بعبارة أخرى: أوفرهم حظاً .. أم أكثرهم كفاءة!!

Monday 17th of August 2020 06:43:14 PM ,
العدد : 4752
الصفحة : الأعمدة , علي رياح

 علي رياح

تقدّرون وتضحك الأقدار! ربما لا يعلم كثير من أبناء الجيل الكروي الحالي، أن وصول العراق إلى منصة التتويج بطلا لكأس آسيا عام 2007 ، ينطوي على خلفيات ومفارقات لم تكن منظورة حتى في زمانها أو وقت وقوعها! 

خذ مثلاً واحداً أن جورفان فييرا المدرب البرازيلي – البرتغالي – المغربي الذي قاد منتخبنا إلى النصر الآسيوي الفريد ، لم يكن بين الخيارات المُـلحة عند اتحاد الكرة العراقي لتدريب المنتخب قبل البطولة بعد استقالة أكرم سلمان ، بل إن فييرا لم يكن مطروحاً في الأصل بين أية خيارات! 

في أربيل ، وتحديداً في فندق أربيل بلازا المجاور لمقر نادي أربيل حيث شاءت الصدفة أن أقيم وأن يقيم هو هناك ، عشت اللحظات التي كان فيها الألماني سيدكا يحزم حقيبة السفر مودعاً العراق نهاية تموز 2011 .. لقد انتهت المهمة التي جاء من أجلها من دون أن يحقق ما كان مأمولاً منه بعد أن كان شحيحاً ما توفر له من إمكانيات – هذه وجهة نظره! 

كان الرجل في تلك اللحظات وحيداً تائهاً كمن يذهب من إخفاق إلى مجهول ، وقد عرضت عليه إيصاله في مشوار قصير إلى حيث يعمل قريب له في شركة ألمانية لأدوات السيارات ، فقبل مُرحباً ، وكان الزملاء في طاقم التصوير شركاء لنا في هذا المشوار الذي أكد فيه سيدكا معلومة طرحتها عليه .. قلت له : هل صحيح أنك كنت المرشح الأول لقيادة منتخب العراق في نهائيات كأس آسيا قبل التعاقد مع المدرب فييرا؟!

كان جواب سيدكا قاطعاً : لقد تمت مفاتحتي نهاية شهر شباط من عام 2007 لبيان رغبتي وكذلك فوتح نادي الغرافة القطري الذي كنت أعمل مدرباً له ، وجرت مفاوضات لم تثمر بسبب بعض ما رأيته تفاصيل صغيرة لكنها مهمة في تحديد سقف عملي كي أنال الوقت الكافي في بناء المنتخب! 

المفارقة الكبيرة ليست في عدم اكتمال الاتفاق مع سيدكا واكتمال هذا الاتفاق معه بعد ثلاث سنوات أي في عام 2010 .. إنما تكمن في أن المدرب فييرا قبل بأن يعمل مع المنتخب بأقل الشروط المالية بعد أن أوضح له حسين سعيد رئيس الاتحاد بأن الأخير مَدين ولا يملك الكثير ، لكن حقوق المدرب ستصل إليه (حين ميسرة)!! 

اتساءل وأنا أشاهد قبل أيام لقاء مُعادا مع المدرب فييرا على قناة مغربية عن ارتباطه الروحي بالعراق وتعلقه الجارف للعراقيين ، عن الحدود الفاصلة بين الكفاءة العملية وحسن الطالع أو التوفيق .. كانت جهود اتحاد الكرة وحتى اللجنة الأولمبية العراقية تتجه نحو سيدكا ، بينما كان التعاقد مع فييرا الذي كان خارج الحسابات تماماً ، مفتاحاً للإنجاز الآسيوي! 

في عام 2011 لم يكن من المنطق سؤال سيدكا عمّا إذا كان سيأخذ المنتخب إلى قمة القارة الآسيوية لو أنه أمسك بزمام المنتخب قبل شهرين فقط من انطلاق مبارياتنا الآسيوية.. 

كما أنني لست في معرض الخوض في مقارنة بين كفاءة المدربَين ، هناك من هو أفضل وأقدر مني على وضع الحدود الفاصلة بين الاثنين وبالتالي الإجابة عن السؤال إياه! 

فالفوز والنجاح وإتمام المهمة بأروع صورة ، لا تترك لمثل هذه المقارنة مكاناً .. فقط أشير إلى أن الإمبراطور الفرنسي (إيطالي الأصل) نابليون بونابرت أراد أن يسند إلى أحد قادته مهمة على جانب كبير من الأهمية ، فجاء له مستشاره له بقائمة تضم خيارات عدة ، وبعد أن أمعن بونابرت النظر فيها كان رأيه : أريد أوفرهم حظا ، لا أكثرهم كفاءة! 

وفي كرة القدم .. يصدق هذا القول كثيراً .. كثيراً!