معالي الكلمة: دوري (أونلاين) !

Tuesday 18th of August 2020 06:59:04 PM ,
العدد : 4753
الصفحة : الأعمدة , عمار ساطع

 عمــار ســاطع

أخشى ما أخشاه هو أن تنطلق منافسات الدوري الكروي العراقي للموسم الجديد، عبر منصّات التواصل الاجتماعي أو عبر برامج (أونلاين) بدلًا من أن تكون تلك المنافسات الرسمية في الملاعب كما هو معتاد!

ففي الحقيقة إن موضوع بدء المنافسات أخذ حيّزاً كبيراً من الاهتمام وتعالت اصوات المطالبين بتحديد موعدٍ واضح ومعقول لافتتاح الموسم، غير أن الهيئة التطبيعية ولجنة مسابقاتها، غير قادرة على توضيح الصورة الفعلية، بسبب التخبّط أولاً وغياب الرؤى الفعلية لقضية تتعلّق بصحة الكثيرين بدءاً من اللاعبين ومروراً بمدربيهم ووصولاً للطواقم التحكيمية والمشرفين وانتهاء بالمتابعين!

ما يمكن ذكره، هو أن فايروس كورونا لعب دوراً محورياً في تعطيل الحياة وشلّ الحركة، بل إن الفايروس أوقف كل الخطوات التي من شأنها أن تعيد مسارات الأوضاع لحالتها الطبيعية، هذه الجائحة أرجأت كل شيء الى أجلٍ غير مسمّى، وفعلت فعلتها أكثر حينما أيقن الجميع أن الأمور ربّما تصل الى مرحلة التدهور إذا ما تم الإمساك بالأسباب التي دعت لأن تصل معدّلات الإصابة اليومية الى أكثر من 4000 إصابة!

وفي رأينا الشخصي، إن التقديرات الأولية تؤكد أن الإصابات إذا ما تزايدت بهذا الرقم المخيف حتى أواخر شهر آب الحالي، فإن ذلك يعني إننا بحاجة الى نحو خمسة أشهر للقضاء على انتشار هذا الوباء، وهو ما يدل على تعطيل أغلب الفعاليات وتغيير أجندات البطولات بتواريخ يتم تحديثها وفقاً، لما سيتم الاتفاق عليه مع خلية الأزمة، إن روزنامة الدوري لن تكون ثابتة ما لم يتم الحصول على الضوء الأخضر من الجهات المعنية بموضوع صحّة المواطنين!

لا أريد أن أكون متشائماً، بقدر تذكيري لمن يحاول الضغط على الهيئة التطبيعية ويستفزّها بأساليب خلق الإشكالات أو التحريض على عدم تفهّمها واقع الحال أو التأكيد على أهمية إقامة الدوري وضرورة إجراء المنافسات والتطبّع مع هذا الفايروس للتغلّب عليه، مع ضرورة تطبيق ستراتيجية (مناعة القطيع) أو التعايش مع هكذا وباء قاتل، ففي الحقيقة أن القضية برمّتها ليست كذلك، وقد ذكرتُ في أكثر من مناسبة، منها أن الوقاية من هذا الفايروس الفتّاك يفترض أن تكون بأعلى درجات الحرص والإدراك، إذ أنه ليس من الشجاعة أبداً أن نبتعد عن إجراءات الوقاية بشكل أو بآخر عبر التواجد بتجمّعات، وأبرز تلك التجمّعات، هي إقامة الدوري، إذ أن إقامة الدوري سيسهم في زيادة أعداد الإصابات كونه الأرض الخصبة لتناقل الفايروس بين الرياضيين أنفسهم!

قلتُ سابقاً إن مسألة حسم الأمور وإقرار موعد انطلاق الدوري، سيكون في أرض هشّة، لأن القرار لن يكون مسنوداً للهيئة التطبيعية وحدها، بل أن هناك جهات أعلى من التطبيعية ستتدخّل وتعمل بهدف الحفاظ على سلامة اللاعبين والجهات الداعمة (لوجستياً) والمشاركة فعلياً في إقامة الدوري الكروي، والأمثلة كثيرة، مثلما حدث في إقرار موعد الثالث من تموز الماضي لاستكمال الدوري الملغي فيما بعد، أو حتى الدوري التنشيطي الذي أقرّته التطبيعية ومُوِّعَ بطريقة أو بأخرى نتيجة حجم الضغوطات التي سُلّطتْ على قرارها!

المحصلة التي يفترض أن يعرفها الكثير من محبي المستديرة، هو إن إقامة الدوري في مثل هكذا بيئة حاضنة يتفشّى فيها وباء حصد أرواح آلاف المواطنين ولم تجد له حتى اللحظة العلاجات الكفيلة بإنهائه أو اللقاح الذي يفترض أن يوقف انتشاره، سيكون عصيباً، ويبقى على الورق فقط دون أن ينفّذ أي شيء على أرض الواقع، وإذا كنا قد كتبنا عنه الكثير، لما أقرّ الاتحاد الدولي (الفيفا) أرجاء ما تبقّى من جولات ضمن إياب تصفيات القارة الآسيوية ودفعها من تشرين الأول المقبل الى آذار من العام المقبل، لكونه يعرف حجم المخاطر التي ستلقى على عاتقه، مع التأكيد أن القضية برمّتها تخضع لأمور تتعلّق بأجندات ومواعيد مهمّة ومرتّبة أيضاً بقضايا التسويق وحقوق النقل التلفازي!

أيها الأخوة، الموضوع خرج عن سيطرة الهيئة التطبيعية وأصبحت الأمور أصعب بكثير من قرارها المُتخذ، الدوري الكروي سيبقى حبراً على ورق، ولن يجرى للأسباب التي ذكرتها، ناهيك عن حاجة الأندية المشاركة في المسابقة الى الأموال الكفيلة للنهوض بواقعها المليء بالركود، فضلًاً عن حاجتها لاستعادة خطوات البدء بالتدريبات لرفع اللياقة البدنية للاعبين ومن ثم الدخول في (فورمة) الإعداد الخاص والمباريات التجريبية دخولاً بالمنافسات الرسمية، أما ما أقرّته لجنة المسابقات فهي خطوات استباقية تحضيره سواء لإقرار دوري الدرجات المختلفة والفئات العمرية أو حتى نظام بطولة الكأس، بينما ستبقى الأندية تعيش في أجواء فترة الانتقالات وسوق اللاعبين المحليين والمحترفين والمدربين الى فترة أطول، أملاً في إضفاء أجواء التنافس بمبالغ التعاقدات!