فوبيا الحزب الشيوعي العراقي تلاحق عبد الحسين شعبان

Saturday 22nd of August 2020 07:43:34 PM ,
العدد : 4755
الصفحة : آراء وأفكار ,

 عادل حبه

في وقت سابق، قرأنا على صفحات الانترنت رسالة وجهها الرفيق جاسم الحلوائي إلى عبد الحسين شعبان بمناسبة صدور كتابه " النار ومرارة الأمل – فصل ساخن من فصول الحركة الشيوعية"، والذي يدور كما يبدو حول السيرة الذاتية للفقيد عامر عبدالله.

لقد تضمنت رسالة الرفيق جاسم حلوائي عدداَ من ملاحظاته حول الكتاب، حيث دقق وصحح بعض ما جاء في الكتاب بقدر ما يتعلق الأمر بتاريخ الحزب الشيوعي ودور الفقيد عامر عبدالله في نشاطه، منتقداً الإطناب والمبالغة في دور الفقيد عامر عبدالله، على حساب تجاهل دور الشهيد سلام عادل. وقد قال العقلاء إن المبالغة في الإطناب والمدح هو الذم بعينه. ولم تخرج رسالة الرفيق جاسم الحلوائي هذه عن إطار القراءة النقدية المهذبة والتدقيق الموثق والانحياز إلى الموضوعية والمسؤولية التاريخية لما ورد في بعض جوانب الكتاب ووجهة نظره فيه، وحول الدور الحقيقي للشهيد سلام عادل ودور الفقيد عامر عبدالله. وفي ختام رسالته طرح الرفيق الحلوائي عدداً من الاسئلة على المؤلف كي يجيب عليها الكاتب ويدقق في المعلومات الواردة في كتابه ويصححها. وهو أمر مقبول في إطار ما ينشر من دراسات نقدية وتدقيق أكاديمي بحت.

ولكن ما أثار الدهشة أن عبد الحسين لم يرد على الاسئلة بأسلوب لائق، بل انهال بانفعال عنيف وبشكل غير أكاديمي على ملاحظات الرفيق جاسم الحلوائي. فخرجت ملاحظات شعبان عن إطار الحوار البنّاء والمهذّب المفترض أن يتحلى به من يحمل شهادة عليا؟؟؟. فـ "الضوء" الذي ألقاه عبد الحسين شعبان على رسالة الرفيق الحلوائي ما هو إلاّ ضرب من التكفير الذي يحرّم على البشر مناقشة أية مادة يسطرها عبد الحسين شعبان أو من هو على شاكلته، وهي ممارسة غريبة على المحيط الأكاديمي وأخلاقياته. لقد وصف شعبان رسالة الرفيق الحلوائي بأنها "قراءة إغراضية فيها الكثير من الافتراءات على الواقع"!!!، ولم يشر شعبان إلى هذا الكثير من الافتراءات على الواقع، وكأن الحقيقة التاريخية هي حكر على عبد الحسين وليس بمقدور أحد مسها. كما تضمنت هذه "الأضواء" إساءات شخصية، عندما يصف عبد الحسين الرفيق الحلوائي بما يلي:"ولعل ذلك أمراً مثيراً للدهشة والتساؤل: أحقاً إن مستوى التفكير انحدر إلى هذا القدر من السطحية والسذاجة؟". وهكذا يصل الغرور بشعبان إلى حد بأنه يوسم من لا يتفق معه في الرأي بالسذاجة والسطحية!!!.(التشديد من الكاتب). ولم يكتف شعبان بهذه الإساءة، بل وسّع دائرة هجومه ليشمل بقيحه وسموم غيضه وتخبطه جريدة طريق الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي العراقي التي نشرت رسالة الحلوائي، ويقول:" وكنت سأهمل أو أتجاهل مثل تلك التعليقات، لكن الأمر اتخذ أبعاداً أخرى بعد نشر الرسالة في الجريدة، وحتى وإنْ كان مرجوع الجريدة أكثر من مبيعها، فإن القصد أصبح واضحاً للجهة التي تقف خلف جاسم الحلوائي، والتي تريد "أكل الثوم بلسانه" أو أنه يتطوّع لأكل " الثوم" نيابة عنها، مع أن في الثوم فوائد جمّة، وذلك لأن بعضها لا يجرؤ على السجال، وإنما يختفي وراء الآخرين"!!!. فلماذا أصاب عبد الحسين هذا القدر من التوتر والانزعاج إذا كانت الجريدة لا يقرأها أحد على حد تعبيره؟؟؟؟، أية شماتة "أكاديمية" هذه.

ويصر شعبان على تطاوله ويقول :"ولعلّ الحلوائي أو غيره لا زالوا يعزفون ذات اللحن القديم، لأنهم يعيشون في الماضي، وإن "غيرتهم" من عامر عبدلله و"حسدهم" حرّكت الكوامن الحقيقية والدوافع الدفينة، المصحوبة بالأحقاد والكيدية..."، دون أن يشير إلى مظاهر الحسد والغيرة والكيدية في رسالة الرفيق جاسم الحلوائي، علماً أن الرفيق الحلوائي لم يوجه أية إساءة ولم يبخس بدور الفقيد عامر عبدالله في الحزب. ويذهب شعبان أكثر في فقدان توازنه ليعلن " وبكلّ الأحوال فالرسالة تحمل وجهة نظر كاتبها الذي أحترمه، سواءً كان مكلّفاً بكتابتها أو كتبها إرضاءً لبعض الجهات المتنفّذة، ولكنها تمثّل رأياً لا بدّ من التعامل معه من موقع الاختلاف والاجتهاد والنقد والمسؤولية أيضاً". اني أتساءل: أي تعامل "أكاديمي" هذا الذي مارسه في رسالته؟؟.

