باختصار ديمقراطي: هيكلة وزارة الشباب والرياضة

Sunday 28th of March 2021 09:44:18 PM ,
العدد : 4909
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

دأبت دول العالم الى إجراء مراجعة وتقييم دوري لكل مفاصل الدولة سواء كانت وزارات أم مؤسّسات عاملة، مع فحص دقيق للتشريعات والقوانين الخاصة بها، والوقوف على سلامة تطبيقها، ومدى ملاءمتها لخدمة الأهداف المرسومة لها وفقاً لما هو مخطّط للحاضر والمستقبل.

العملية تستهدف تحسين الأداء وتنظيم الأعمال وتقليص حلقات الروتين الإداري وتعدّد السُلطات الحاكمة، وضغط الانفاق غير المُبرمج، وتوجيه الأموال نحو مقاصد أكثر فائدة وتعظيم الموارد تماشياً مع توجهات العالم الحديث بتحويل مفاصِل الدولة من نظام المستهلك الى المنتج عبر تطبيق الاستثمار الواسع.

في الجانب الرياضي، السلطة العليا هي وزارة الشباب والرياضة تعمل وفقاً للقانون رقم 25 لسنة 2011 الذي بيّن الأسباب الموجبة لاستحداث الوزارة بما نصّه (لتفعيل قطّاعي الشباب والرياضة وتنظيمهما وتطوير الأنشطة الثقافية والفنية والعلمية والرياضية ورفدهما بالوسائـل المتطوّرة بما يليق بمكانة العراق ودوره الفاعل في محيطه الإقليمي والدولي وفقاً لأحكام الدستور) بينما حدّدت المادة (3) أهداف تشريع هذا القانون بـ (4) نقاط توجّهت أغلبها نحو إعداد وتحصين وتأهيل الشباب فكرياً وسياسياً وعلمياً واجتماعياً وثقافياً ورياضياً وإقامة الأنشطة الثقافية والعلمية وغيرها.

السؤال الأبرز: هل جرى إعداد تقييم شامل لحقيقة نجاح الوزارة بالنهوض بواقع الشباب العراقي مقارنة بالأموال التي صُرفت طيلة سبعة عشر عاماً سواء لما هو مُقرّر وفقاً لأبواب الصرف المعتمدة في الميزانية العامة أم كرواتب وإيفادات وحوافز مخصّصة للجهاز الإداري الكبير الذي يُدير الوزارة؟

الجواب بكل صراحة يمكن أن نستنتجه من خلال الواقع المرير الخطير الذي يمرّ به قطاع الشباب من ارتفاع نسب التخلّف الاجتماعي والثقافي وانتشار آفة المُخدّرات وتسرّب أعداد كبيرة من الطلبة من المدارس وتنامي مستويات البطالة واختفاء شبه تام للأنشطة الثقافية والفكرية، ومَهْما بَرّرنا من أسباب فإن المسؤولية ستتجه نحو عدم قدرة الوزارة على مسك ملفي (الشباب) و(الرياضة) بتوازنٍ واستقلالية لا تسقط حق أحّدهما عند التطبيق أو تداور الأموال تحت ذريعة أن الوزارة واحدة!

منذ 2003 وحتى الآن، تعاقب على قيادة وزارة الشباب والرياضة ستة وزراء بمختلف تخصّصاتهم العلمية وقدراتهم الذاتية، إلا أن شفرة تطوير القطاع الشبابي ظلّت عصيّة على الجميع بعد أن طغت الرياضة ومشاكلها ومساحة الاهتمام الإعلامي الذي توفره نتيجة جولات المنازلة بين الوزارة واللجنة الأولمبية على مدار السنوات السابقة، وتسبّبت في إهدار الأموال والوقت، وأطاحت بأهداف حسّاسة كان يمكن أن تسهم في الارتقاء بالواقع الشبابي بدلاً من تركه ضحيّة الظروف والإهمال وغياب الإرادة والتخطيط.

وطالما أن الرياضة هي مَن استحوذت على أغلب توجّهات الوزارة في وقت أن هناك لجنة أولمبية وطنية تتمتّع باستقلال مالي وإداري مع إقرار قانون الاتحادات الرياضية الذي منحها الاستقلالية المالية والإدارية، إضافة الى وجود لجنة الشباب والرياضة البرلمانية، فإن المنطق يفرض التفكير جدياً نحو إعادة النظر بهيكلة وزارة الشباب والرياضة واستحداث (هيئة الرياضة) وتقليص الصلاحيات الممنوحة لها ورفع الكاهل المالي عن ميزانية الدولة من خلال ربط الشباب بوزارة الثقافة الأكثر قُدرة على تنفيذ برامج تطوير هذا القطّاع وفقاً لما مرسوم له وإجراء مُناقلة للموظّفين العاملين من ذوي الاختصاص لها.

تتجه هيئة الرياضة (المُقترحَة) نحو المتابعة الإدارية وإدارة المنشآت الرياضية، وتطرح للاستثمار الخارجي بعقود طويلة الأمد تصبُّ في صالح الأندية الرياضية لغرض تعظيم الموارد المالية والتحوّل نحو الاعتماد الذاتي بدلاً من استنزاف ميزانية الدولة، وبذلك نكون قد قلّصنا حجم الانفاق، وضيّقنا حلقات الفساد، ودَعَمْنا الأندية الرياضية، وفتحنا آفاق جديدة لتنشيط عملية توافد الشركات المتخصّصة بالاستثمار وإدارة المنشآت الرياضية التي ستكون من مصلحتها العمل على الترويج بإقامة البطولات واستقطاب الوفود والمنتخبات الخارجية، وهي شهادة ستصبّ في صالح إثبات استقرار الوضع الأمني وعودة الفعّاليات الى الملاعب والمنشآت الرياضية العراقية.

باختصار.. خطوة إعادة هيكلة وزارة الشباب والرياضة تحتاج الى دراسة علمية ورؤية مهنية جريئة تعتمد لغة الأرقام والنتائج على أرض الواقع بعيداً عن لغة المصالح الشخصية عندها سيكون القرار وطنياً خالصاً ينتصر للشباب ويُحرّر الرياضة من تعدّد الصِراعات ويوقِفْ نزيف الأموال بغير مقاصدها المفترضة!