قرارات العنكوشي تطلق صفير الإنذار لمنظومة كرة القدم

Sunday 28th of February 2021 09:30:24 PM ,
العدد : 4885
الصفحة : رياضة ,

 المدرب المُقال ضحية غياب لائحة العمل في منافسات الدوري

 متابعة : إياد الصالحي

دأبت اتحادات كرة القدم في العالم على وضع أفضل صيغ اللوائح الفنية الخاصة بمسابقة دوري المستوى الأول في بلدانها لتأمين استقرار الحلقات المكمّلة مع بعضها في منظومة اللعبة (إدارة ومدرب ولاعب وحكم) وصولاً الى ختام الموسم الكروي بسلام من دون أية معضلة،

وتشكّل علاقة إدارة النادي بالمدرب الحلقة الأبرز والأكثر تأثيراً على أجواء المنافسة التي تستمد مقوّمات نجاحها من الثقة المتبادلة بينهما أو تلقي بظلال الخيبة عليها جرّاء إنهاء تلك العلاقة بقرارات متعجّلة تدفع المدرب للبحث عن نادٍ آخر يتخلّى عن مدرّبه أيضاً في عملية مُربِكة لن توقفها سوى لائحة عمل تحفظ حقوق الطرفين وتحدّ من تضاد الأمزجة في بعض الإدارات!

ولفت الموسم الكروي في العراق 2020-2021 الأنظار الى قضية غير مسبوقة عبر تاريخ تنظيمه بدءاً من أول نسخة عام 1974 بإقالة نادي الديوانية الرياضي، المؤسَّس عام 1965، أربعة مدرّبين بعد مرور 20 جولة من منافساته المُنطلقة في 25 تشرين الأول 2020، وهُم (حازم صالح، سعد حافظ، قصي منير وسمير كاظم) بقرارات شخصية من رئيس النادي حسين علي كريم العنكوشي (33 عاماً) رجل الأعمال الذي وجد في الاستثمار الرياضي فرصة لانتشال نادي مدينته من الإهمال بعد سنوات طويلة من غربته، لكن سياسة إدارته تعرّضت لانتقادات شديدة بسبب تدخّلاته المباشرة في أمور فنية بحتة أقصى عبر قرارات مُتّصِلة بنتائج فريقه في دوري الكرة أربعة مدربين، ليأتي بخامسهم لوسيانو سوريس (برازيلي الجنسية) لتغيير واقع الفريق الذي شهد استبدال أربعة عشر لاعباً! ويقف في المركز الحادي عشر برصيد 23 نقطة (5 انتصارات، 11 تعادل و4 هزائم) .

دراسة وتحليل

التغيير المتوالي للمدربين بهذه السرعة لفريق لا يمتلك التاريخ في دوري الأضواء، ولم يسبق أن حقق نتائج متميّزة في منافساته، يدعو المعنيين في الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم ليقفوا بجدية عند هذه الظاهرة المتوقع استمرارها في الجولات المقبلة، لاسيما أن هناك مدربين تعرّضوا الى الإقالة أو قدّموا استقالاتهم أربكوا استقرار الدوري، ويحتّم على لجنتي المسابقات والفنية دراسة الأسباب وتحليل دوافع النادي والمدرب ووضع أمثلة واقعية قيد المناقشة العلمية للخروج بتوصيات تُنفَّذْ ضمن لائحة عمل المدرب في الدوري وتنهي تكرار الظاهرة وتحمي حقوقه والإدارة معاً وتعزّز الاحترام لتخصّصهما.

ولم تقف حركة تغيير المدربين عند محطة نادي الديوانية، فقد شهدت الأندية الأخرى متغيّرات مهمة في المنطقة الفنية، وسجّل الموسم فكّ ارتباط عبدالغني شهد مع (الشرطة)، الروماني فاليرو تيتا (الميناء)، عمار حسين (نفط البصرة)، غالب عبدالحسين (السماوة)، أحمد خلف (الطلبة)، الكرواتي رادان كاسانين (أربيل)، حسن أحمد (النجف)، جمال علي (نفط الوسط)، أحمد صلاح (زاخو)، د.جاسم جابر (القاسم)، باسم قاسم (الزوراء) وعماد عودة (الصناعات الكهربائية) حتى انتهاء الجولة 20 يوم الأربعاء 24 شباط 2021، لأسباب مختلفة يقف في مقدّمتها عدم انسجام رؤية المدرب مع الهيئة الإدارية، وعدم إيفاء الأخيرة لحقوق عقده، وتعثّر محاولة استقطاب لاعبين مميّزين، ومنهم من ندِم على فك الارتباط مثل المدرب حسن أحمد الذي أعرب في تصريح للزميل علي سالم مقدم برنامج (كوورة) من قناة الفرات الفضائية يوم 27 شباط 2021 بـأنه تورّط بتسلّم مهمّة تدريب فريق الطلبة بسبب الأزمة المادية الخانقة، وأنه حزين على ترك فريق النجف بعدما أسهم في بناء أسس تحضيره للموسم الحالي! وهو اعتراف عديم الجدوى، وكان يفترض أن يحسب حسابه قبل اتخاذ قراره الفني.

