الجيش ينسحب من ثغرات أمنية قرب الحدود الإيرانية وداعش يستعد للعودة

Tuesday 14th of July 2020 07:27:13 PM ,
العدد : 4723
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ المدى

انتهت المرحلة الاولى من الحملة العسكرية الاخيرة القريبة من الحدود الايرانية، بقتل واعتقال عدد محدود من المسلحين، فيما يتوقع عودة عناصر داعش بسبب عدم مسك الارض، وبقاء "ثغرات امنية".

وتسببت الحملة التي انطلقت السبت الماضي، والتي كانت في الاساس موجهة للسيطرة على المعابر الحدودية مع الجارة الشرقية، بإثارة غضب عدد من الفصائل المسلحة التي بدأت بالتصعيد ضد سياسة الحكومة.

ولأول مرة منذ اعلان بغداد القضاء على تنظيم داعش، تدخل القوات الامنية معاقل التنظيم قرب الحدود الايرانية، شرقي العراق، بقوة كبيرة تتكون من 15 تشكيلا عسكريا. ويرجح وجود العشرات من تنظيم داعش في مناطق شرقي ديالى، انشأوا تحالفات مع متطرفين من دولة مجاورة، عقب انهيار الدولة الاسلامية (المزعومة). وجاءت العملية الاخيرة (ابطال العراق الرابعة)، بعد اقل من 3 اسابيع من آخر حملة نفذت للسيطرة على "النهايات السائبة" بين محافظات: ديالى، كركوك، وصلاح الدين.

وتعد العملية الاخيرة هي الخامسة منذ مطلع العام الحالي، والـ14 منذ اعلان بغداد القضاء على تنظيم "داعش"، نهاية عام 2017. ويقول مسؤول في الحشد العشائري في شمال بغداد واشترك في العمليات الاخيرة في ديالى، لـ(المدى) ان "العملية العسكرية كانت مهمة وهزت مواقع التنظيم، لكن قد يعود داعش مرة اخرى، لان من تم قتلهم او اعتقالهم هم لا يشكلون 1% من الاعداد التي نتوقع انها كانت موجودة في تلك المناطق".

واسفرت المرحلة الرابعة من سلسلة عمليات "ابطال العراق"، والتي نفذت في الفترة من ١١ تموز الى ١٣ تموز ٢٠٢٠ الحالي، عن العثور على ٥٩ وكرًا والقبض على ٧ مشتبه بهم والعثور على ٢٦ صاروخا و٧ بنادق و٩٧ قنبرة هاون واعتدة مختلفة تضم ٩٢٠ اطلاقة".

وقالت خلية الاعلام الامني في ختام المرحلة الاولى من العملية ان "قواتنا الأمنية تمكنت خلال هذه المرحلة من قتل ثلاثة إرهابيين وجرح اثنين آخرين والعثور على صاروخ RBG7 و٥ عبوات بلاستيكية تحتوي مادة C4 وهاونين و٨ دراجات نارية ومنصة صواريخ، فضلا عن تدمير ٧٤ عبوة ناسفة والعثور على سبعة احزمة ناسفة و٦ رمانات، فيما بلغ عدد القرى التي تم تفتيشها ١٨٦ قرية".

وتقدر المصادر في ديالى لـ(المدى) اعداد المسلحين التابعين لتنظيم "داعش" قرب الشريط الحدودي مع ايران بنحو "100 مسلح". وعقب انهيار دولة التنظيم المزعومة، بدأ عناصر داعش بانشاء تحالفات مع متطرفين ايرانيين، قرب الحدود في محاولة لتعويض الخسائر.

وتشير التقديرات في العراق، إلى أن عدد عناصر داعش المتبقين يتراوح بين 2000 و3000 فرد، من بينهم حوالي 500 من المسلحين الذين تسللوا من السجون السورية والتي تقع بمحاذاة الحدود من الجهة الغربية.

ويقول المسؤول في الحشد العشائري الذي طلب عدم نشر اسمه: "نتوقع ان المسلحين هربوا وسيعودون مرة اخرى، اذا ما قامت القوات العسكرية باستكمال الحملة العسكرية والسيطرة بشكل دائم على بعض النقاط والمناطق الهشة امنيا". وفي شهري نيسان وايار الماضيين، صعد داعش من هجماته خصوصا في ديالى، حيث سيطر مرتين على قرى في شرقي المحافظة، واعلن عن خطف مزارعين وقتلهما، كما تبنى بعض عمليات حرق المحاصيل. من جهته يقول عبد الخالق العزاوي، النائب عن ديالى لـ(المدى) ان "لجنة الامن في البرلمان طالبت الحكومة منذ اكثر من 6 اشهر، بدعم وجود القوات الامنية في ديالى بسبب وجود نقص كبير في القطعات ولم يتحقق هذا الطلب".

