عندما يمتنع مجلس النواب حل نفسه

Sunday 22nd of December 2019 07:37:46 PM ,
العدد : 4574
الصفحة : آراء وأفكار ,

 هادي عزيز علي

المطالب الجماهيرية النازعة نحو انتخابات مبكرة بغية الوصول الى تمثيل نيابي يعكس المطالب الفعلية للمحتجين ويمكن إرادة الشعب من اختيار ممثليه ومباركة المرجعية الدينية ،

على أن تقترن تلك الانتخابات بشريع قانون انتخابات للمجلس المذكور يلبي طموحات الاحتجاج ويحول دون تدوير الوجوه السابقة التي أوصلت البلد الى ما نحن فيه . فضلاً عما تقدم فيلزم والحالة هذه تشريع قانون جديد للإدارة الانتخابية ( هيئة مستقلة للانتخابات ) منزوعة التشكيل التحاصصي المنسوب لأحزاب السلطة بغية الوصول الى عملية الاقتراع السياسي المطلوبة من خلال تمتعها بالنزاهة والشفافية نزيهة وشفافة وملبية لطموحات الشعب العراقي . وبغية الوصول الى الانتخابات المبكرة تلك يتوجب حل مجلس النواب الحالي وعلى وفق الأطر المنصوص عليها في الدستور ، إذ لا يجوز دستورياً إجراء انتخابات مجلس النواب مع بقاء المجلس الحالي قائماً . إذ أوجبت تلك النصوص الذهاب الى : ( الانتخابات العامة خلال مدة أقصاها ستين يوماً من تاريخ حل مجلس النواب ) ، وذلك بدعوة من رئيس الجمهورية . ولهذا الحل آثار عدة بينتها النصوص الدستورية المفصلة أحكامها في المادة ( 64 ) من الدستورالواردة تحت أحكام الفرع الاول – وتحت عنوان مجلس النواب المدرج تحت أحكام ( السلطة التشريعية ) الفصل الأول من الباب الثالث منه . 

ومن المعلوم أن أحكام المادة (64) رسمت طريقين لحل مجلس النواب : أحدهما هو أن يقوم رئيس مجلس الوزراء بتقديم طلب يتضمن حل مجلس النواب ، على أن يقترن هذا الطلب بموافقة رئيس الجمهورية ، فأن حصلت موافقة رئيس الجمهورية على الطلب المقدم من قبل رئيس مجلس الوزراء فأن ذلك يعد كافياً لحل المجلس المذكور . ولكن وضعنا الحالي مختلف لكون رئيس مجلس الوزراء قدم استقالته تحت ضغط وتهديد الجماهير ، وبذلك تعد الوزارة بكاملها مستقيلة وتحولت الى حكومة تصريف الأمور اليومية . ولم يكن للحكومة المستقيلية صلاحية طلب حل مجلس النواب لكون هذه الصلاحية لا تتضمنها صلاحيات تصريف الأمور اليومية لكونها بالاستقالة فقدت ممارسة الصلاحية تلك . وهذا يعني أن النصوص الدستورية قد أغلقت أمام حكومة تصريف الأمور اليومية صلاحية حل البرلمان . وانغلاق هذا الطريق أمام رئيس مجلس الوزراء ، لم يبق والحالة هذه سوى الطريق الآخر الذي نصت عليه المادة ( 64 ) المشار اليها أعلاه ، المتمثل بتقديم طلب من ثلث أعضاء مجلس النواب الى رئاسة المجلس ، إذ يحل مجلس النواب والحالة هذه عند حصول الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وليس الأغلبية النسبية ، وبعبارة أخرى نصف أعضاء المجلس زائد واحد حتى يتم حل المجلس . وهنا يبرز السؤال التالي : هل يتمكن المجلس من الحصول على تواقيع ثلث أعضاء مجلس النواب لحل نفسه ؟ هل يكون ذلك يسيراً عليهم ؟ هل يختمون نهايتهم بهذا الوضع المفجع بالنسبة لهم ؟ كيف يكون لهم ذلك وهم يعتبرون المقعد النيابي غنيمة ؟ وإن التوقيع على طلب الحل يعد نهاية للامتيازات والمكاسب والوضع الباذخ ونهاية لنظام المحاصصة بعد أن بذلوا الغالي والنفيس في سبيل ترسيخه واعتماده منهجاً للسلوك السياسي وهو مَن أوصلهم الى ذلك الوضع . ماذا لو أن أعضاء مجلس النواب قد تحججوا بكافة الحجج وقالوا : لم نتمكن من الوصول الى العدد المطلوب دستورياً واعتمدوا المماطلة ؟ أو أن رئيس مجلس النواب قال إن الاعضاء يرفضون التوقيع على نهايتهم النيابية ؟ وهذا يعني عدم تقديم طلب الحل ، وبذلك يتم تسويف الأمر وتمييعه وإنهم من دون شك سيتخذون كافة السبل للحيلولة دون تقديم طلب الحل . 

ولكن قد نسلم جدلاً ونقول إن الثلث المطلوب دستورياً اعترته حالة معينة ووقع طلب الحل . وتم تقديم الطلب الى رئاسة مجلس النواب أصولياً . ولكن المشكلة تبقى قائمة وبشكل أكثر صعوبة وتعقيد ، وهي حصول الأغلبية المطلقة لمجلس النواب لإقرار حل مجلس النواب . كيف لمجلس النواب أن يحقق هذا النصاب الكبير ، خاصة وإن التجربة المريرة لأداء مجلس النواب ولأمور تافهة جداً تتنادى الكتل السياسية وأحزابها لكسر النصاب بغية الحيلولة دون تمرير نص تشريعي أو إجراء تتطلبه المصلحة العامة ، إذ سرعان ما يعبث كسر النصاب بالبرامج والمشاريع المطروحة أمامه ، فكيف والحالة هذه إذا كان اكتمال النصاب مهددا لهم وقد يلقيهم على قارعة الطريق .

لذا نعتقد أن الطريق الثاني لحل مجلس النواب بعيد المنال فعلاً ، وإن التركيبة النفسية والنفعية للغالب من أعضاء مجلس النواب لا يمكن أن يصدر منها فعل إيجابي يندرج تحت أحكام المصلحة العامة . وهذا ليس تهمة تطلق عليهم جزافاً ، بل إن تجربة السنين الماضية كفيلة بترسيخ القناعة هذه ، وخير دليل على ذلك هو إصرارهم على اختيار رئيس مجلس الوزراء من ذات التشكيلة المرفوضة جماهيرياً , وتوقفهم الطويل أمام الترشيح الفردي والدوائر الانتخابية حسب الكثافة السكانية بالنسبة لمشروع قانون انتخابات مجلس النواب ، ومحاولاتهم المستميتة للعودة الى ذات النصوص التي أجلستهم في المقاعد التمثيلية .

مالعمل ؟ ما الحل أمام انغلاق النصوص الدستورية مع سهولة توظيفها من قبلهم ؟ كيف السبيل الى حل مجلس النواب ونحن أمام هذا الوضع الدستوري ؟ كيف نجري انتخابات مبكرة مع وجود المجلس الحالي ؟

الرأي لدينا : إن ثورة الشباب عندما ألزمت حكومة عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء على الاستقالة وفرضتها عليه جبراً لم تتكأ على نص دستوري ، ولم تبحث عن نص يلزمه بالاستقالة ، لا بل لم تتخذ الدستور شفيعاً ، واكتفت بالصوت الهادر والتضحيات الجسيمة التي مكنتها من لي أية رقبة عصية ، وباعتبار الشعب مصدر السلطات وكان لها ذلك .