تقرير .... غائب طعمة فرمان في فيلم سينمائي

Sunday 20th of September 2020 09:35:40 PM ,
العدد : 4774
الصفحة : منوعات وأخيرة ,

علاء المفرجي

دور الروائي الكبير غائب طعمة فرمان في الأدب العراقي في هذا الإطار، يُستعاد في الوثائقيّ "ذكرى وجذور" للعراقي فاروق داوود (مُقيم في موسكو)، مساهمة منه في إبراز دور فرمان في الأدب العراقي، متناولًا في 40 دقيقة جانبًا من سيرته في الوطن والغربة (موسكو أيضًا).
قال داوود: "لا تزال شخصيات، كسليمة الخبازة وحمادي العربنجي وغيرهما، شاخصة ومحفورة في ذاكرة جيلنا على مدى 4 عقود"، وغائب طعمة فرمان يكاد يكون الكاتب العراقي الوحيد الذي يُركّب أشخاصه وأحداثه ورواياته تركيبًا حقيقيًا، كما قال الناقد جبرا إبراهيم جبرا. نزر يسير ما كُتب عن فرمان، وقليلًا ما ذكره أبناء بلده ومؤسّساته الثقافية المفتقرة إلى التقاليد. فلو فعلوا ذلك مع كلّ أديب ومبدع، لامتلأت شوارع العراق وساحاته بأسماء وتماثيل رموزٍ ثقافية وفكرية. اختيار فرمان أثار مجدّدًا قضية إهمال هذا الرمز الأدبي الكبير، الراحل قبل 30 عامًا الذي لم يذكره القطاع الرسمي، ولم يُكرَّم، ولم يتذكّره أحدٌ في الوسط الثقافي من أبناء بلده.
وقال فاروق داوود بخصوص فكرة الفيلم: "في موسكو، تعرّفت إلى الصحافي والمترجم الراحل جلال الماشطة، الصديق الدائم لفرمان. كان يعتني به كثيرًا. منه عرفت أنّ الروائي يعاني بعض ما خلّفته عمليات جراحية في الصدر. لهذا، نادرًا ما يُلبي طلبًا للقاءات جماعية بدعوة من طلبة عراقيين أو أدباء وصحافيين. قبل ذلك، شاهدت مسرحية "النخلة والجيران"، التي قدّمتها "فرقة المسرح الفني الحديث" في بغداد. كانت، بالنسبة إليّ وإلى كثيرين من أقراني، نقلة نوعية في المسرح العراقي".
أضاف داوود: "لإسم فرمان في المشهد الثقافي العراقي وقع خاص، فالجميع يشهدون لرواياته، بمن فيهم منتقدوه. في رواياته إمكانات تأثيث نصّ أدبي، كما تحمل أبعادًا اجتماعية وفنية وسياسية، تحتل مركز الثقل في أعماله، منذ بواكيره الروائية، كـ"حصاد الرحى" و"النخلة والجيران"، وصولًا إلى آخر أعماله، "المركب" (1989). إنّه أديب جدير بالنقد والبحث، استفاد بذكاء من خبرته الصحافية، وفي الترجمة لاحقًا. هذا تجلّى في فنيّة وخصوصيّة لمساته الواقعية على الحياة والأدب".
وعن لقائه بالروائي الراحل، وكيفية تعزيز فكرة صنع فيلم عنه، قال داوود: "حاولتُ الحصول على نصّ الرواية التي تمّ توليفها مسرحيًا. في مناسبة اجتماعية، تقدّمت بطلبي مباشرة من الكاتب للحصول على "النخلة والجيران"، فأجابني مبتسمًا: لم يبقَ لديّ سوى نسخة ورقية (ستانسل)"، فحصلت عليها بعد زيارتي له في شقّته المتواضعة. وحضرتُ لقاءات عدّة له مع عراقيين وطلبة، إلّا أنّه لم يكن يحتمل التجمّعات وقتًا طويلًا".
ويشير داوود إلى أنّ ما زاد فضوله واهتمامه بذلك حضوره "جلسات له مع صديقه جلال الماشطة في مقهاه المفضّل في موسكو، فصارت لديّ معطيات، بالإضافة إلى ما في ذاكرتي وإحساسي عن بغداد وأزقّتها وتداعيات المنعطفات السياسية ومرحلة الثورات والانقلابات". الوطن والغربة وما بينهما يرسم الفيلم أجواء إيحائية، محاولًا إبراز تداعيات الغربة والتجوال في أكثر من عاصمة، قبل أنْ يستقر غائب طعمة فرمان في موسكو. ويُضيء على جذوره الضاربة في أرض وطنه، والذاكرة التي تسكنها صُوَر بائسة لبغداد وأزقّتها وبيوتها المتداعية، ولأطفالٍ حفاة، ونساءٍ مُتعبات.