الشاعرة أخماتوفا – مترجمة

Monday 12th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2647
الصفحة : عام ,





اضطرت الشاعرة الروسية الكبيرة آنا أخماتوفا (1889- 1966) للعمل في مجال ترجمة الشعر العالمي إلى اللغة الروسية بعد أن منعتها السلطة السوفيتية من نشر شعرها في عشرينيات القرن الماضي. لقد تم اعتقال زوجها الأول وهو الشاعر والمترجم الروسي الكبير غوميليوف في 3 آب 1921 بتهمة التآمر ضد الثورة وتم إعدامه في 24 من الشهر نفسه، وهكذا توالت الأمور وتم منعها من النشر. وفي الثلاثينيات تم اعتقال زوجها الجديد وابنها (ليف غوميليوف) والذي كان طالبا في جامعة لينينغراد الحكومية، وكتبت رسالة الى ستالين بشأن ذلك، وتم إطلاق سراح ابنها، ولكن أعيد اعتقاله عام 1939، واضطرت أثناء الحرب العالمية الثانية أن تترك لينينغراد المحاصرة، وبعد انتهاء الحرب تم طردها من اتحاد الأدباء السوفيت/ عام 1946/ ، وتوفي زوجها في السجن عام 1953، أما ابنها، فقد تم إطلاق سراحه من السجن أثناء الحرب وتطوع للقتال وساهم في المعارك ووصل إلى برلين، ولكن تم اعتقاله مرة أخرى بعد الحرب ولم يطلق سراحه من السجن إلا في عام 1956، بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي المعروف بانتقاده لستالين وسياسته. وقد عادت اخماتوفا للنشر في تلك الفترة طبعا، أما أثناء تلك السنين العجاف فقد اضطرت لتكريس نشاطها في مجال ترجمة الشعر العالمي من اجل الحصول على مبالغ من المال تساعدها على تمشية امور حياتها، وقد اصدرت عام 1956 مجموعتين ، الاولى بعنوان (الشعر الكوري الكلاسيكي)، والثانية بعنوان ( الشعر الصيني الكلاسيكي)، وبعد 9 سنوات، اي في عام 1965 صدر لها كتابان، الأول بعنوان ( قصائد عاطفية من مصر القديمة)، والثاني بعنوان (أصوات الشعراء )، وهي من أواخر كتبها، إذ أنها توفيت في عام 1966.
أشار معظم الذين كانوا يعرفونها عن قرب، أن علاقتها تجاه ترجمة الشعر العالمي كانت في الواقع سلبية جدا، وأنها لم تكن تحب ممارسة الترجمة، وأنها كانت مضطرة للقيام بذلك العمل لأسباب اقتصادية بحتة ليس إلا، ولكن يشهد الجميع أيضا، أن تلك الترجمات التي قدمتها اخماتوفا تعد قمة في الإبداع الترجمي، إذ انها استطاعت ان تحافظ على التناغم بين موهبتها كشاعرة مع ترجماتها، دون ان تمسخ خصائص الشاعر الأجنبي، اي انها استخدمت موهبتها الشعرية بشكل دقيق للتعبير الفني الرفيع دون إلغاء الشاعر الذي تترجم له، كما حدث مع ترجمات الشعراء الكبار، والذين طغت موهبتهم الشعرية على ترجماتهم لدرجة أنها أصبحت في نهاية المطاف جزءا من نتاجاتهم الإبداعية وليس ترجمة لقصائد شعراء آخرين، وهذا ما حدث – بالنسبة لتاريخ الأدب الروسي – عند بوشكين وليرمنتوف، ولنتذكر ترجمة احمد رامي لرباعيات الخيام مثلا في أدبنا العربي.
تناول الباحثون الروس ترجمات اخماتوفا بالدراسة والتحليل وبالشكل الذي تستحقه هذه المبدعة الكبيرة، وأعطونا أرقاما مدهشة عن نشاطها هذا، وقد تبين أنها ترجمت لـ(150) شاعرا، وبلغ مجموع ترجماتها (20) ألف بيت من الشعر، ولم نجد انعكاسا لنشاط اخماتوفا الترجمي بلغتنا العربية، رغم محاولات بعض المترجمين العرب تقديم إبداعها بالعربية، ونخص بالذكر الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر والدكتور برهان شاوي وآخرين.
نقدم طيا 6 قصائد من هذه الترجمات، والتي حاولنا – قدر إمكانياتنا - أن نحافظ على شفافية صياغتها الشاعرية كما جاءت عند اخماتوفا، ونتمنى أن تسمح ظروفنا بالعودة إلى هذه الترجمات الرائعة وتقديمها للقارئ العربي، كي تكتمل الصورة الفنية للشاعرة الروسية العملاقة في ذهن هذا القارئ.

قصائد من كوريا
للشاعر يون سون دو

القمر
ضئيل هو في السموات
لكنه يضيء كل الكائنات.
أين نجد مثل هذا القنديل
الذي يجعل الظلام الحالك - منير؟
انه ينظر إلينا بصمت حزين
مثل صديق مخلص أمين.

******

ماء النهر
رائع لون الغيوم
لكنه اسود يكون
بعض الأحايين.
رائق صوت الرياح
لكنها تخفت
بعض الأحايين.
ماء النهر
رائع دائما
ومتدفقا
في النهر.

******

الحجر
الزهرة
تزهر
ثم تذبل،
العشب-
اخضر
ثم إلى اصفر
يتحول.
فقط الحجر
في هذا العالم
لا يتغير.
******
القصب
لا يشبه الأشجار
بتاتا،
ولا يشبه الأعشاب
بتاتا.
أجوف- داخله،
صلب- خارجه.
ولأنه
دائم الخضرة-
فاني اعشقه.

******

قصيدتان من أرمينيا
للشاعر آ. ايساكيان
العاشق
مغني أنا،
طير في العلى،
ثروات الأرض كلها
لا حاجة لي بها
أنا.

******

اعشق الزهور
والحسناوات
في ربيع العطر والشذى،
والهمس الرقيق
اعشقه أنا،
والأغاني الحزينة
في الهدوء والسكينة...
******
النجم والحب
مدويا سقط النجم
من السماء
على صدر الأرض،
لكن الأرض
احتضنته
بصمت وخفوت،
وهكذا ينتهي
طريق النجم
ويموت.

******

اندفعت إليك أنا
بأغنية رقيقة
وحارة
مثل الدماء،
وحبي
كان ينبض بالحياة،
لكنك
كنت خرساء
وبلا حياة.