نقطة ضوء: دين في رقبة جتي

Wednesday 6th of May 2020 09:25:43 PM ,
العدد : 4667
الصفحة : الأعمدة , د.علي عبد الزهرة الهاشمي

 د.علي الهاشمي

البرامج الرياضية في التلفزيون سابقاً والفضائيات حالياً تعد من البرامج التي لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها، فهي تستمدّ أهميتها من تلك الجموع التي تتحلّق أمام الشاشات في المناسبات الرياضية المختلفة لتظهر لهم بطرق إبداعية متعدّدة يقف خلفها مخرجون مبدعون تخصّصوا بها أكاديمياً وازدادوا خبرة وظّفتْ للقطة الجميلة والهدف الطائر للجمهور المثابر،

ومن هؤلاء المخرجين الذي توفّرت لي فرصة التعرّف عليهم شخصياً خالد المحارب وفيصل جواد كاظم وعبد الحليم الدراجي وعباس محمود سلمان وأخيراً فاضل جتي الذي رافقني مخرجاً في تقديمي برنامج الرياضة في أسبوع بعد قرار من محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام حينذاك بضرورة عودة برنامجي (العلم للجميع) و(الرياضة في اسبوع) باعتبار أن هذين البرنامجين ملك التلفزيون وليسا ملك مقدميها بعد أن عُرف بتوصيتهما بعدم تقديمها بعد تركهم لها .

د.فاضل جتي الذي كان في مسيرته الرياضية مخرجاً للبرامج الرياضية ثلاثة عشر عاماً قبل الاحتلال، منها برنامج محطات رياضية لمقدمه المرحوم رعد عبد المهدي، وبرنامج رياضة الناشئين لمقدّمه الدكتور غانم نجيب، وبرنامج الرياضة في أسبوع لمقدّمه مؤيد البدري، إضافة الى التقارير الرياضية ونشرات الأخبار، وكذلك نقل المباريات من الملاعب الرياضية.

وبعد الاحتلال لم يركن د.فاضل جتي الى الهدوء وفي داخله حُب العمل يحرّكه ليصبّ خبراته وطاقاته في فضائية البغدادية ذائعة الصيت ليؤسّس فيها القسم الرياضي ويخرج برامج مهمّة (البغدادية سبورت) و (ستوديو الجماهير) و (الأسبوع الأولمبي) .

محبّة فاضل جتي للرياضة ولبرامجها ومتابعته الطويلة والدقيقة عرّضته مراراً الى الانتهاك البدني، وأدّى التعب المتواصل الى توقف كليتيه معاً حيث أضطرّ طلابه الأوفياء في كلية الإعلام لنقله ومرافقته في فترة علاجه حيث كان يخضع للغسيل الكلوي ثلاث مرات في الأسبوع، ولم يبقَ أمامه سوى النظر الى السماء ترافقه دعوات محبيه أن يخلّصه الله من هذه المحنة التي وضعته على شفير الموت حتى عَرف بذلك الدكتور عون الخشلوك المعروف بحبه للناس وفعل الخير وحبّه للرياضة والرياضيين، وبرغم أن (فاضل) ترك العمل في البغدادية منذ ثماني سنوات لظروف قاهرة لم يمنع ذلك عون من الاتصال ليعلن تكفّله باستبدال الكلية لفاضل وأرسل المبلغ في نفس اليوم، فكان بصيص أمل كبر مع الأيام ليقضي على اليأس وتنتشله يد عون الكريمة من الغرق وتمنحه أوكسجين الحياة، لتنتهي رحلته العلاجية سالماً معافى ينتظر انتهاء فترة النقاهة ليعود الى طلبته ومحبيه، بل قال لي إذا ما عادت البغدادية ففي رقبتي دين سأعمل فيها مجاناً ما تبقى من حياتي .

الدكتور عون لم أعرفه ولم ألتق به شخصياً وعلى ما أذكر كنت في مصر وبعثت له رسالة تحية مع أحد العاملين، لكن مواقفه تعرف به مجسّداً في سلوكه (أنما المؤمنون أخوة) حيث ساهم بموقفه الكريم بعد الله في إعادة الحياة الى أحد عمالقة الإخراج الرياضي وأقول جازماً مهما تعدّدت الفضائيات تبقى البغدادية النبتة الصالحة في أرض العراق والنجمة السامية في سمائه اعتمدت على نفسها وسجّلت حضوراً طلابياً تتلمّس الطريق الصحيح وبالمثابرة والاخلاص تحوّلت الى معلّم ينهل من أفكارها التي جسّدت آراء القناعة (حب الوطن من الإيمان).

البغدادية الأثيرة على نفوسنا جميعاً ننتظر إطلالتك البهيّة، فالساحة الإعلامية تفتقدك، وما زال مكانك لم يتجرّأ على ملئِه أحد، وأنتَ أيها الدكتور عون الخشلوك عبّرت بشكل راقٍ عن مقولة (الصديق عند الضيق) فكلنا اصدقاؤك ومحبوك .. عون الخشلوك كنت عوناً.