الهدوء يعود إلى التحرير بعد ليلتين ساخنتين ومحافظات الوسط والجنوب تشتعل

Wednesday 29th of July 2020 09:15:50 PM ,
العدد : 4736 (نسخة الكترونية)
الصفحة : سياسية ,

 بغداد / المدى

بعد ليلتين من المصادمات الدامية بين متظاهرين وقوات امنية في ساحتي التحرير والطيران وسط بغداد، عاد هدوء حذر الى الساحة المركزية للتظاهرات في العاصمة، فيما تم اختطاف متظاهر في شرقي بغداد.

وعلى النقيض من ذلك استمر التصعيد في مدن الوسط والجنوب، وبدأ متظاهرون غاضبون بغلق طرق حيوية ومحطات للطاقة احتجاجًا على سوء تجهيز التيار الكهربائي، فيما حدثت مصادمات مع قوات الامن.

وقتل 5 متظاهرين في بغداد، خلال اول 48 ساعة من موجة الاحتجاجات الجديدة التي تزامنت مع ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة زادت عن الخمسين مئوية، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 100 في العاصمة ومدن اخرى.

ووجه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق سريع في وقائع القتل وتوقيع أقصى العقوبة على الفاعل. وفي وقت سابق، أشارت وزارة الداخلية إلى وجود مندسين وقاتلين مجهولين بين المتظاهرين لنشر الفوضى وتأجيج الوضع بين المحتجين وقوات الأمن.

ويقول الناشط مهند البغدادي، المتواجد منذ اشهر في ساحة التحرير لـ(المدى) ان المتظاهرين مازالوا ينتظرون "تحديد الحكومة الجهة التي قتلت المحتجين واحرقت الخيم في ساحة التحرير".

وانتقد البغدادي كلام المتحدث باسم الحكومة، احمد ملا طلال، في ان القوات الامنية تبعد مسافة كبيرة عن المتظاهرين، مؤكدا ان اغلب مقاطع الفيديو التي نشرت ومنها لحظة مقتل "ابو احمد النحات" تظهر اقتراب القوات بـ"مسافة 5 امتار او احيانا اقل من ذلك".

واكد ملا طلال في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء، ان جزءا من نتائج التحقيق بمقتل متظاهرين في ساحة التحرير افادت بان "احد الشهيدين قتل برصاصة اطلقت من مسافة مترين فيما كانت القوات الامنية على بعد 45 مترا عن المحتجين".

و"النحات" والشاب "لطيف" كانا اول قتلى التظاهرات في الحكومة الجديدة، التي انطلقت يوم الاحد الماضي، قبل ان يقتل 3 محتجين آخرين برصاص قوات امنية ليلة الاثنين على الثلاثاء الماضية.

واقتحمت قوات الامن ساحة التحرير مرتين منذ اندلاع موجة التظاهرات الجديدة، فيما كان "النحات" قد قتل اثناء بثه لمقطع فيديو يصور اشتباكا قريبا جدا بين تلك القوات والمتظاهرين قرب الساحة.

واشار الناشط مهند البغدادي الى ان "الليلة الماضية لم تشهد اقتحام القوات الامنية لساحة التحرير"، مبينا ان عددا من المتظاهرين "منعوا بعض الشباب المندفعين للوصول الى ساحة الطيران لتجنب الاحتكاك مع القوات الامنية".

أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء في مؤتمره الاخير، أن الكاظمي أوعز بعدم استخدام الذخيرة الحية تجاه المتظاهرين.

وقال ملا طلال إن الكاظمي أكد "التزامه الشخصي والأخلاقي بحماية المتظاهرين"، فيما حث الوزراء على النزول للشارع والاستماع لمطالبهم.

كما قال طلال ان رئيس الوزراء "امر جميع القوات الأمنية بحماية المتظاهرين السلميين والتعاون معهم".

مختطف بسبب الكهرباء!

