معهد دراسات: استطلاعات الرأي أبعدت المستثمرين الأجانب عن العراق

Monday 26th of April 2021 10:52:00 PM ,
العدد : 4931
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة/ حامد احمد

الفساد من اعلى المناصب الى اقل منصب سياسي محلي هو احد العوامل الرئيسة التي تمنع العراق من الحصول على سلام ونظام وتقدم اقتصادي. وأصدرت الحكومة مذكرات القاء قبض بحق 58 مسؤولا بتهم فساد وهذا الرقم يعد دليلا صارخا على مدى عمق نخر الفساد في البلد .

ما بين كارتلات فساد مسؤولين سياسيين ورجال اعمال وفصائل مسلحة الذين يوزعون أموال دولة فيما بينهم، وكذلك حكم اخير من المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار ICSID الذي يخدم فقط لاقرار الوضع الراهن وتطويق الرشاوي حتى اكثر، فان الوضع بعيد جدا عن الايحاء بالثقة بين مجتمع الاستثمار الدولي، التي تكون مساعدتهم ماسة جدا للمساعدة في اعادة بناء اقتصاد البلد المنهار، ويشكل ذلك ايضا ضغط متزايد على رئيس الوزراء الذي تم انتخابه وفقا لوعود محاربته للفساد .

يمكن ارجاع مرحلة وضع البنى التحتية الجائر للعراق الى عقدين من الزمن عند الغزو الاميركي للبلد عام 2003 وحصول فراغ امني.

محاولات أميركا فشلت على نحو بائس في إصلاح نظام برلماني فيه حيث ساهم ذلك بانشاء نظام سياسي انتعشت فيه المحسوبية وتضخم فيه القطاع العام على نحو غير مستقر. ومابين عام 2004 و2016 تضخمت قائمة موظفي القطاع العام للدولة من 850,000 الف موظف الى مابين 7 و9 مليون موظف، مع حصر جميع مناصب الوظائف العليا للذين لهم ارتباطات بجماعة النخبة .

ليس فقط الوظائف الحكومية في دوائر البلد التي توزع وتمنح بشكل غير عادل او تباع للذي يدفع اكثر ايضا. بل هناك قائمة مناصب دائرة الكمارك المغرية التي يصل ثمن منصب كاتب صغير فيها وفقا لتقرير فرانس برس الى مايزيد على 100,000 دولار رشوة، لتنصيب نفسهم في اماكن مربحة حيث يقومون بالمقابل بقبول وثائق متلاعب بها دون الكميات المرخص بها من بضائع وعدم توضيح الحمولة المحددة. ولاجل كشف حجم التلاعب في بعض هذه الانواع من النصوص تمكنت الحكومة من جمع 818 مليون دولار رسوم كمركية عام 2019 والذي اعتبر ذلك تطورا مهما عن العام الذي قبله والذي جمعت فيه الحكومة 768 مليون دولار. لكن الرقم الحقيقي الذي من المفترض ان يجنى من رسوم الكمارك يقارب مبلغ 7 مليارات دولار . بدون ادنى شك كان لذلك تأثيره الكبير على مواطني البلد وذلك بوصول معدل البطالة العام الماضي الى نسبة 31.7 % مع وصول معدلات الفقر الى 41%. والناس غاضبون، حيث وجد استطلاع اخير بان 82% من ابناء العراق قلقين او قلقين جدا ازاء فساد على مستوى عال، وان الاحتجاجات العامة اصبح وقوعها أمرا اعتياديا. هذا الوضع المتطاير اصبح غير جاذب لمستثمرين اجانب محتملين.

الضرر الذي لحق بثقة المستثمر الاجنبي يهدد بإلحاق الاذى أكثر بالاقتصاد العراقي، في وقت يكون فيه اعتماده غير الصحي على الصناعة النفطية قد تضرر اصلا بسبب هبوط اسعار النفط ونقص الطلب عليه الناجم عن تفشي وباء كورونا. في الواقع ان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يتعامل الآن مع مشاكل ملحة في جبهات مختلفة، رغم ان الفساد يبقى القاسم المشترك والصفة العامة لجميعها وان الاولوية الكبرى في برنامج عمله اعطاه موقفه القوي للتصدي للموضوع قبل انتخابه .

وما يحسب على رصيده، فانه قد حقق خطوات ثابتة في هذا المجال. بعد فترة قصيرة من تسلمه للسلطة في أيار من العام الماضي شكل لجنة لمعالجة الفساد عبر النظام السياسي وفي غضون الثلاثة اسابيع الاولى من عمل اللجنة تم القاء القبض على ما لا يقل عن سبعة مسؤولين، مما كشف ذلك عن اصراره وحسن ادارته للقضية . مع ذلك فانه على الرغم من ان اصدار مذكرات القاء القبض الاخيرة هي بحد ذاتها تصعيد آخر من جانبه في حربه ضد الفساد، فان عمليات القاء القبض الفردية هي كما لو كنت تحاول إطفاء سعير هاوية بمسدس ماء. ما يتطلب فعله في الواقع هو اصلاح شامل لمنظومة، والتي اقر حتى مستشاريه الكبار بأنها قد تكون فوق قدرة رئيس الوزراء المقيد .

على الرغم من ذلك فانه يتوجب على الكاظمي ان يخطط لمسلك عبر هذه الفوضى. عمله هذا سيشتمل على الاعتقال وازالة التفاحات الفاسدة من النظام السياسي كما بدأ بحملته هذه، ولكن سيتطلب ذلك ايضا اندماجا اكبر مع مجتمعات مدنية كرست نفسها لمحاربة الفساد وخلق دولة اقوى واكثر ثقة تهدئ من مخاوف مجتمع الاستثمار الدولي .

الطريق قدما في مكافحة الفساد تكتنفه مخاطر وهو طريق طويل، ولكن على الكاظمي الآن ان يشدد من حملته ويظهر نفسه بانه الشخص المناسب لقيادة الشعب العراقي بهذا الاتجاه .

عن: معهد ديفدسكورس الدولي