تجارب سينمائية خالدة..رائعة المخرج نيكولاس روغ walkabout 1971

Wednesday 10th of February 2021 10:09:58 PM ,
العدد : 4871
الصفحة : سينما ,

أحمد ثامر جهاد

حين صدوره اعتبره النقاد أحد أهم أفلام حقبة السبعينيات ابتكاراً وأشدّها تعبيراً عن روح السينمائي الحقيقي المنحاز لخيار الطبيعة البكر وعقائد سكانها الأصليين بوجه فساد حضارة الرجل الأبيض ونفعيته المقيتة. في هذا الفيلم الذي يصوّر التضاد الحاد بين ثقافتين لهما مرجعيات مختلفة، يقول المخرج نيكولاس روغ (1928-2018)

الكثير في مشاهده المتقنة وعبر كاميرته الحساسة التي لم تترك شاردة أو واردة من طبيعة وكائنات وصحارى القارة الإسترالية إلا وخلدتها في لقطات نادرة تحتفي بحياة البراري والغابات وإجمالاً بطفولة القارة البكر وعديد خيراتها التي أساء المواطنون الجُدّد التعامل معها ومع أصحابها من ذوي البشرة الداكنة.

باختصار لقد افسدنا كل شيء من حولنا حتى أن جهاز الترانزستور الذي برفقتنا لم يعد ينقل لنا سوى أخبار لا قيمة لها عن تفاهة حياتنا الاستهلاكية، كل ذلك على خلفية ضياع فتاة شابة وأخيها الصغير في البراري بعد انتحار والدهم الجيولوجي وتعرفهم لاحقاً على شاب من السكان الأصليين يقود رحلتهم الطويلة نحو الخلاص والعودة الى حياة المدينة. في ربيع مراهقتها تجهل الفتاة بزيها المدرسي القصير كل شيء عن تفتحها الجسدي الراهن رغم حضور الذكورة البدائية ممثلة برفيق رحلتهم الودود، إذ أن طقوس الانتقال الى الرجولة في عقائد البدائيين تقتضي أن يمضي الشاب شهوراً متتالية هائماً في البرية، يكافح للبقاء على قيد الحياة بكل الوسائل الممكنة. لا لغة تواصل يمكن الإرتكان إليها للتفاهم غير لغة الجسد والإشارات والأصوات، لذا حين يعجز الشاب البدائي عن إيصال رسالة تودده الى الفتاة البيضاء يقوم بشنق نفسه على شجرة معمرة لن تعني شيئاً آخر غير الطبيعة (الأم المقدسة).