باختصار ديمقراطي: حرية الرأي .. الأغلى

Sunday 9th of August 2020 06:38:17 PM ,
العدد : 4745
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

العودة بالزمن لسبعة عشر عاماً حيث شهدت الساحة الصحفية العراقية انبثاق مشروع مهني تحت مسمّى (المدى) مثّل بولادته استثناءً بتجاوزه مراحل النمو التدريجي بعد أن تحصّن بخبرة صنّاعه، وتمسّك بأسس العمل المهني وكسره قيود مصادرة حرية الرأي وفتحه آفاقاً واسعة أمام القرّاء لينهلوا من بحر السياسة والثقافة والرياضة وكل المجالات الأخرى.

الحديث عن مؤسّسة تنتمي لأسرتها ربّما يشعرك بالحرج حين يظن البعض أنها تمثّل جانباً من المجاملة طالما إنك جزء منها إلا أن المسؤولية المهنية والأخلاقية تدفعك الى الثبات في قول الحقيقية وإن مسّكَ بعض الضرر منها.

ولأن تجربتي الشخصية مع القسم الرياضي هي دليل على قدر كبير من الثقة بنفسي أولاً على صدق ما أطرحه ومسؤولية، أتمنى أن تصل الى القرّاء بتفاصيلها الدقيقة وبأمانة من دون أي رتوش أو انحياز لا إرادي.

في عام 2008 كنت مُقيماً في مدينة كوبنهاغن الدنماركية، وكانت علاقتي بالعمل الصحفي شبه متوقّفة وخاصة أن الساحة الصحفية داخل العراق شهدت تغييراً كبيراً اختلطت فيها الرؤى وتعدّدت الاتجاهات، وسمحت بظهور العديد من الصحف إلا أنها رسّخت نهجاً جديداً يتمثّل في إطلاق حرية الرأي للكاتب، لكن بشرط أن لا يخرج من قيود الانتماء والولاء لجهة الإصدار!

صراحة، كان من الصعب عليّ التواصل مع تلك الصحف، إيماناً مني بأن الكلمة الصادقة هي ضمير الكاتب، وحين تتلاعب بها الأهواء، وتُضعفها المجاملة، ويجرَحها مِشرط التزييف فإنها ستضع ذلك الضمير على أرصفة الذل والنسيان ..! 

لكن .. كان للصدفة موقفان معي ..الأول حين طرق سمعي وجود صحيفة (المدى) استطاعت خلال فترة قصيرة من تحقيق الانتشار وكسب ثقة القارئ بما تطرحه من آراء جريئة تعتمد المصداقية ولا تفرض حدوداً لمساحة الرأي، وهو ما لمستهُ بنفسي بعد ذلك من خلال تصفّحي الدائم لها. أما الثاني، هو حصول اتصال هاتفي مع الزميل إياد الصالحي رئيس القسم الرياضي في الصحيفة الذي شدّني بحديثه عن سياستها وكادرها المتميّز وحِرْص الجميع على الارتقاء بها من خلال ترسيخ مبادئ العمل المهني، مُرحّباً بانضمامي الى تلك الأسرة من خلال كتاباتي في الصحيفة ومجلة حوار سبورت.

منذ ذلك التاريخ الذي مضى عليه اثنا عشر عاماً وأنا على تواصل دائم لم يتوقف قلمي عن الكتابة، ولم تُثلمه سلطة الرقيب طالما أنه لا يخرق القانون ولا يُجافي الحقيقة ولا يتجاوز حدود الاخلاق أو المساس بإنسانية الآخرين.

وبالطبع، فإن لكل عمل ناجح لا بدَّ أن تواجهه منغّصات ومعوّقات إدارية روتينية كانت لكفاءة الزملاء إياد الصالحي وحيدر مدلول وإكرام زين العابدين ويوسف فعل وخليل جليل وطه كمر دوراً كبيراً في تذليلها، بينما شكّلت تلك النخبة الخيّرة عائلة مهنية ناجحة كان للعمل الجمعي وبناء جسور التواصل الأخوي الرائع مع كتّاب الجريدة أثراً في تحفيزهم على تقديم ما هو أفضل وبما يليق ومكانة المؤسسة الراعية لهم.

حقيقة أقول إن الزملاء في القسم الرياضي وخاصة في الآونة الأخيرة واجهوا هجمة غير مسبوقة قادتها بعض العناوين من مسؤولين وأقلام صحفية حين تمسّكوا بسياسة كشف الملفات بشفافية، وحققوا طفرة غير مسبوقة في جرأة الطرح وتتبّع مصادر المعلومة دون التلاعب بما يتم طرحه، فتحمّلوا كل تلك الارهاصات دون أن تثنيهم عن مسيرتهم.

إن مسؤولية التصدّي لكتابة المقال وسط نخبة من الكتّاب الخارجيين الرائعين أمثال الزملاء علي رياح ومحمد حمدي وعمار ساطع شكّلت حافزاً وتنافساً شريفاً على الإبداع والبحث عن جودة الكلمة وصِدق التوجّه حفاظًا على كسب احترام القرّاء والارتقاء بالعمل الصحفي، وبالتالي المساهمة لأن تكون المدى منبراً موثوقاً منذ انطلاقها والى ما شاء الله، فشكراً لهم جميعاً.

تلك باختصار قصّتي مع المدى ..علاقة تجاوزت مفاهيم المنفعة الشخصية بعد أن منحتني ما هو أغلى وأثمن وهو حرية الرأي ونقاء النفس بقول الحق.

مبارك للجميع إيقاد الشمعة 18 من عُمر صحيفتنا (المدى) صاحبة الرسالة المهنية والكلمة الصادقة والحيادية.