الى ذلك حذرت جهات كردية في ديالى، من خطورة عدم معالجة "فراغات امنية شاسعة" بين القوات الاتحادية و"البيشمركة". وقال النائب عن الاتحاد الوطني في ديالى شيركو ميرويس إن "خطر داعش مازال قائما بسبب الفراغات الامنية في المناطق المتنازع عليها والممتدة من حدود نينوى الى اطراف ديالى والتي ما زالت ملاذات وبؤر لعناصر داعش". وبين ميرويس في تصريح صحفي، إن "العمليات الامنية من جانب واحد غير مجدية وتحتاج إلى تنسيق أمني واستخباري بين البيشمركة والجيش العراقي لإنهاء وجود الحواضن والاوكار الارهابية في اغلب المناطق المتنازع عليها والتي مازالت تعاني توترًا امنيًا وعمليات إرهابية مستمرة".

وتنوي الحكومة اجراء تغييرات عسكرية في المناطق التي تعرف في الدستور بـ"المتنازع عليها"، بعد تحذيرات من استغلال "داعش" نقاط الفراغ في تلك المواقع. لكن هذه الخطوات تجري ببطء وحذر شديدين، بسبب الخلافات القومية والحسابات السياسية والمكاسب التي تحققت هناك قبل 3 سنوات.

وكان القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، قد زار ديالى يوم السبت الماضي، للإشراف على انطلاق عمليات أبطال العراق / المرحلة الرابعة من (مقرات قيادة العمليات المشتركة/ ديالى والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي ). وقال الكاظمي اثناء الزيارة ان "عملياتنا هي من أجل توفير الحماية لأبناء شعبنا في المناطق التي انطلقت منها وسنستمر في ملاحقة أي تهديد للعصابات الإرهابية".

هل سيعود النازحون؟

ومن المفترض ان تعيد هذه العملية آلاف النازحين من ديالى، او الجزء الاكبر منهم الى مناطقهم الاصلية، والذين فروا في اعقاب سيطرة داعش على اجزاء من المدينة في 2014، وفي احداث امنية لاحقة. واكدت قيادة الحشد الشعبي في محافظة ديالى، تأمين قرى في مناطق شمالي المقدادية 40 كم شمال شرق بعقوبة لعودة النازحين بعد تطهيرها خلال عمليات "ابطال العراق". وقال الحشد في بيان، انه تمكن من "تأمين وتطهير 36 قرية في مناطق حوض سنسل وحنبس شمالي قضاء المقدادية" والتي نزح سكانها إبان الحرب مع تنظيم داعش. وبحسب محمد الدايني، رئيس مجلس محافظة ديالى (المنحل) لـ(المدى) ان "10 آلاف شخص مازالوا في عداد النازحين في ديالى، منذ 2014".

ونهاية العام الماضي، وعقب تصاعد هجمات داعش في شرقي ديالى، أعلنت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، عن نزوح 250 عائلة قسريًا من أطراف قضاء خانقين.

غضب الفصائل 

وكانت اغلب العمليات العسكرية السابقة لم تصل الى الحدود مع ايران، فيما تقول المصادر ان "جوانب سياسية وسيطرة بعض الجهات على المنافذ عرقلت تلك المساعي". وبعد يوم واحد من إعلان الكاظمي، إعادة افتتاح معبر مندلي مع إيران - التي تزامنت مع عملية "ابطال العراق"- و"استعادة سيطرة الدولة عليه"، أصدر المتحدث باسم "كتائب حزب الله" المعروف بـ"ابو علي العسكري"، تهديدات ضد القوات الأميركية. وهدد الكاظمي في زيارته إلى منفذ مندلي، السبت الماضي، بإطلاق النار على كل من يتجاوز على الحرم الكمركي، مؤكدا أن المنفذ تحت حماية "قواتنا العسكرية"، فيما بين أنه سيتم العمل على حماية المال العام ومحاربة الفساد. ولوح رئيس الحكومة بمعاقبة من أسماهم بـ"الأشباح" والذين يتواجدون في الحرم الكمركي لابتزاز التجار ورجال الأعمال، وتعهد بـ"تعقبهم والتخلص منهم". وأعطى الكاظمي صلاحيات للقادة الأمنيين ومدير المنافذ لمعالجة وضعها، مؤكدا أن هناك "من يحاول الشوشرة للتغطية على الفاسدين وحمايتهم"، فيما أضاف أنه سيمضي لإعادة هيبة الدولة والقانون.

وهدد حساب على (تويتر) المعروف باسم "أبو علي العسكري" الذي ينشر بيانات لكتائب حزب الله، عقب تلك التصريحات باستهداف القوات الأميركية بغية إخراجها من العراق.

وقال الحساب: "ليعلم الأمريكان يقينًا أن قرار إخراجهم لا رجعة فيه ولا تساهل ولا تجزئة، ولن يستطيع أي كان تطمينهم، أو حمايتهم، أو الالتفاف على ارادة العراقيين". وأضاف: "لا بد من استمرار المقاومة بالضغط الشعبي والسياسي والإعلامي والأمني، مع كامل الجهوزية للعمل العسكري الواسع حتى يخضع هؤلاء القتلة لإرادة الشعب"، مضيفا "إنهم لا يفقهون إلا لغة القوة وكسر الإرادة ونحن لها".