ومن المفترض ان تنتهي اليوم الخميس مهلة الـ72 التي حددها الكاظمي للجنة التحقيقية التي شكلت الاثنين الماضي، لتقصي حقائق احداث ساحة التحرير، فيما قال مهند البغدادي ان "متظاهرا في شرقي بغداد تم اختطافه".

واضاف البغدادي ان "جهات مجهولة اختطفت مرتضى حمودي، ليلة الثلاثاء على الاربعاء، من امام منزله في مدينة الصدر (الجوادر)"، مبينا ان الحادث جرى بعد عودة الاخير من تظاهرات امام دائرة الكهرباء في المدينة. وخلال اليومين الماضيين، تجمع العشرات من المحتجين الغاضبين في المدينة، احتجاجًا على ساعات انقطاع الكهرباء الطويلة، امام منازل اعضاء في البرلمان عن كتلة سائرون التي تملك شعبية واسعة في "مدينة الصدر"، كما طوق المتظاهرون محطات الكهرباء.

وقال رئيس الوزراء، في كلمة مباشرة، إن حكومته فتحت تحقيقا في مقتل متظاهرين اثنين في بغداد أثناء احتجاجات على تردي الكهرباء، التي قال إنه لا حل سحريا لها.

وقال الكاظمي في الكلمة نفسها تعليقا على أزمة الكهرباء: "كنت أتمنى لو كان في اليد حلّ سحري ولكن للأسف، سنوات طويلة من التخريب، والفساد، وسوء الإدارة لا حلّ لها في يوم وليلة". وتابع الكاظمي أنه: "ليس من العدل والإنصاف أن نطلب من حكومة، عمرها الفعلي شهران، أن تدفع فاتورة النهب والسلب الذي ارتكبته جماعات وحكومات سابقة".

غلق طريق الجنوب 

الى ذلك اغلق متظاهرون في بابل فجر الاربعاء، مجسر نادر الذي ربط المدينة مع المحافظات الجنوبية، في خطوات تصعيدية ضد سوء تجهيز الطاقة الكهربائية. وتجمع نحو 100 متظاهر، منذ يوم الاثنين الماضي، في الشوارع الرئيسة للمحافظة، وابرزها شارع 60، وهو احد الشوارع الرابطة بين بابل ومدن الجنوب. وبحسب ناشطين في المدنية، ان المتظاهرين "احرقوا اطارات السيارات وقطعوا المجسر"، مبينا ان التصعيد جاء بسبب "سوء الخدمات وقمع المحتجين"، وعدم اقالة محافظ بابل حسن منديل، الذي يحمله المتظاهرون مسؤولية ما يجري في المحافظة.

أعلنت وزارة الداخلية، الاحد الماضي، تكليف اللواء علي هلال جاسم العادلي الشمري، بمنصب قائد شرطة محافظة بابل، بدلا عن اللواء علي مهدي كوة الزغيبي، وذلك استجابة لطلب المتظاهرين. واتهم متظاهرون قائد الشرطة السابق باستخدام العنف ضد المتظاهرين في بابل، وطالبوا على اثرها بإقالته من منصبه، فيما طالب الاخير المتظاهرين، قبل ساعات قليلة من اقالته، بالحفاظ على سلمية الاحتجاجات. وفي النجف قال محمد شهيد، احد المتظاهرين في المدينة لـ(المدى) امس، ان "قوات مكافحة الشغب حاصرت الليلة الماضية، المتظاهرين في شارع الجنسية وحي الامير في المدنية، وتصادمت مع المحتجين". ومنذ يومين تحدث اشتباكات متقطعة بين المحتجين الذين يقطعون الشوارع بإطارات العجلات المحترقة، قرب مبنى محافظة النجف وقوات الامن، بسبب الاحتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي. ويقدر عدد المتظاهرين بنحو 150 شخصا، اغلبهم يأتون من ساحة الصدرين وسط المدينة، ويشاركهم مجموعة من ابناء الاحياء المجاورة الذين تتراوح اعمارهم بين 15-25 سنة.