نافذة من موسكو..في عوامل اشتداد سخونة صيف 2020 في العراق

Sunday 9th of August 2020 06:31:52 PM ,
العدد : 4745
الصفحة : آراء وأفكار , د. فالح الحمراني

 د. فالح الحمـراني

قيّم معهد الشرق الأوسط في موسكو في تقريره الشهري عن التطورات في البلاد في تموز 2020 ، الوضع في العراق بانه معقد من النواحي العسكرية السياسية والاقتصادية/ الاجتماعية مع مؤشرات توتر واضحة. وحسب رصده أن البلاد ما زالت في أزمة طويلة الأمد.

وتستمر التناقضات الحادة حول العديد من القضايا الأساسية للسياسة الداخلية والخارجية بين القوى السياسية النافذة في العراق. واشتدت في الشهر الماضي، في بغداد والمحافظات الجنوبية من البلاد ، الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة مرة أخرى ، وطالب المشاركون فيها السلطات بتحسين جودة الخدمات العامة ، وطرحوا مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية أخرى.

ونسب إلى مراقبين سياسيين ، قولهم إن "الصراع بين السلطات المركزية و" الميليشيات الشيعية "الموالية لإيران يكتسب زخماً جديدا" . وحسب تقديرهم أن"المليشيات" اقتربت من حيث العدد والقدرات القتالية من مستوى الجيش النظامي، وكل دعوات نزع السلاح تعتبرها إهانة. معيداً الأذهان الى أن مجلس الوزراء العراقي صوت في 15 تموز على "منع أي قوة سياسية ، وكذلك أي بنية مذهبية أو قبلية ، من امتلاك أسلحة [تحت تصرفها]". وصرح الكاظمي في هذا الصدد أن "السلاح يجب أن يكون [حصرياً] في يد الدولة". وفي وقت سابق ، أعلنت القيادة المشتركة للجيش العراقي أنها أعدت خطة خاصة لتشديد الضوابط في جميع موانئ البلاد البحرية ونقاط التفتيش الحدودية البرية، وأشار في هذا السياق الى سيطرة مختلف الفصائل على نقاط التفتيش الحدودية في شرقي وجنوبي البلاد وفي الشمال والغرب، موضحاً: أن اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي تقدر الإيرادات السنوية للجمارك والعائدات الأخرى من هذه المنافذ الحدودية بـ16 مليار دولار ، لكن حوالي 6 مليارات دولار فقط تدخل في الميزانية ، وبحسب مسؤول استخباراتي عراقي، "أن المافيات التي تتحكم في تلك المعابر تلجأ إلى الترهيب والتهديد عندما لا تستطيع تحقيق شيء بالرشاوى ".

في الوقت نفسه كما يرى التقرير ، أدت أسعار النفط المنخفضة نسبياً في السوق العالمية إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب بالفعل في العراق. ولوباء فايروس كورونا الجديد تأثير ملحوظ على الوضع في البلاد. ويتزايد عدد المصابين بالمرض في العراق بشكل مطرد وسريع. وعلى الرغم من عمليات مكافحة الإرهاب التي يتم إجراؤها بانتظام، إلا أن عصابات إرهابيي (داعش ) تواصل التحرك بنشاط في مناطق مختلفة من العراق. وتتعرض القواعد العسكرية التي يتمركز فيها جنود من القوات المسلحة الأميركية وجيوش الدول الأخرى التي تشكل جزءاً من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب لهجمات صاروخية منتظمة. لا تزال العلاقات الصعبة قائمة بين الحكومة الفيدرالية في بغداد وقيادة منطقة الحكم الذاتي الكردية في أربيل. لا تزال المواجهة المتصاعدة بشكل دوري بين الولايات المتحدة وإيران تشكل تحدياً خطيراً للسياسة الخارجية للعراق. في الوقت نفسه ، وكما يُظهر تقدم العمليات العسكرية ضد مسلحي "داعش" ، فإن القدرة القتالية للجيش العراقي والميليشيات الشيعية ، وكذلك قوات البشمركة الكردية ، على الرغم من التقدم المُحرز ، لا تزال بشكل عام عالية بشكل غير كاف. كما تنعكس المواجهة الصعبة المستمرة بين مختلف المجموعات والعشائر في القيادة العراقية بشكل سلبي على الوضع في الجيش وهياكل السلطة الأخرى.

