تغيير ديموغرافي في سهل نينوى مستغلا عدم استقرار المسيحيين

Wednesday 10th of June 2020 08:35:12 PM ,
العدد : 4694 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 بغداد / المدى

مرت يوم أمس الذكرى السادسة لاحتلال مدينة الموصل وسقوطها بيد داعش الإرهابي على وقع اشتداد أزمات خانقة في المدينة، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وفوضى الفصائل المسلحة، كما ما يزال نحو اربعين في المئة من سكانها نازحين بفعل هدم منازلهم، أو الخوف من عدم الاستقرار، خصوصًا في سهل نينوى ذي الغالبية المسيحية.

وتشترط اغلب الاسر المسيحية التي كانت تسكن مناطق سهل نينوى قبل طردها من قبل عناصر داعش ترحيل عائلات التنظيم المحجوزة في اماكن قريبة من منازلهم للعودة الى مناطقهم، فيما استطاعت قلة من عائلات المكون المسيحي العودة إلى مناطقها المحررة رغم افتقارها للخدمات الأساسية.

وكشف، باسم بلو، قائممقام قضاء تلكيف الواقع شمال شرقي الموصل، في اواخر 2019، عن عدد عائلات المكون المسيحي التي عادت إلى القضاء حتى الآن، قائلا "إن عدد العائلات التي عادت إلى تلكيف لا يتجاوز الـ50 عائلة، وما زالت العودة ليست بالمستوى المطلوب". وعلل بلو أسباب قلة العائلات العائدة، في تلكيف، لأسباب كثيرة وصفها بالمتشعبة، والمتعددة منها سياسية، وأمنية، واقتصادية، ذات جوانب كثيرة، مشيرا الى ان العودة ما زالت متعثرة. 

ويضم سجن تسفيرات تلكيف، مئات من الدواعش، وهو احد اهم الاسباب التي تمنع عودة الاقليات. ويقول مسؤولون إن مدينة تلكيف قد تعرضت للتطهير العرقي ولم يعد 1٪ من أهلها الأصليين، وكذلك بلدة باطنايا المجاورة التي ما زالت مهجورة بسبب الأوضاع الأمنية، في حين أن بغديدا (قرقوش) المحمية من قوات (وحدات حماية سهل نينوى) قد عاد واستقر ما يقرب من (80٪) من أهلها النازحين". 

وخلال السنوات الاخيرة شهدت بعض مناطق سهل نينوى المسيحية، مثل برطلة وبلدة قرة قوش القريبة منها، التي يقطنها مسيحيون من السريان الكاثوليك والارثذوكس، تزايدا بأعداد اهالي الشبك من المسلمين الشيعة الذين تركوا قراهم وجاؤوا ليسكنوا المدينة مما اثار ذلك بعض التوترات وشعور الإحباط لدى مسيحيي المنطقة .

تواجد ابناء اهالي الشبك في بلدة برطلة وقرة قوش والبلدات المسيحية الاخرى في سهل نينوى ازداد بشكل ملحوظ في مرحلة ما بعد الحرب على داعش، الذي هجر سكانا كثيرين ثم عادوا الى اراضيهم أو انتقلوا من قرى مدمرة الى مدن وبلدات أكبر .

وما زالت مشاهد الخراب واضحة في المدينة، خصوصًا على مستوى الكهرباء وشبكات الطرق والجسور التي تربط ضفتي المدينة التي يمر من وسطها نهر دجلة.

ناشط شبكي، تحدث لموقع مدل ايست آي البريطاني، قبل نحو شهر، قال ان الشبك تركوا قراهم وذهبوا الى المدن وذلك بسبب سوء اوضاع المعيشة هناك .واضاف طالبا عدم ذكر اسمه، "ليس في القرى ماء ولا مدارس، اين يمكن لنا ان نعيش؟ اضطررنا لان ننتقل الى مراكز المدن والبلدات ."

منطقة سهل نينوى هي منطقة ذات تنوع عرقي وديني وطائفي إلى حد كبير. المنطقة التي تقع الى الشمال من الموصل تضم تجمعات عرقية كردية وتركمانية وعربية وايزيدية فضلا عن المسيحيين والشبك .

وخلال زيارته الموصل أمس، زار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كنيسة "مار أدي" بقضاء الحمدانية في نينوى، والتقى راعي الأبرشية الكلدانية في الموصل.

