عن الحماية من العنف الأسري (المشروع الحكومي)

Tuesday 10th of November 2020 06:55:21 PM ,
العدد : 4808
الصفحة : آراء وأفكار ,

 مروة المساري*

صوّت مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ (4/ 8/ 2020) على مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، وأرسله إلى مجلس النواب لغرض إقراره وفق السياقات الدستورية.

ومن خلال الاطلاع على المشروع نجدّ أنه يتكون من 21 مادة، حيث أوجد تعريفين يجب أن ينطبقان على الواقعة المعروضة لكي توصف بأنها جريمة عنف أسري

التعريف الأول ، هو على الصعيد الموضوعي، حيث أعتبر كل جريمة ترتكب داخل نطاق الأسرة بأنها جريمة عنف أسري، لكنه خصها بالجرائم الواقعة على الأشخاص ولم يشمل تلك الواقعة على الأموال.

وعلى الصعيد الشخصي، فأنه حدّد الأسرة ضمن عناوين معينة، وذكر أنهم كل من تربطهم رابطة زوجية أو القرابة إلى الدرجة الرابعة، والمشمول بالوصاية أو القيمومة أو الضم وأبناء أحد الزوجين من زواج أخر.

ويضع المشروع أهدافاً له، وهي الوقاية من العنف الأسري ومناهضته والحد من انتشاره وتنمية ثقافة الأشخاص لمواجهته، فضلاً عن تحددي أفعال العنف الأسري وحماية ضحاياه، ووضع التدابير الكفيلة لمواجهة العنف الأسري واحترام الكرامة الإنسانية، ووضع آليات لمساعدة ضحايا الجريمة وتأهيل كل من الضحية ومرتكب العنف.

على الصعيد المؤسساتي، يتحدث المشروع عن إنشاء جهازين، الأول مرتبط بوزارة الداخلية يسمى بـ (دائرة الحماية من العنف الأسري)، ومهمة هذا الجهاز تلقي الإخبارات والشكاوى وإحالتها إلى قاضي التحقيق، أي بديل عن مراكز الشرطة، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للقيام بحملات التوعية.

والجهاز الثاني وهو دور الإيواء ومرتبطة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث نص المشروع على تأسيس دور للذكور والإناث، وفي الأصل أن تلك الدور مرتبطة بالدولة، مع إمكانية إنشاء دور خاصة ولكن بشرطين، إجازة وزارة العمل، وموافقة مجلس الوزراء.

وينتقل المشروع إلى تحريك الدعوى الجزائية بجرائم العنف الأسري، فقد أكد أن جميع الجرائم متى ما ارتكبت داخل نطاق الأسرة فأنها تخضع للقواعد العامة للإخبار، حتى وأن كانت الجرائم التي ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية على عدم إمكانية تحريكها إلا من المجني عليه أو يمثله قانوناً.

وهذا يعني أن لكل شخص وقعت عليه جريمة العنف الأسري، أو علم بوقوعها أن يخبر عن الجريمة، وهو خيار جوازي، لكن القانون يوّجب على المكلف بخدمة عامة الذي يعلم بسبب عمله أن هناك جريمة عنف اسري قد حصلت وكذلك الطبيب الذي علم بسبب تقديمه الخدمة الطبية بحصول هذه الجريمة أن يخبران عنها.

والإخبار كما هو معروف يقدم إلى قاضي التحقيق أو المحقق أو الإدعاء العام، أو دائرة الحماية من العنف الأسري، أو مركز الشرطة.

ويلزم القانون مجلس القضاء الأعلى بتأسيس محكمة تحقيق للعنف الأسري في كل دار قضاء.

وينص المشروع على أن المحاكمات في جرائم العنف الأسري تكون سرية ما لم تقرر المحكمة ذلك، خلاف القواعد العامة في قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على العلانية، ما لم يقرر جعلها سرية بقرار من المحكمة.

وينفرد القانون بعدد من تدابير الحماية يراها المشرّع أنها تحول دون ارتكاب الجريمة وهي عديدة أهمها منع من يخشى منه ارتكاب جريمة عنف اسري من الدخول إلى البيت الأسري لمدة 48 قابلة للتمديد مرة واحدة، أو منع الاتصال إلا لأغراض الصلح، والتوقيع على تعهد بعدم التعرض.

ولعل أكثر الإجراءات شدة وهي ما يعرف بـ "فرض الحماية" التي تصدر من قاضي التحقيق بناء على طلب المتعرض للعنف الأسري، حيث يتم الاستماع إلى الأطراف بناء على ورقة بالتكليف ويصدر قرار وفق الأدلة وإفادات الشهود بالحماية خلال 48 ساعة من تقديم الطلب، أما برده أو فرض الحماية مدة 30 يوماً قابلة للتمديد لا تزيد على 180 يوماً.

استثناءً مما ورد أعلاه، لمدير دار الإيواء أن يقرر إيواء من وقعت بحقه جريمة عنف أسري في الأحوال الطارئة لمدة لا تزيد على ثلاثة أيام ومن ثم ينظم محضراً ويرفعه إلى قاضي التحقيق ليقرر مصيره.

كما يشدد القانون على أهمية دور البحث الاجتماعي في تسوية الخلافات، وينشأ صندوقاً للأموال يدعم عملية توفير الحماية، ويوجد عقوبات للجهات التي تمتنع عن تنفيذ هذا القانون، أو أنشأ داراً للإيواء من دون إجازة.

وينتهي القانون بالأسباب الموجبة له، ويحددها بأنها لحماية الأسرة والمجتمع من آثار العنف الأسري وبغية الحد من الجرائم التي تقع وتأهيل الضحايا وردع المتسبب تماشياً مع الاتفاقات الدولية التي صادقت عليه جمهورية العراق.

* محامية