مدربان للذهاب والإياب

بات على الهيئة التطبيعية الشروع من الآن بإعداد لائحة عمل المدربين في الدوري تعتمد ضوابط محدّدة تمنع تغيير النادي لأكثر من مدرّب في مرحلة الذهاب وكذا بالنسبة لمرحلة الإياب، أي مدربين أثنين فقط خلال مسيرة الفريق في البطولة، ولا يجوز للمدرب نفسه أن يمثل أكثر من ناديين أيضاً لما لهذه المحدّدات من فوائد على صعيد استقرار جولات الدوري والمحافظة على مستوى الفريق ولاعبيه تحت إشراف مدرب يتفهّم سلوكياتهم ويوظّف خبرته مع أسلوب لعبهم ويوطِّد علاقة نموذجية مع الإدارة طالما أن التعليمات تمنع انتقاله وفقاً لما يشاء وبالتوقيت المناسب له، وكذلك ستحدّ اللائحة من قرارات ظالمة لإدارات لا تفطِن لمسألة خدش كرامة المدرب وطعن سيرته الفنية بإقالة انفعالية، وكذلك إبعاد شبح العقوبات عن كرتنا وأنديتنا بعدما تقدّم أكثر من مدرّب بشكواه الى القضاء المحلي ومحكمة كاس الدولية لانتزاع حقوقه.

الدور المهم الذي لم تنتبه اليه رابطة المدربين أو تعمّدت عدم الخوض فيه، أنها مسؤولة عن حماية حقوق المنضوين إليها عند تعرّضهم للإقالة دون وجه حق، ولم يتمكّنوا من الحصول على بقية دُفعات عقودهم، بإمكان الرابطة رفع شكوى للهيئة التطبيعية أو اتحاد كرة القدم المؤمّل انتخاب إدارته الجديدة في الأشهر المقبلة، وتوجه الرابطة الى القضاء إذا لزم الأمر كون رئيسها عضواً في الهيئة العامة للاتحاد، وبالتالي لا بدّ أن يكون صوتها عالياً دفاعاً عن أي ضرر يمس المدرب مراعاة لجهوده وسيرته وتاريخه وانتمائه للمهنة وما يعكسه ذلك من اعتزاز اعتباري بمكانة المدرب العراقي أمام أسرة اللعبة في العراق وخارجه.

الدوري المحترف

لائحة العمل المقترحة ستكون فاعلة أكثر مع ضبط تنظيم المسابقة بـ 16 فريقاً في المواسم المقبلة، فما أفرزته مشاركة 20 فريقاً من تداعيات مؤسِفة على صعيد النتائج وقيمة اللاعبين ودور مدربيهم، أكدت أن بعض الفرق لا تستحق التواجد تحت الأضواء، وإن امتلكت مشاركات متعدّدة سابقاً أو انتزعت بطاقة التأهيل عن دوري الدرجة الأولى باستحقاق، فالمستوى الأول لبطولة كرة القدم يعني العمل الاحترافي في كل جزئيّاته من شهادات المدربين وعقود المحترفين وأرصدة الأندية المالية والمنشآت الحديثة والتسويق بمجالاته المتعدّدة، وعندما يُنظّم العراق دوري المحترفين يكون لزاماً على مدربي المستوى الأول أن يحملوا شهادة (Pro) مثلما يفرض الاتحاد الآسيوي لكرة القدم هذا الشرط في مسابقاته، وكلّما أرتقى الدوري العراقي بضوابط علاقته مع الأندية لن يجد لظاهرتي الديوانية والطلبة ولا أي نادٍ يواجه ارتباكاً فنياً مساحة للاستغراب والشجب والتظلّم .. وربّما التندّر!