كورونا وسلاح الفصائل والتوتر الأميركي الإيراني أبرز التحديات أمام الكاظمي

Friday 10th of April 2020 08:11:55 PM ,
العدد : 4645 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 متابعة / المدى

مصطفى الكاظمي هو المكلف الثالث بتشكيل الحكومة، بعد فشل المكلف الأول محمد توفيق علاوي بتمرير حكومته في البرلمان، واعتذار المكلف الثاني عدنان الزرفي، حتى قبل وصوله إلى البرلمان.

وقال المكلف السابق بتشكيل الحكومة محمد توفيق علاوي في رسالة للكاظمي إنه "على مفترق طرق إما أن يمضي على طريق المحاصصة استمرارا على نهج السبعة عشر عاما الماضية فيتم توزيع الوزارات على مختلف الأحزاب السياسية مع لجانها الاقتصادية، فيتم تقاسم موارد البلد على الطبقة السياسية ولا يتحقق انجاز ملموس على الأرض".

أو "يأخذ المبادرة ويشكل الوزارة ويعين الوزراء على أساس الكفاءة والنزاهة والإخلاص وفي هذه الحالة قد يواجه صعوبات كما واجهتها أنا نفسي، ولكن سيكون في وضع أفضل".

لكن على عكس الزرفي وعلاوي اللذين جرى تكليف كل منهما في غرف صغيرة في القصر الرئاسي، وبحضور سياسيين غير بارزين، حضر تكليف الكاظمي الذي أجري في قاعة رئيسة في قصر السلام، قادة كتل مثل حيدر العبادي وعمار الحكيم وهادي العامري وخميس الخنجر وآخرون، ما يعني أن تكليفه حظي بتأييد سياسي واضح.

خلال تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة قال رئيس الجمهورية برهم صالح: اليوم بفضل الله وبجهود المخلصين توافقت القوى السياسية الأساسية وتوافقت القوى الوطنية والاجتماعية على اختيار الأخ مصطفى الكاظمي لهذا الموقف.

مع هذا، لن تكون مهمة الكاظمي سهلة، يقول مدير مبادرة مستقبل العراق في مؤسسة المجلس الاطلسي عباس كاظم في مقال منشور على موقع المؤسسة، و"بالإضافة إلى التعامل مع التحدي الاقتصادي ووباء كورونا من المتوقع أن يسعى الكاظمي إلى تنفيذ أجندة إصلاحية قوية والاستعداد لانتخابات ذات مصداقية، وسيشمل ذلك التخطيط للتعداد السكاني القادم، ووضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخابات، وإصلاح المفوضية العليا للانتخابات". وأضاف "من المتوقع أن تستعيد حكومته التوازن المفقود بين سياسة العراق الإقليمية والدولية، ولاسيما التحدي المتمثل في كونها في مرمى النيران في نزاع أميركي-إيراني متصاعد". لكن هذه التوقعات متفائلة إلى حد ما، فالتحديات التي ذكرها الكاظمي، مع أخرى غيرها، قد تكون معقدة بشكل أكبر من قدرة رئيس الوزراء المكلف على حلها.

الاقتصاد

مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط، يواجه العراق مشكلة كبيرة قد تمنعه من دفع رواتب موظفيه ومتقاعديه الذين يبلغ عددهم نحو 6.5 ملايين موظف ومتقاعد بحسب تصريحات أدلى بها وزير المالية منتصف عام 2019. وانخفضت أسعار النفط العالمية إلى أدنى مستوى منذ 18 عاما، بعد انخفاض الطلب على المنتج بسبب وباء كورونا، وأيضا بسبب "حرب أسعار" بين السعودية وروسيا أدت إلى إغراق الأسواق.

وبدون الرواتب، يمكن أن تشل حركة السوق في العراق. لكن المشكلة قد تكون أعمق من ذلك بكثير، حسب اقتصاديين.

عبء المصاريف الحكومية كان ثقيلا جدا على العراق حتى قبل الأزمة النفطية، وكان الحل هو تقليلها، لكن النظام المالي العراقي الريعي يحول دون ذلك، فكان الحل الآخر هو تعويم الدينار، بحسب هؤلاء الخبراء.

تعويم الدينار يعني إلغاء الدعم الذي تقدمه الدولة للعملة من خلال بيعها بأسعار مدعومة في سوق الصيرفة، وهو ما لم يحصل.

وبحسب هؤلاء الاقتصاديين فإن "الأزمة الاقتصادية ستكون أهم ما يواجه رئيس الوزراء المكلف"، خاصة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد احتمالات ركود كبيرة بسبب تعطيل إجراءات منع انتشار كورونا.

الصراع بين الولايات المتحدة وإيران

قبل نهاية العام الماضي بدأ التوتر الأميركي الإيراني يخرج عن السيطرة، ووصل التصعيد إلى حدود خطرة بعد مقتل القائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في أوائل كانون الثاني، ردا على قصف معسكرات أميركية من قبل فصائل عراقية موالية لإيران. ردت إيران بقصف قاعدة أميركية في العراق بصواريخ بالستية، واستمر قصف القواعد الأميركية في العراق حتى فترة قريبة، قبل أن تنقل الولايات المتحدة جنودها إلى قاعدتين رئيستين غربي البلاد. وقالت إنها ستنشر صواريخ باتريوت لحماية هذه القواعد.