إن الكاتب في عبارته الأخيرة يصر أيضاً على أن كل من يناقش كتابات عبد الحسين شعبان، لا بد وأنه مدفوع ومكلف ومسير من جهات متنفذة تحرك هذا وذاك لتفنيد ما يورده من عدم دقة وتزوير للتاريخ، وخاصة بقدر ما يتعلق بالحزب الشيوعي العراقي. إن إشارة شعبان إلى ذلك قد ترتد عليه، فلربما سيطرح الكثير من المتابعين والقراء على شعبان نفس السؤال عن الجهة المتنفذة التي تقف وراء شعبان وتكلفه وتموله في نشر المقالات والكتب التي تنطوي على اتهامات ظالمة وتزوير لتاريخ الحزب الشيوعي؟؟، هذا الحزب الذي وفر لشعبان الفرصة للحصول على شهادته في جيكوسلوفاكيا. وهو سؤال مشروع لأن الكاتب لا يترك مناسبة إلاّ ويوجه سمومه ضد الحزب الشيوعي العراقي دون غيره. إن شعبان في هجومه المتواصل على الحزب يتستر على المسؤول عن الكوارث التي حلّت بالعراق ولا ينبس بأي كلمة ضدهم؛ وفي المقدمة حزب البعث وسياسته الخرقاء. فهذا الحزب منزّه ولا يتحمل مسؤولية ما حل بالبلاد من وجهة نظر شعبان، فالحزب الشيوعي هو الذي يتحمل مسؤولية ضحاياه. كما أنه يتجاهل كل ما تلحقه بالشعب العراقي فصائل الإرهاب من أمثال "القاعدة" و "داعش" وحلفائهم من فلول البعث وأجهزة المخابرات العراقية السابقة وضباط الحرس الجمهوري بعد انهيار الطغيان من قتل جماعي وسلب ونهب وأخذ الاتاوات وحرق المزروعات وحجب المياه عن كل المحافظات الجنوبية وإغراق ضواحي بغداد بالمياه. ولا يرف لشعبان أي جفن ولا يتحرك وجدانه تجاه ما لحق من موت بالعشرات من الشيوعيين خاصة بعد انهيار الطاغية. فهذه الأفعال الشنيعة لا تحرك ضمير ووجدان وقلم شعبان ضد هؤلاء المتوحشين. فهل هو دليل على تواطؤ شعبان مع هذه الجهات؟؟، لربما سيكشف التاريخ عن الكثير من الخبايا والوقائع.

إن عبد الحسين يتجاهل مآثر الشيوعيين والشيوعيات وصمودهم بوجه طغيان البعث وجرائمه. فهو لا يكتب مثلاً عن ما حل بالشهيدة البطلة سحر أمين منشد من مصير درامي على أيدي أوباش البعث، وهنا أورد فقرات عن مأثرتها ليطلع عليها القارئ الكريم:

"جرحت سحر إثر مداهمة قوى الأمن دارها. والقي القبض عليها وكانت حاملاً وقد انجبت ولدها محمد وهي في السجن. وكانت قد اقترنت بالشهيد صباح طارش. وتم الحكم عليها بالاعدام بقرار من محكمة الثورة. وفي يوم تنفيذ حكم الإعدام في سجن ابي غريب، طلبت احضار بدلة زفافها وارتدت البدلة في يوم تنفيذ الحكم وهي تزغرد بعد خروجها من غرفة الاعتقال متوجهة الى غرفة الإعدام على مرأى ومسمع من السجناء وقذفت بقلادتها الذهبية عليهم مما أثار تعاطف السجناء معها ".

إن شعبان يحمّل الحزب الشيوعي مسؤولية كل هذه الضحايا التي قدمها الحزب منذ سقوط أول شهيد شيوعي، هو الرفيق شاؤول إبراهيم طويق، في بغداد عام 1946 انتصاراً للشعب الفلسطيني ضد الصهيونية وتضامناً مع الشعب المصري من أجل جلاء القوات البريطانية من أرض الكنانة، ومروراً بشنق قادة الحزب في شوارع بغداد عام 1949 ارضاءً لأرباب الحرب الباردة، ولا ننسى الشهيد عواد الصفار الذي سقط دفاعاً عن الشعب المصري ضدد العدوان الإسرائيلي الفرنسي البريطاني عام 1956.... وضحايا النكبة الوطنية في 8 شباط عام 1963، حيث يحمّل شعبان الحزب خطأ مواجهة الانقلابيين الذين كانوا ينفذون مخططاً للولايات المتحدة وشركات النفط الذين زودوا الانقلابيين مسبقاً بأسماء وأماكن الشيوعيين ومن أجل تصفيتهم قبل أن يتخذ الحزب قراره بالتصدي لهذه العاصفة الصفراء. وفي هذا يتناغم عبد الحسين "المفكر" و "الاكاديمي" مع كل أعداء الشعب العراقي في فتاويهم وسلوكهم الإجرامي ويبررها لهم.