ونقل عن مراقبين سياسيين أن “ العراق تواجه العديد من المشاكل والتحديات. وأهمها: الركود الاقتصادي الناجم عن انخفاض أسعار النفط العالمية. الحاجة إلى استعادة الأراضي التي دمرت خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق السنّية (محافظتا الأنبار ونينوى). والعلاقات الصعبة مع منطقة الحكم الذاتي الكردية، خاصة فيما يتعلق بتوزيع عائدات النفط ؛ والوضع الوبائي غير المواتي المرتبط بجائحة فايروس كورونا. من الواضح ان هذه المشاكل لا يمكن حلها في فترة قصيرة ". في الوقت نفسه، أصبحت "القدرة على المناورة السياسية" لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي "محدودة بشكل متزايد من قبل الميليشيات الموالية لإيران والمتظاهرين الذين يطالبون بخدمات عامة أفضل". كما أنه وحسب التقرير تستمر التناقضات الحادة حول العديد من القضايا الأساسية للسياسة الداخلية والخارجية بين القوى السياسية الرائدة في العراق.

وميز من الأحداث الداخلية في البلاد اشتداد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في بغداد والمحافظات الجنوبية للبلاد ، وانتشرت على نطاق واسع. وبدأت الاحتجاجات على عدم كفاية التيار الكهربائي في الجنوب في 8-9 تموز في محافظات البصرة وميسان دي قار والقادسية وواسط وبعد ذلك في مناطق جنوبية أخرى. قطع المتظاهرون المسارات بإطارات مشتعلة. في الوقت نفسه ، ألقى المتظاهرون باللوم على حكومة السيد الكاظمي ورئيس الوزراء شخصياً لعدم كفاية إمدادات الكهرباء. وفي الوقت نفسه تقدم المتظاهرون بمطالب لمحاربة الفساد وضد أنشطة "الفصائل المسلحة". في العديد من الأماكن ، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة وقوات الأمن.

وفي هذا الصدد ، أشار التقرير إلى أنه “بسبب حرارة الطقس، تعطلت خطوط الكهرباء والمحولات والمحطات الفرعية البالية بسبب الحمولة الزائدة عند تشغيل المواطنين لمكيفات الهواء والمراوح. في أوائل تموز ، بدأت المقاطعات الجنوبية تعاني من نقص حاد في الكهرباء. في الوقت الحالي ، يمكن لشبكة الكهرباء العراقية أن توفر فقط ربع الحمولة القصوى: المؤسسات البلدية والمستشفيات تتوقف عن العمل ، وأحيانًا لا يوجد ضوء لأيام ". وأضاف أن "الانهيار في تشغيل شبكات الكهرباء أدى إلى الإغلاق المؤقت للعديد من المؤسسات: فالمواطنون الذين تركوا بلا عمل ولم يتقاضوا رواتبهم مقابل ساعات غير العمل ، انضموا إلى صفوف المتظاهرين". في 12 تموز ، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية أن إنتاج الكهرباء في البلاد انخفض بنسبة 8٪ خلال العام.

على صعيد التدخلات الأجنبية لفت التقرير الى تنشيط الطيران العسكري العراقي الشهر الماضي خاصة في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار، عملياته العدوانية، وانتهاكه حرمة الأراضي العراقية وسيادة البلاد. وواصلت القوات المسلحة التركية في تموز، في شمالي العراق، إجراء عملية خاصة واسعة النطاق ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي. واعتباراً من 5 تموز ، وبلغ عمق تقدم القوات التركية في العراق 15 كم على جبهة بعرض 40 إلى 50 كم. وبحسب تقارير إعلامية ، أنشأت تركيا حتى الآن 24 قاعدة عسكرية على الأراضي العراقية.

واستهدف سلاح الجو التركي معسكرات حزب العمال الكردستاني وأهدافاً أخرى. في المجموع ، تم تنفيذ 10 غارات جوية في الشهر الماضي - في 2 و 3 و 10 و 14 و 17 و 19 و 20 و 21 و 26 و 29 تموز (في حزيران - 13 غارة جوية). وتجدر الإشارة إلى أن الطائرات الحربية التركية قصفت في تموز الماضي ، ليس فقط المناطق الحدودية ، ولكن أيضاً في عمق الأراضي العراقية ، ولا سيما في منطقة سنجار غربي الموصل ، في منطقة مدينة مخمور وبالقرب من كركوك.ونفذت المدفعية التركية ضربات منتظمة ضد أهداف لمسلحي حزب العمال الكردستاني في العراق. على سبيل المثال ، في 14 تموز ، تعرضت منطقة كاني ماسي في محافظة دهوك للقصف. وأدى استمرار الأعمال العدائية المكثفة في المناطق الحدودية شمالي العراق إلى زيادة عدد ضحايا البيئة والسكان المدنيين. يُذكر أن السكان يغادرون مناطق القتال.