نيويورك تايمز: بغداد تقاوم ضغوطًا من طهران لإعادة فتح الحدود المشتركة

Wednesday 22nd of April 2020 09:11:09 PM ,
العدد : 4656 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة / حامد أحمد

شاحنة بجوار شاحنة، مخفر حدودي بجوار مخفر حدودي آخر، انها حالة صراع ما بين العراق وايران بدأت تظهر للعيان حول متى سيتم فتح المعابر الحدودية بين البلدين، حيث اقدم العراق على اغلاقها قبل خمسة اسابيع للحد من انتشار وباء فايروس كورونا . ايران، التي كان قد وقع الوباء عليها أشد وطأة تحتاج الى حركة تجارية مع العراق للمساعدة في استقرار اقتصادها. تريد اعادة فتح الحدود فورا .

أما العراق، فهو يخشى فتح الحدود مع اكثر بلد متأثر بتفشي الفايروس في المنطقة، انه يقاوم ويصر الى ابقائها مغلقة .

ويأتي هذا الخلاف في وقت تتصاعد فيه الضغوط داخل العراق للتقليل من نفوذ ايران الذي اصبح يتوغل بشكل قوي في الشؤون العراقية منذ ان اسقطت الولايات المتحدة وحلفاءها صدام حسين في العام 2003 .

وكانت أول اصابة بالفايروس تُسجّل في العراق لشخص قادم من ايران، وعبر جهود مضنية، استطاع العراق الابقاء على معدل واطئ نسبيا من حالات الاصابة .

وتعتبر ايران من بين احد اكثر مراكز بؤر انتشار الفايروس في العالم، بتسجيلها اكثر من 75,000 حالة اصابة مع تسجيل 5,200 حالة وفاة، وبمعدل 1400 حالة اصابة جديدة في اليوم .

وكان العراق قد اقدم بتاريخ 8 آذار على اغلاق حدوده البالغ امتدادها 1400 كم مع ايران وبعد ذلك بأسبوع امتنع عن استقبال حتى العراقيين المقيمين في ايران من دخول بلدهم. ومنذ ذلك الوقت بقيت الحدود في حالة تسريب مسامي لحد كبير، مع قسم من العراقيين لديهم افراد في ايران وزوار العتبات المقدسة من الجانبين يتنقلون ذهابا وايابا . في الوقت الحاضر يشعر مسؤولون ايرانيون باليأس متلهفين للبدء باحياء اقتصادهم المترنح تحت عقوبات اميركية وانهيار باسعار النفط. لجأوا مؤخرا الى اعادة فتح مدن وانهاء سياسة الحجر المنزلي الجزئي في البلاد للمحاولة في ارجاع الايرانيين لعجلة العمل .

مع ذلك، فانه بدون حركة تبادل تجاري بين ايران والعراق، فان طهران ستكون في وضع صعب بإعادة قسم من صناعاتها غير النفطية للعمل بشكل كامل مرة اخرى .

لحين الوقت الذي اجبر فيه فايروس كورونا على غلق الحدود، كان العراق يعتبر سوقا كبيرا لمنتجات زراعية ايرانية فضلا عن مواد انشائية ومنتجات البان وسمك احواض ايضا. وكان هدف ايران ايصال معدل تبادلها التجاري مع العراق عبر الخمس سنوات القادمة الى 20 مليار دولار من البضائع. العراق قد لا يكون اكبر شريك تجاري لإيران، ولكن الصين نعم، ولكن العراق يوفر فرصة حصول طهران على الدولار التي هي بأمس الحاجة إليه.

الاسبوع الماضي اعلن رئيس هيئة الحج والزيارة في ايران، علي رضا رشيديان، ان "الخطط بدأت لاعادة فتح الحدود بين ايران والعراق ."

المسؤولون العراقيون من جانبهم بقوا مدهوشين ازاء هذا التصريح وسارعوا بنفيه. المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء الدين القيسي، قال "معابرنا الحدودية مع ايران والكويت مغلقة تماما امام حركة المسافرين والتبادل التجاري وسيستمر هذا الاغلاق الى إشعار آخر ."

