حوادث قتل المتظاهرين: ما الذي يدفع القوات الأمنية إلى قتل المتظاهرين دون أوامر عسكرية؟

Monday 3rd of August 2020 08:49:24 PM ,
العدد : 4740 (نسخة الكترونية)
الصفحة : محليات ,

 متابعة/المدى

كشفت وزارة الداخلية قبل ايام عن أسماء ضباط ومنتسبين متورطين بقتل المتظاهرين، أعلنت وزارة الداخلية نتائج التحقيق بأحداث ساحة الطيران التي راح ضحيتها متظاهران اثنان منتصف ليلة 26 تموز/يوليو، فضلًا عن ثلاثة آخرين في اليوم التالي الاثنين 27 تموز/ يوليو.

وجاء هذا الإعلان كثاني حادثة من نوعها، بعد أن سبقها في أوائل كانون الأول الماضي حكم إعدام من محكمة جنايات واسط بحق الرائد طارق مالك كاظم، الضابط في قوة سوات في الكوت، وفق المادة 406 (القتل العمد) من قانون العقوبات، فضلًا عن الحكم بالسجن 7 سنوات على المقدم عمر رعد آمر قوة سوات، وفق المادة 340 من قانون العقوبات، وذلك في قضية قتل المتظاهرين مؤمل الخفاجي وحسين الكناني.

قال وزير الداخلية عثمان الغانمي خلال مؤتمر صحفي، إن "المتظاهرَين قتلا ببنادق صيد استخدمت من قبل ضابطين ومنتسب، اعترفا صراحة باستخدام الأسلحة المذكورة بشكل شخصي، وتم توقيفهم وفق المادة 406 من قانون العقوبات". وبين الغانمي أن "التحقيقات أثبتت أن الرائد أحمد سلام غضيّب، معاون آمر الفوج الرابع اللواء الثاني، حفظ القانون، اعترف صراحة باستخدام سلاحه الشخصي، (بندقية الصيد) وتم العثور عليها في عجلته ومعها 143 خرطوشًا، وشهد ضده كثير من الضباط بأنه استخدم هذا السلاح ضد المتظاهرين". 

فضلًا عن اعتراف "الملازم حسين جبار جهاد، آمر السرية الثانية، الفوج الرابع اللواء الثاني حفظ القانون، باستخدام هذا السلاح، ضد المتظاهرين"، مؤكدًا "تدوين أقوال الضابطين أمام لجنة التحقيق، وصدقت أقوالهم قضائيًا من قبل قاضي التحقيق المختص". 

وأشار الغانمي إلى أن "التحقيقات أثبتت قيام المنتسب علاء فاضل المنسوب إلى الفوج الرابع، اللواء الثاني، قوات حفظ القانون، باستخدام نفس السلاح ضد المتظاهرين واعترف أمام اللجنة التحقيقية، وصدقت أقواله قضائيًا". تساؤلات مختلفة تفرض نفسها على هذا الملف، تتمثل بالاستفهام عن الدوافع التي تجعل ضباطًا ومنتسبين "يتقصدون" قتل المتظاهرين وبدافع وسلاح شخصي، بالرغم من وجود أوامر بعدم استخدام الأسلحة القاتلة ضد المتظاهرين، وما إذا كانوا لجأوا لهذا الفعل وفق أوامر "غير رسمية". يقول المحلل الأمني والخبير العسكري صفاء الأعسم، إن "استخدام السلاح من قبل ضباط أو منتسبين دون وجود أوامر عسكرية، تحمله المسؤولية الشخصية لوحده كون هذا الجرم ارتكب بتصرف شخصي". وحول الدوافع، اعتبر الأعسم أن "التصرف الشخصي باستخدام الأسلحة المميتة ضد المتظاهرين دون أوامر عسكرية، يطرح الكثير من الشبهات، وقد تكون الدوافع أما انفعال شخصي أو انهيار، أو ارتباط بجهات أخرى غير رسمية، والدافع الأخير أمر مطروح". وبشأن عقوبة المتهمين الثلاثة وما إذا كانت تقتصر عليهم أم تمتد إلى قادتهم أو الجهات والأشخاص "غير الرسميين" الموجهين لهم، في حال توفروا بالفعل وكشفت التحقيقات عنهم، يقول الخبير القانوني علي التميمي إنه "وفق القانون العراقي مادة 24 من قانون العقوبات العسكري يكون الآمر مسؤولًا عن الجريمة ويعد شريكًا وإن لم يعط الأوامر بالقتل، وكذلك الحال للمادة 52 من قانون قوى الأمن الداخلي، وحتى قانون العقوبات العراقي حاسبت المادة 48 و49 على التحريض والتوجيه والمساعدة ويساءل القادة عن القتل العمد وإحداث العاهات والأضرار الجسدية".

أضاف التميمي إن "المتهمين بقتل المتظاهرين أحيلوا وفق المادة 406 وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتصل عقوبتها إلى الإعدام"، مشيرًا إلى أن "التحقيق سيتوصل إلى النتائج وما إذا كانوا مرتبطين بجهات أو شخصيات أخرى"، معتبرًا أن "محاكم الجنوب أصدرت أحكامًا بالإعدام لضباط قتلوا المتظاهرين والمحاكم متشددة في محاكمة قتلة المتظاهرين".

وحول إقدام هؤلاء الضباط وبعض المنتسبين على قتل المتظاهرين بالرغم من عدم وجود أوامر عسكرية باستخدام هذه الأسلحة، وما إذا اكتشفت التحقيقات باتخاذ هؤلاء المتهمين أوامر من جهات "غير رسمية" بذلك، أكد التميمي أن "كون هذه الجهات غير رسمية وأن لا أمر ولا سلطة عسكرية لديهم على الضباط، لا تعصم هذه الجهات من المحاسبة، وسيتحملون المسؤولية جنبًا إلى جنب مع الضباط المنفذين".

وأشار التميمي إلى أنه "إذا كانت هناك جهات تثبت التحقيقات وقوفهم وراء توجيه الضباط وامتثال الضباط إليهم لارتباط عقائدي أو عاطفي وغيرها، فإن هذه الجهات مسؤولة مسؤولية كاملة عن جريمة القتل، فضلًا عن محاسبتهم وفق قانون التحريض على القتل والذي يعاقب بمثل عقوبة الفاعل الأصلي".