا هنا لا أحاول تبرير فساد المسؤولين والقيادات السياسية من مزدوجي الجنسية فهم وأُحاديو الجنسية من مثلائهم ناهبي المال العام وحماة نظام المحاصصة الطائفية والحزبية ومنفذي عمليات القتل التي طالت المئات من الشباب العراقي لابد أن يدفعوا ثمن هذه الجرائم، وللشعب حق طلب القصاص منهم. وهنا وقوله تعالى: (لا تزر وازرة وزر أخرى) أي بمعنى أن فساد مزدوجي الجنسية لا يجرم الشرفاء الآخرين من حملة الجنسية الثنائية. 

لكني أريد أن نتعامل مع هذه المسألة بصورة موضوعية وبصراحة وعلانية لأنها تمس حياة الملايين من مزدوجي الجنسية. فقد سئمت من الاتهام الموجه ظاهرياً أو باطنياً لكل مزدوجي الجنسية في الدولة العراقية بالفساد وعدم الولاء للعراق بينما ينأى عن ذلك أحاديو الجنسية ومزدوجو الولاء. 

كم مزدوج جنسية فاسد؟ قارن عددهم بعدد الفاسدين من أحاديّ الجنسية؟ 

وكم مزدوج الجنسية خائن لبلده؟ قارن عددهم بعدد الخونة من أحاديّ الجنسية؟

وكم مزدوج جنسية أضر بالصالح العام وخان الأمانة؟ قارن عددهم بعدد أحاديّ الجنسية من أضر بحياة الشعب العراقي وأهان سيادته وكرامته؟ 

هذا من جانب، ومن جانب آخر يمكن طرح بعض الحقائق التي تحطم أعمدة الادعاءات المفخخة حول مزدوجي الجنسية، على سبيل المثال:

كم من مزدوجي الجنسية رفع شأن العراق في العالم علمياً وأكاديمياً ومهنياً.

وكم من مزدوجي الجنسية دافع عن حق العراق وحق شعب العراق أمام المحافل الدولية. 

وكم من مزدوجي الجنسية من أصحاب الكفاءة والخبرة عانى عند عودته للوطن بسبب رفض إغراءات الفساد، وعانى من التهديدات على حياته من قبل أحاديّ الجنسية.

وكم من مزدوجي الجنسية مَن أضافوا للحضارة الإنسانية. ألم يكن عبد الجبار عبد الله وعبد الكريم الخضيري وفخري البزاز وصالح الوكيل وزها حديد وفالح عبد الجبار، وغيرهم من الأحياء أربعون عالما في جامعات أمريكا وأرووبا وأستراليا، انظر الرابط:

http://nisairaq.com/

علينا أن ندحض اتهام مزدوجي الجنسية بالفساد أو الخيانة وأن نؤكد على أن الجنسية ليست لها علاقة بالفساد والأخلاق والجريمة والخيانة، وإنما الأخطر هو ازدواجية الولاء عند الكثير وهؤلاء معظمهم من أُحاديّ الجنسية إلا أن ولاءهم هو لدول خارجية وانتماءاتهم هي لعصابات دول خارجية. 

لندعو الى وجوب أن يتعهد أي مرشح لمنصب سيادي أو أمني رفيع أمام الشعب بالولاء للعراق فقط لا غيره ويقسم أن لا يفرط بولائه سواء كان ذلك لدولة أخرى أو لحزب أو لقوة سياسية خارجية وإذا ثبت عكس ذلك فإنه مستعد لإحراق نفسه في ساحة التحرير. 

ولنتذكر قول الإمام علي (خير الأوطان ما حملك).