بدر الزيادي، عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان عن محافظة البصرة، قال ان ايران تحاول، من وراء الكواليس، الضغط على وزارة الخارجية العراقية من اجل فتح الحدود . بحكم نفوذها مارست ايران مؤخرا ضغوطا سياسية واقتصادية على العراق، بحيث ان كثيرا من العراقيين يرون بان هذا ليس في مصلحة بلدهم. ايران تدخلت في عملية اختيار رئيس للوزراء ودفعت العراق لاخراج التواجد العسكري الاميركي من البلاد . خلال الاحتجاجات المضادة للحكومة في تشرين 2019 ظهر هناك شعور معاد للنفوذ الايراني .

عباس كاظم، مدير مبادرة العراق في المجلس الاطلسي للابحاث قال "برزت دعوة خلال الاحتجاجات بتشجيع الانتاج الوطني وشراء المنتجات العراقية، كثير من العراقيين رأوا في ذلك شعورا وطنيا يجب فعله، وطالبوا ايضا بزيادة توفير بعض المنتجات العراقية ."

ولكن الشعور المعادي لايران كان مقصورا على مجموعة صغيرة نسبيا .

أما الان في عصر تفشي وباء كورونا، وتعرض صحة العراقيين لمخاطر فان الدفع باتجاه ابعاد البلاد عن ايران تلقى مناشدة أوسع .

وقال كاظم "الناس لا يتحدثون بذلك من منطلق العداء لايران، هناك اعتبارات اخرى. الناس يتحدثون عن وضعهم الصحي، انهم راغبون بدعم ايران ولكن ليس على حساب صحتهم ."

في مدن جنوبي العراق، وفي النجف وكربلاء ايضًا تم ارجاع شاحنات محملة ببضائع ايرانية، اغلبها مواد غذائية. 

واوقف محافظ النجف لؤي الياسري الاسبوع الماضي 20 شاحنة وصلت الى مشارف المدينة. نفس الشيء حصل في كربلاء ايضا وهي المدينة التي يعتمد اقتصادها كثيرا على حشود الزوار الايرانيين . جاسم الفتلاوي، نائب محافظ كربلاء، قال "اوقفت محافظة كربلاء دخول جميع منتجات الالبان والمواد الغذائية الاخرى للمدينة سواء كانت من ايران او من دول مجاورة اخرى، وذلك لاحتمالية انتقال الفايروس عبر هذه المواد. نحن نتقيد بهذا الاجراء تماشيا مع الارشادات الصحية العامة ."

واضاف الفتلاوي قائلا "كربلاء لن تسمح لاي زائر ايراني بدخول المدينة، نحن نريد تفادي انتشار هذا الفايروس في المدينة ."

كما اوقفت دورية خفر حدود في البصرة يوم الاثنين الماضي عناصر من مجاميع مسلحة تحاول ادخال شاحنات عراقية لإيران. كانت تنوي ارجاعها وهي محملة ببضائع ايرانية لبيعها .

مراقبون سياسيون يرون أن امتناع العراق عن إعادة فتح الحدود هو مؤشر على ان العراقيين لم يعودوا ينظرون لايران على انها تستطيع الحصول على ما تريد من بلدهم وقت ما تشاء .

ياسين البكري، محاضر علوم سياسية في جامعة النهرين في بغداد، يقول "فايروس كورونا اعطى العراقيين غطاء وتبريرا للتعبير عن مشاعرهم بخصوص العلاقة بين العراق وايران. كثير من العراقيين ادركوا ان هناك جوانب سلبية كثيرة في هذه العلاقة أضرت بالعراقيين، ولكن لديهم قلق من البوح بهذا الشيء علنا. أما اليوم فان هذا الفايروس اعطاهم طريقة مقبولة لان يبوحوا بذلك".

حسن محمد 31 عاما، موظف حكومي من اهالي النجف، قال ان عائلته أعطته مؤخرا إرشادات واضحة عند ذهابه للسوق. واردف قائلا "قبل ان اتوجه للسوق اخبرتني عائلتي بان لا اشتري اي مادة البان او جبن او اي مواد غذائية ايرانية، لانهم قالوا لي ان اغلب الايرانيين مصابون بالفايروس". 

عن: نيويورك تايمز