العمود الثامن: مضحكات السيادة

Monday 6th of January 2020 10:29:02 PM ,
العدد : 4583
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

اذا أردت أن تعرف كيف تُدار السياسة في بلاد العجائب التي كانت تسمى بلاد الرافدين قبل أن يستحوذ عليها السيد نوري المالكي، فإن الحديث المسرب الخاص برئيس البرلمان محمد الحلبوسي والذي قال فيه إن البرلمان اليوم "شيعي"، تكفيك لتقف على أبعاد الانهيار التام لمفهوم الدولة ومؤسساتها وإداراتها.

تفاصيل ما قاله الحلبوسي لا يمكن أن يقولها مسؤول سياسي في بلد يُحترم فيه المواطن، فأن يعترف رئيس البرلمان بأن قرار البرلمان بقطع العلاقات مع أميركا هو قرار كتلة سياسية واحدة فقط ، ثم يضيف ربما لا نستطيع دفع الرواتب، ومع هذا فإن الحلبوسي مطمئن إلى أن حكمة عادل عبد المهدي يمكن أن تقود البلاد إلى بر الأمان.. تخيل رئيس وزراء مقال بأمر الشعب توكل إليه مهمة مصيرية، وهو الذي امتنع على مدى ما يقارب ثلاثة أشهر عن الحضور إلى البرلمان لمناقشة طلبات ساحات الاحتجاج. أما اذا أردت أن تعرف حالة الانفصال بن الشعب والقوى السياسية، فأتمنى عليك أن تقرأ تصريح كتلة سائرون، التي تخبرنا بأن العقوبات الأميركية ليست غريبة على هذا الشعب الذي تعود على الحصار، ولهذا مطلوب منه، أي الشعب، وليس الحكومة أو البرلمان أن يطور قدراته الذاتية.. ما بين حانة محمد الحلبوسي ، ومانة سائرون نكتشف بوضوح أن الحكومة والبرلمان ومعهم القوى السياسية لم يفهموا الشعب حتى هذه اللحظة، ويصرون على أن يُحشر العراقيون في زاويةٍ ضيقةٍ تجعلهم يقولون: ليس في الإمكان أحسن مما كان!!.

ماذا يكتب كاتب مثل جنابي، يخاف من أن يسقط صاروخ ليلي على بيته؟، يكتب عن الصين وسنغافورة وينسى أن هذه البلاد تعيش منذ عشرات السنين في ظل الخطابات الثورية، وصرخات "يلاوونه لو بيهم زود" وتتردد على أسماعهم عبارات مثل "خو ما تبخرنا"، هل "أعيد وأصقل" بحكايات ماليزيا ورئيسها المؤمن مهاتير محمد، وأنسى أن لدينا أكثر من مئة ألف مسؤول يؤدون الفرائض بانتظام وسيماء التقوى على وجوههم؟، هذا معيب ياسادة، ويجب أن أتوارى خجلاً.

ماذا نريد أن نعرف بعد ذلك؟ الصناعة صفر.. الزراعة جعلونا نستورد حتى البصل، الثقافة صفر، التربية توزع أموال الكتب على أحباب رئيس مجلس النواب، الإسكان بلا مشاريع، الاستثمار متوقف حتى إشعار آخر. التنمية في خبر كان، والناس مشغولة بالمعركة التي ستطيح باقتصاد الولايات المتحدة الاميركية. 

حين لا تكون الصحافة مشغولة بأخبار غياب المناضل أبو مازن، تكون النتيجة أنها ستعيد الاهتمام بزوايا عديدة ربما واحدة منها إجابة قاطعة على سؤال يشغل بال الناس وهو: هل صحيح أن السلاح تم حصره بيد الدولة فقط؟، ما ذا سيقول رئيس الوزراء عن الصواريخ التي تنطلق كل مساء؟.