سلاح الفصائل المسلحة

تعهد الكاظمي بحصر السلاح بيد الدولة. وفي العراق، تمتلك الفصائل مثل كتائب حزب الله وغيرها، تسليحا يصل إلى مستوى الدبابات والمدافع الثقيلة وصواريخ أرض أرض. وتتحكم الفصائل بجزء مهم من الاقتصاد العراقي من خلال سيطرتها على مفاصل القرار في وزارات عراقية مهمة، وأيضا من خلال مشاريعها الاستثمارية وأذرعها الاقتصادية. وبالإضافة إلى كل هذا، هناك شكوك كبيرة في قدرة الأجهزة الأمنية العراقية، المخترقة بشكل كبير من قبل الأحزاب السياسية، على فرض أي قيود على أسلحة الفصائل المسلحة أو على نفوذها، مما يهدد بحرب طويلة في حال أراد الكاظمي، رئيس جهاز المخابرات، فرض وعده بالقوة. مصدر مقرب من الكاظمي قال لموقع (الحرة) إن "رئيس الوزراء وبصفته القائد العام للقوات المسلحة سيضع جميع الأجهزة الأمنية التي هي تحت إمرته، من جيش وشرطة وحشد شعبي وبيشمركة أمام مسؤوليتها القانونية". وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "ستكون هناك متابعة للأسلحة المنفلتة والمتسربة، والجهات التي تحوزها، ولن يسمح لأية جهة غير خاضعة للقائد العام للقوات المسلحة بحيازة السلاح".

وتقول كيرستن فونتينروز، مديرة مبادرة الأمن في الشرق الأوسط لمركز سكوكروفت للأمن في مقال منشور على موقع مؤسسة المجلس الاطلسي: "المفسد المحتمل (لحكومة الكاظمي) هنا هو الفصائل المسلحة التي قد لا ترى الحوار الأميركي - العراقي المقترح في 10-11 جزيران على أنه في مصلحتها"، مضيفة أن "المجموعات هذه تستخدم الوجود الأميركي لحشد الرأي العام لصالحها، أو لتبرير التمويل المستمر من إيران، أو التي تتطلع إلى العقود التي ستنافس الشركات الأميركية".

كورونا

الإضافة إلى التأثير الصحي المدمر للفيروس، يمتلك كورونا تأثيرا مشابها على الاقتصاد والحياة العامة. فقد خسرت الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من تريليون دولار حتى الآن بسبب الفيروس، وهناك توقعات بتضاعف هذه الخسارة.

وفي العراق، تعيش البلاد إجراءات حظر تجوال مشددة لمحاولة السيطرة على انتشار المرض. وبحسب وزارة الصحة سجلت في البلاد حتى الآن أكثر من 1200 حالة إصابة و69 وفاة.

وفي ظل أزمة النفط، والضربة التي تعرض لها القطاع الخاص العراقي الضعيف أصلا، ونقص المعدات الطبية والمستشفيات وأجهزة التنفس، سيواجه رئيس الوزراء القادم تحديا صحيا صعبا.

المصدر المقرب من الكاظمي قال إن "رئيس الوزراء سيعمل على استنفار جميع الجهود المتاحة لمواجهة الوباء، جهود الكوادر الصحية، الكوادر الأمنية، منظمات المجتمع المدني والجهات التطوعية، وسيتم دعم أي مبادرة قيمة تسهم في محاربة الوباء تقدمها جهة أو مؤسسة أو شخص، وستكون هناك تخصيصات مالية لتطوير عمل الكوادر الطبية، وتعويض المتضررين من إجراءات حظر التجوال".

لكن مدير المعهد الوطني لتطوير الجنوب رمضان البدران يقول إن "تحدي كورونا هو عبارة عن توليفة من التحديات المختلطة، صحية ومجتمعية، واقتصادية معا، والمشكلة تكمن في كيفية مواجهة الوباء في ظل أزمة اقتصادية خانقة".

ويتابع قوله إن "الكاظمي يحتاج إلى قرارات كبيرة وحازمة وقرارات يحتاج فيها إلى عقول كثيرة، قرارات موضوعية وحكيمة وتحصل على إجماع من النواحي العلمية والسياسية".

التوافق السياسي

أنتج التوافق السياسي حكومة عادل عبد المهدي، وقبلها حكومة العبادي، والاثنان مثل الكاظمي، لم يؤهلا للمنصب عبر صناديق الاقتراع، وإنما بإرادة سياسية.

وفي حين كان ظرف وزارة العبادي استثنائيا بسبب تحدي داعش، لم تدعم القوى السياسية عبد المهدي بشكل صريح حينما تعرضت حكومته لتحدي التظاهرات، بل إن أحد الذين جاؤوا به إلى الحكم، وهو زعيم تحالف سائرون مقتدى الصدر، انقلب عليه بشكل صريح حينما اشترك تياره الشعبي في التظاهرات، وشرع في ترشيح أسماء بديلة عن عبد المهدي.

وبدون كتلة سياسية، سيكون من الصعب على الكاظمي فرض القرارات الصعبة على البرلمان أو على الأقل المساومة على تحقيقها.