وذكر المكتب الاعلامي للكاظمي في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، أن الاخير "اكد خلال الزيارة أن المكوّن المسيحي من المكونات الأصيلة في العراق، ويحز في نفوسنا أن نراهم يهاجرون الى خارج البلد". وبيّن أنه "لطالما اثبتت التجارب أن التنوع في العراق كان ومازال يمثل قوة وليس ضعفا، ويفخر العراق بهذا التميز الجميل في التنوع، ولا يوجد خيار أمامنا سوى المحبة والتسامح والتعايش السلمي بين مكونات شعبنا".

واضاف، أن "الموصل نجحت في توحيدنا، وأن المشروع الوطني هو خيارنا الوحيد من أجل نهضة وازدهار البلد". 

بدوره علق المختص في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، وهو معروف بقربه من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، متمنيا أن "يكون لزيارة الكاظمي للموصل واقع ملموس، وليس ترويجا إعلاميا غير مدروس".

وقال الهاشمي في تدوينة على صفحته في (فيسبوك) إن "الموصل لا تزال تعاني من نفس الأسباب التي مكنت داعش من احتلالها قبل ست سنوات وهي الفساد، والابتزاز والمشاريع المتلكئة والضعف الاستخباري وسرقة أموال النازحين والاعمار".

وسيطر تنظيم داعش في حزيران 2014 على أكثر من ثلث مساحة العراق، وجعل من مدينة الموصل ما يشبه عاصمة لـ"الخلافة" التي أعلنها بعد انتشاره في مساحات شاسعة من سوريا والعراق.

وأعلن العراق في اواخر 2017، دحر عناصر التنظيم بعد أكثر من ثلاث سنوات من المعارك الدامية في غرب العراق وشماله، انتهت بدخول القوات الامنية بما فيها الحشد الشعبي.

وفي سياق متصل، أكد مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أن الحشد الشعبي جاهز في كل الميادين وحاضر في المواعيد الكبرى، مشيرا إلى أنه لن يخون العهد ولن يخذل الوطن ابدا.

وذكر الفياض في بيان بمناسبة ذكرى سقوط الموصل إن "العراقيين افاقوا في مثل هذا اليوم على خبر صادم وحدث مفزع تجلى بضياع كبرى مدن العراق (ام الربيعين) وسقوطها بيد داعش الارهابي، وما تلا ذلك من أخبار سقوط محافظات ومدن متعددة وذبح أهلها واستباحة حرماتها وسبي حرائرها، من قبل عصابات ظلامية مجرمة أهلكت الحرث والنسل وارتكبت بحق الأبرياء والعُزَّل افضع الجرائم والموبقات".

وأضاف أنه "لا ينسى ابدا ذلك اليوم اذ بلغت قلوب العراقيين الحناجر واشرأبت الاعناق وكاد الوطن ان يصير نهبا للغزاة، لولا ذلك الصوت المحمل بكبرياء الاجداد العظام وعنفوان التاريخ الضارب بالقدم والتضحيات، صوت الفتوى الذي اطلقه المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني مستنهضا همم الرجال ومذكرا بالنداء العظيم الذي أطلقه الحسين حين اختار الخلود (هيهات منا الذلة)".

وتابع أنه "في تلك اللحظة الفريدة من تاريخ سيظل عصيا على النسيان، لبى ابناء العراق البررة على اختلاف مشاربهم نداء الفتوى، فغصت الأرض برجال أشداء عازمين على ملاقاة الموت، موطّنين أنفسهم على الذود عن الوطن والمقدسات، غير آبهين بالماكنة الاعلامية المظللة التي حاولت أن تصور داعش على أنه عدو لا يقهر".

وأشار الفياض إلى أنه "شهد العالم أجمع كيف كان الدواعش يفرون كالجرذان المذعورة امام أبطالنا من الحشد والجيش في معارك التحرير الخالدة التي ستبقى شاهدة على ملحمة هي الأعظم في تاريخ العراق الحديث"، مبينا أن تلك "ملحمة جعلت من العراقيين قلبا واحدا يقاتلون تحت راية واحدة هي راية العراق التي أعطى أبطال الحشد دونها قوافل من الشهداء الذين وقفت أمهاتهم تطلق زغاريد النصر والفخر وتنثر الورد فوق جثامينهم الطاهرة".

ولفت الفياض إلى أن "الحشد الشعبي اذ يستذكر هذا السفر الخالد من التضحيات الجسام، يؤكد للمرجعية الدينية العليا صاحبة الفضل العظيم وللشعب العراقي الذي وضع ثقته الكاملة به أنه ما يزال قويا بل وأقوى عزيمة وتماسكا من ذي قبل، جاهزا في كل الميادين وحاضرا في المواعيد الكبرى، لن يخون العهد ولن يخذل الوطن ابدا".