العمود الثامن: من قتل علي وعمر؟

Saturday 23rd of January 2021 10:48:13 PM ,
العدد : 4857
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

في حادث محزن مثل حادث تفجير ساحة الطيران، يصر بعض الذين لا يحبون هذا الوطن على استدعاء النعرة الطائفية ليقولوا للمواطن المسكين إن هذه التفجيرات يقوم بها السنة ضد الشيعة، وهو منطق لا يختلف كثيراً عن منطق داعش الذي يروج لأكذوبة اضطهاد السنة من قبل الشيعة.

في كل حادثة يتعرض لها هذا الوطن، يتم استدعاء الطائفية، ليقولوا للعراقي عليك أن تحتمي بطائفتك فهي وحدها المنقذ، في كل مرة نجد من يفتح لنا مهرجان الطائفية، حيث يصعد الانتهازيون على المسرح، بطبولهم، يعزفون ويهتفون في هستيريا. اليوم الكل صار يتفنن في بثّ سموم الطائفية، ليجعلوا منا أقواماً كسيحة وفقيرة وعاجزة، تتلفت حولها، تتوجس من جارها، وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى نفس الطائفة.

جميع الذين بثوا سمومهم الطائفية على مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الفضائيات كانوا للأسف "صمٌ وعميٌ" فلم يشاهدوا أو يسمعوا الأب الذي كان يصرخ "علي .. عمر"، بحثاً عن فلذتي كبده، بعد ان خطفتهما يد الإرهاب ، مثلما أراد دعاة الطائفية أن يخطفوا استشهاد أكثر من 30 مواطناً من أجل مزايدات سياسية رخيصة.. ومثلما ارتكب تنظيم داعش الارهابي جريمة قتل علي وعمر ومعهم العشرات من شهداء ساحة الطيران ، ارتكبت ابواق الطائفية جريمة لا تقل خسة ونذالة للتفرقة بين الشهداء .

هؤلاء الذين يصرخون في الفضائيات من اجل الطائفية ، هم ايضا كانوا يحرضون ضد شباب التظاهرات في بغداد والناصرية والنجف، وفاتهم أن كواتم الأحزاب لم تفرق بين شيعي وسني، حيث تساوى عندها هشام الهاشمي مع علاء مجذوب، هؤلاء الذين حاولوا أن يشيطنوا الاحتجاجات، كانوا يوجهون سهامهم إلى شباب الناصرية والنجف ويطالبون بالقصاص منهم .

مشعلوا الحرائق، هم أصحاب تسمية "الجوكرية" لشباب تشرين، وهم أنفسهم الذين شمتوا بشهداء الاحتجاجات وصفقوا حين كانت أجهزة عادل عبد المهدي تصطاد الشباب بالرصاص، ليظهروا الوجه الحقيقي لحقدهم على كل شيء عراقي.

استدعاء الطافية لإهانة شهداء ساحة الطيران، ليس اجتهاداً فردياً، بل هو عملية منظمة لإخراس أي صوت ينادي بدولة المواطنة.

اليوم هناك من يقدم حياته ثمناً لكي يعيش العراق بأمان واستقرار، ولكن هناك من يتنكر لهذه البلاد، ومن يصر على إهانتها، وأخيراً هناك من يفرح وهو يرى أحزمة داعش تلتهم أجساد الفقراء من أجل أن يبث ان يقبض ثمناً تحريضه الطائفي .

اليوم أصبحنا نرى كتاب ومدونين وبرلمانيين يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم وللتحريض ضدهم ، أحزاب وتجمعات تسخر من الوطنية وتعتبرها عارًا، فيما يطالب البعض بتهديم مدن بأكملها ، لانها من مكون آخر ، لا يتنمي اليه مشعلوا الطائفية .