باختصار ديمقراطي: الملاعب تعالج كورونا

Sunday 6th of December 2020 09:19:33 PM ,
العدد : 4826
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

رعد العراقي

نجم رياضي آخر خطفهُ فايروس كورونا (كوفيد-19) أمام أنظار المنظومة الإدارية الرياضية بكل مسمّياتها وعناوينها، بعد أن شهدتْ ضعفاً وإهمالاً لا مثيل له في مفهوم الحماية والرعاية الصحّية لكوكبة من ممثلي البلد وواجهته الحضارية

حتى بدأت تفتُك بهم الواحد تلو الآخر بلا رحمة في وقت انتفضت فيه دول العالم لتحصين رياضييها والحدِّ من تأثير الفايروس على سلامتهم، فمن أصيب منهم لا يلبث أن يخرج معافى منتصراً عليه، بينما شبحُ الموت بات هاجساً يسيطر على أفكار من يُصاب به من رموزنا وهو يدرك جيداً إن إرادة إنقاذه تغيبُ عن حسابات المعنيين!

أي استخفاف بأرواح من قدّم زهرة حياته لخدمة البلد دون أن تكون هناك أفعال حقيقية تتناسب والدافع الإنساني الذي من المفترض أن يكون المحرّك الأول لكل إجراءاتنا للحفاظ على رموزنا الرياضية، بينما نصدم بإجراءات روتينية تافهة تكون سبباً في كتابة نهاية حزينة ومأساوية نوثّقها لتكون إدانة وشهادة تعلّق على صدور كل من تهاونَ وتهرّبَ من أداء مسؤوليته الأخلاقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه..

الراحل عبد الكريم سلمان يلفظُ أنفاسه الأخيرة تحت انظار الجميع، باحثاً عن جرعات من الأوكسجين كان يمكن أن تنقذ حياته بسبب (ورقة تحويل) طالبت بها مستشفى السلام في معرض بغداد الدولي للسماح له بدخول المستشفى، بينما عجلة الإسعاف التي كانت تنقله لا تحتوي على (جهاز الأوكسجين)! ولا أعرف أي قانون إنساني يبيح مشاهدة خطف الأرواح بكل برودة دم لأجل إجراء روتيني متخلّف لا يقف عنده أو يصرّ على المطالبة به إلا أصحاب القلوب المتحجّرة! نتساءل هنا :كم من مصابٍ ليس لديه ورقة إحالة تم نقله بشكل طارئ وهو يواجه الموت ومُنِعَ من دخول المستشفيات؟ ومَنْ يتحمّل المسؤولية في وقت أن كل بلدان العالم تحترم الظروف الطارئة وتتجاوز كل الإجراءات الروتينية لأنها تدرك أن حياة الإنسان هي القيمة العليا ولا شيء يعلو عليها، إلا في بلدنا باتت الورقة الصمّاء أثمن من حياة الإنسان!

هذا الموقف لم يكن جديداً، بل تكرّر بمشاهدهِ مع اختلاف التفصيلات مع الراحل أحمد راضي وعلي هادي وناظم شاكر كلّا منهم كان يعاني في جانب معيّن من الإهمال كان سبباً في تدهور أوضاعهم الصحّية سريعاً دون أن تتحرّك وزارة الشباب والرياضة كجزء من مسؤوليتها وتستحصل الموافقات الأصولية على تحويل إحدى المنشآت الرياضية الى مستشفى طوارئ يستقبل الرياضيين المصابين بفايروس كورونا وتجهيزه بالمستلزمات الضرورية من خلال التنسيق مع وزارة الصحّة وتخصيص الكوادر الطبية الكفوءة له لتُنهي فصلاً من المعاناة والإحراجات وتسهم في تخفيف الأعباء المالية عن عوائل الرياضيين وتؤمّن لهم مسالك سريعة وبسيطة لتلقّي العلاج كجزء يسير بلمسة وفاء نظير ما قدّموه من خدمات جليلة وخطوة أيضاً في الحفاظ على نجوم رياضتنا .

الدعوة الى إنشاء مستشفى طوارئ خاص بالرياضيين لا تعد استثناءً وتميّزاً عن بقية فئات الشعب، بل هي إجراء يدخل ضمن مفهوم التوجيه والمساعدة في جهد الدولة بمكافحة الفايروس، في حين أن كل دول العالم تمتلك كبرى المستشفيات الرياضية المتخصّصة التي غابت إرادة كل وزراء الشباب والرياضة السابقين عن تخصيّص مثيلاً لها ولو بجزء قليل من المبالغ الهائلة التي ذهبت نحو بناء الملاعب وأبواب الصرف الأخرى كي تنشِئ مستشفى متطوّر يليق برياضيي العراق.

باختصار.. المنشآت الرياضية والملاعب ليست أثمن من حياة وسلامة الرياضيين، وتحويل قسم منها الى مراكز طبية لعلاج المصابين بالوباء أصبح ضرورة لا بدّ منها ..أما ما يجري من تعقيدات إدارية بدائية لبعض المستشفيات في استقبال المرضى وخلو عجلات الإسعاف من أجهزة الأوكسجين ونحن في نعيش أسوأ الأوضاع الصحّية فتلك رسالة أخرى نضعها أمام الحكومة ووزارة الصحّة لمعالجة هذا الوضع البائس .. والخطير!