باختصار ديمقراطي: استقلال الأندية باستقالتكم!

Sunday 27th of September 2020 07:40:22 PM ,
العدد : 4779
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

البيان الختامي لمؤتمر الأندية الرياضية المنعقد في مقر نادي الكرخ الرياضي صباح أول من أمس السبت السادس والعشرين من أيلول الجاري جاء بمقدّمة ثورية وطنية لا غبار عليها صياغة وتعبيراً وإحساساً بمسؤولية الجميع في التكاتف ونبذ الخلافات من أجل الوصول بالوطن الى شاطئ الأمان وإتمام مسيرة البناء والاعمار ( حسب ما ورد بمقدمة البيان المذكور) وتأملت أن يكون ما يليه من مقرّرات يحاكي السرد الإنشائي الذي أبتدأت به.

المفاجأة أن ما توصّل اليه المؤتمر يناقض أهدافه المعلنة ويشق ميثاق التضامن والتكاتف الذي توشّح به المجتمعون وكان شعاراً لهم ويطرح بديلاً عنه نهجاً عنوانه الخروج عن بيت الطاعة والتلويح بالعصيان واللجوء نحو المحافل الدولية لكل من يحاول أن يفرض رأياً قانونياً وسياقاً إدارياً يخالف تطلّعات ورغبات قيادات الأندية الحالية.

دعونا نحتكم للعقل بكل ما جاء بالبيان الختامي عبر التبسيط والمقارنة بالواقع الحالي الذي نعيشه نتيجة غياب القوانين الحاكمة لعمل الأندية، ونقول إن من يطرح مشروعاً بديلاً لا بدّ أن يكون أولاً لديه التاريخ والتأثير والإنجاز الذي يشفع له الوثوق بطروحاته وقدراته على أن يكون رأيه صائباً وهو نتاج خبرته طيلة فترة عمله السابق.

وبنظرة بسيطة لسيرة الأندية العراقية خلال السنوات الماضية والتي كانت تحت إدارة القيادات المجتمعة وبمبدأ أقرب الى التوارث فإنها لم تسجّل أي نقلة نوعية على صعيد العمل الإداري أو بناء البنى التحتية أو تحقيق إنجازات حقيقية في جميع الألعاب لتتحوّل الى أشبه بلجان صرف الأموال التي كانت تستلمها من تخصيصات (الميزانية الحكومية) مع شبهات بوجود إهدار وسوء في توجيه تلك الأموال نحو مقاصدها الصحيحة هي من ساهمت في تراجع الألعاب واختفاء البعض منها وتشبّث أغلب الأندية بعلبة واحدة وهي كرة القدم لتكون عنوان لها ومبرّر لشرعية وجودها لضمان استمرار التمويل المالي لها، فكيف من أخفق في كل مفاصل الإدارة والتوجيه أن يطرح مشروعاً اصلاحياً ويفرض رؤيته التي كانت سبباً في تراجع الرياضة العراقية.

الأمر الآخر الأكثر غرابة هو المطالبة بالاستقلال المالي والإداري وفي ذات الوقت يطالب بتخصيصات مالية حكومية لتمويل نشاطاته وبخلافه فان أي محاسبة او مراقبة فإنها تدرج في نطاق التدخل الحكومي خلافاً لميثاق اللجنة الأولمبية الدولية في وقت تناسى المجتمعون أن الاستقلالية لا تعني استجداء الأموال دون رقابة وإنما هي خلق واستحداث التمويل المالي عبر الاستثمار وإيجاد منافذ أخرى فلا سلطة للأندية في فرض التخصيصات المالية على الدولة في وقت تحاول أن تخرج عن عباءة وقوانين السلطة المؤتمنة على أموال الشعب والتي خوّلها فرض إجراءات المراقبة والمحاسبة على صحّة التصرف بها، ولو بادرت تلك الأندية الى تقديم خطة متكاملة وعملية لضمان لجوئها للتمويل الذاتي لكانت مطالبتها بالاستقلالية أكثر قبول ومنطقية إلا أنها مع الأسف أكدت بتلك المطالبة بأنها بعيدة عن إدراك حقيقة المعضلة وعاجزة عن طرح البدائل، وإن كل ما يشغل تفكيرها هو كيفية المحافظة على المناصب والهروب من المراقبة والمحاسبة.

الحقيقة بكل صراحة، إن العقلية الإدارية لا بدّ لها من التغيير بعد أن جرّبت لسنوات في وقت لم تكن هناك مراقبة أو تدخّل حكومي في عملها، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً. وهو ما يؤكد أن ما ذهبت اليه مقرّرات المؤتمر لم تكن سوى محاولة لذرّ الرماد في العيون والهروب نحو ملجأ وذريعة توفر لهم الاستمرار بنهج توارث المناصب على حساب الرياضة العراقية.

ولو فرضنا حسن النيّة في كل ما خرج به المؤتمر لكان أولى بتلك الأندية الاعتراف بالإخفاق البائن أولاً، ومن ثم الإعلان على استعدادهم لتقديم الاستقالة احتراماً لتاريخهم وترك المجال لمن هم أكثر قدرة على الإبداع وإبداء الرأي في القوانين المطروحة عندها كان يمكن أن تكون مقدّمتهم في البيان الختامي متوافقة مع حقيقة النوايا المعلنة!